المحكمة العليا الليبية في قلب العاصفة

11 أكتوبر 2014
سيفاقم التأجيل المشكلة بدلاً من حلّها (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

أجّلت الدائرة الدستورية في المحكمة العليا الليبية، الأربعاء، النظر في الطعون المقدمة أمامها بشأن عدم دستورية انعقاد مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق إلى 20 أكتوبر/تشرين الأول الحالي.
وكان أعضاء في مجلس النواب الليبي تقدموا بطعن دستوري في 7 أغسطس/آب الماضي على انعقاد مجلس النواب الليبي في طبرق بعد انعقاده بثلاثة أيام، ثم توالت الطعون أمام الدائرة الدستورية، بحسب قانون انتخابات مجلس النواب، بموجب التعديل الدستوري السابع، الذي أقرّه "المؤتمر الوطني العام" (البرلمان السابق)، ونجم عنه مرحلة انتقالية ثالثة، وكذلك الطعن على قرارات أصدرها مجلس النواب الليبي، كدعوة الأمم المتحدة بضرورة التدخل العاجل بدعوى حماية المدنيين ومؤسسات الدولة، وإصدار قرار اعتبر فيه مجلس النواب الليبي قوات ما يُعرف بـ"فجر ليبيا" منظمة إرهابية.

وفي حال أقرّت المحكمة "عدم دستورية التعديلات"، فإنه سيعني حكماً عدم دستورية التعديلات الدستورية والقوانين الانتخابية والقرارات الصادرة من مجلس نواب طبرق، ولا تترتب أية مفاعيل قانونية أو سياسية في الماضي (مفعول رجعي) أو في المستقبل عليها.

وبحسب العضو الرافض لانعقاد مجلس النواب في طبرق، عبد الرؤوف المناعي، فقد أفاد "العربي الجديد"، بأن "محاميي الدفاع طلبوا ضمّ طلبات الطعون في ملف واحد، وإصدار حكم بحقها جميعا في جلسة واحدة، بدلا من الحكم في جلسات منفردة ومتباعدة زمنياً".

وكان مصدر من داخل المحكمة العليا الليبية، رفض الكشف عن اسمه، أشار لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الدائرة الدستورية كانت ستؤجل جلسة النطق بالحكم إلى 12 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، لولا طلب ضم ملفات الطعون في ملف واحد وحزمة واحدة".

في 25 مايو/أيار الماضي، منح "المؤتمر الوطني العام" (البرلمان السابق) الثقة لحكومة أحمد معيتيق بواقع 83 صوتاً من أصل 93 عضوا حضروا الجلسة، إلا أن أعضاء في "المؤتمر" قرروا الطعن في شرعية جلسة "المؤتمر" أمام الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا في الأول من يونيو/حزيران الماضي، وأصدرت الدائرة الدستورية حكمها بعدم شرعية جلسة "المؤتمر" التي مُنح فيها معيتيق الثقة في التاسع من يونيو/حزيران الماضي، أي خلال الأيام الـ10 فصلت العليا في الدعوى المنظورة أمامها.

وجاءت سرعة الفصل في دستورية قرار "المؤتمر" في ظروف كانت كتائب "القعقاع" و"الصواعق" و"المدني"، الجناح المسلح لحزب "تحالف القوى الوطنية" (محمود جبريل المقيم في الإمارات)، تسيطر فيه على العاصمة طرابلس. وبحسب مراقبين، فإن المحكمة العليا كانت تعمل في ظروف مريحة بسبب هذه السيطرة.

بينما يقول آخرون إن "هذه الكتائب وجناحها السياسي، مارست ضغطاً على العليا، بالإضافة إلى تعاطف بعض مستشاريها مع حزب تحالف القوى الوطنية المعارض في وقتها لحكومة معيتيق". واستندوا في ذلك على محاولة أحد مستشاري المحكمة العليا، التوسط في عقد جلسة حوار بين رئيس "التحالف" محمود جبريل، ورئيس حزب "النهضة" التونسي راشد الغنوشي، كجزء من محاولة تفكيك الأزمة الليبية، خاصة بعد سيطرة قوات "فجر ليبيا" على كامل العاصمة طرابلس.

ورفع برلمانيون، ومنتسبو مؤسسات مجتمع مدني وشخصيات عامة دعاوى بعدم دستورية مجلس النواب الليبي في السابع من أغسطس/آب الماضي، ولم تفصل الدائرة الدستورية إلى الآن في هذا الطعن. ويشير مراقبون إلى أن "المحكمة العليا الليبية تقع تحت ضغط من نوع آخر، وهو سيطرة قوات فجر ليبيا، المعارضة لانعقاد مجلس النواب الليبي في طبرق".

في ظن بعض المراقبين، أن اللعبة ليست متعلقة بسرعة الفصل من عدمه في دستورية مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق، بقدر ما هي متعلقة بترتيبات سياسية وأمنية من المحتمل حدوثها قبل تاريخ 20 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وهو موعد الجلسة الثانية للنظر في الطعون المجتمعة ضد دستورية التعديل السابع من الإعلان الدستوري، وقانون انتخاب مجلس النواب، وشرعية انعقاده في طبرق، والقرارات المثيرة للجدل التي اتخذها.

ويشير المتابعون إلى جملة من المعطيات تطرح تساؤلات بشأن دوافع التأجيل الحقيقية، إذ يقوم في هذه الفترة رئيس حكومة مجلس نواب طبرق عبد الله الثني، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، بزيارات مكوكية للخارج قبل 20 أكتوبر/تشرين الأول لجمع التأييد السياسي والدعم اللوجستي، وبات حديثهم عن الدعم العسكري علناً بلا مواربة، في غياب أي انتقاد دولي أو إقليمي.

وتشير معلومات إلى أن "هناك جلسة حوار مغلقة غير معلنة في الجزائر يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، قد يشارك فيها مندوبون عن اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ورئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، قد تحقق لهم تقدماً سياسياً قبل موعد الجلسة الثانية".

ناهيك عن الاهتمام الدولي والإقليمي والإعلامي بالأنباء الواردة بخصوص مبايعة وشيكة لـ"تنظيم الدولة" (داعش) في درنة قبل 20 أكتوبر لوالٍ من السعودية ولقاض من العراق، وبالتالي الارتكاز على واقع سياسي يقوم على محاربة الإرهاب في شرق ليبيا، باعتباره لغة عالمية غير قابلة للنقاش أو الجدل.

ثمة أسئلة كثيرة مطروحة، لكن الإجابات الدقيقة قد تأتي مصدقة لها أو نافية قبل 20 أكتوبر، أي قبيل إصدار الدائرة الدستورية في المحكمة العليا حكمها.
المساهمون