المتحف الحربي بالقلعة

30 يوليو 2017
يُعدُّ احتفاءً وتمجيداً للتاريخ العسكري العربي الجديد)
+ الخط -
رغم أن الدولة المصرية مرّت بأطوار حضارية ودينية مختلفة، فإن الحضارة الفرعونية ومبادئها، لا تزال صاحبة الحضور الأقوى في الحياة العامة، فتمجيد الحاكم الفرعون الإله، هو المذهب السياسي والاجتماعي المعروف بشعبيته في مصر، إضافة إلى التيه والفخر بمنشأ الحاكم والمؤسسة التي نشأ منها، وهي الجيش، وإسباغ ألوان مختلفة من القداسة والحصانة والعبادة عليهما.
يطالعك هذا الفكر بمجرد دخولك إلى منطقة المتحف الحربي في قلب قلعة صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة، فتمثال إبراهيم باشا يستقبلك كأحد أبطال الجيش المصري التاريخي. يقع المتحف في الجزء البحري الغربي من القلعة في منطقة قصور الحرم الثلاثة، ويشرف على جبل المقطم ومدخل القلعة المسمى باب المدرج. وهذه القصور الثلاثة أنشِئَت في أوائل القرن التاسع عشر (سنة 1812م)، وكان يحيطها جدار واحد يضمها سوياً ليمنع رؤية ما فيها من حرمات الباشا الكبير.
المتحف إلى حد كبير يُعدُّ احتفاءً وتمجيداً بالتاريخ العسكري المصري، برغم أنه يولي اهتماماً قليلاً بالعصر الفرعوني الذي كان العصر المؤسس لعسكرة الدولة المصرية. ولكن معظم التركيز ينصب على الفترة الحديثة وحتى العصر الحالي. وتوجد مدافع حديدية بالمتحف منذ القرن الثامن عشر، وبعض المعروضات التي قد تمثل العصر الإسلامي، مثل المنجنيق الذي تقول اللوحة المرفقة به إنه من النوع نفسه الذي استخدمه جيش النبي محمد.

من الطريف في المتحف هذه اللوحة الواصفة للمنجنيق، فهي تتحدث عن الغرض منه على أنه رمي السهام! والصخور لتدمير القلاع وكذلك رمي كرات النار، وأيضاً رمي العقارب والسلال المملوءة بالتراب، وهذه الأخيرة من أطرف ما يمكن معرفته عن مهام المنجنيق التاريخية.
وكان المتحف قد أنشئ بداية في عام 1937 داخل مبنى وزارة الدفاع القديم بشارع الفلكي، بوسط القاهرة الخديوية، وكان الضابط عبدالرحمن زكي، وهو مؤرخٌ عسكري، هو صاحب فكرة تأسيس المتحف. ثم انتقل المتحف رسميا إلى القلعة في نوفمبر/ تشرين الثاني 1949، واستمر هناك على حاله حتى جرى تجديده وتطويره في عهد حسني مبارك ثلاث مرات، الأولى في 1982 والثانية في 1988، والثالثة عام 1990 بالاشتراك مع كوريا الشمالية، ثم افتتح في سنة 1993. وهناك لوحة على الحائط تصف كيف تم وضع هذه اللوحات الجدارية "رمزاً للتعاون المتبادل" بين حسني مبارك والرئيس كيم إيل سونغ، رئيس جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية.
وتوجد بالمتحف عدة قاعات رئيسية، هي: قاعة المجد، وفيها الأعلام والرايات منذ العصر العثماني وحتى الآن، وأعلام الجمهورية وأعلام الفروع الرئيسية للجيش، والأعلام التاريخية للمناطق والقيادات والوحدات التي اشتركت في حرب أكتوبر/ تشرين الأول. وقاعة الملابس؛ وفيها نماذج لتطور الملابس العسكرية وأزياء الجنود منذ العصر الإسلامي وحتى الآن. ثم قاعة الأسلحة، وتحوي العديد من الأسلحة سواء البيضاء كالسيوف والخناجر والسهام والدبابيس (قضيب ذو رأس مسنن ثقيل) وكرات الحديد المسلسلة، وحتى الأسلحة النارية والمدافع ومراحل تطورها. كما يوجد مدفع هاون من عهد محمد علي عيار 330 مللميترا، والذي صنعت منه كميات كبيرة، كما تقول اللوحة المرافقة، ولكن لم يعرف أحد متى أو أين استخدمت هذه الكميات.

وهناك قاعة العصر الإسلامي التي تعرض غزوة بدر الإسلامية، ثم تنتقل إلى مجرى الأحداث العسكرية منذ فتح عمرو بن العاص لمصر، ومعركة حطين ضد الصليبيين ومشاهد لأسر الملك لويس التاسع في المنصورة في عهد توران شاه آخر سلاطين عهد الدولة الأيوبية، ثم معركة عين جالوت التي انتصر فيها الجيش المصري وقادته من المماليك.
ثم قاعة محمد علي باشا الكبير، وهي تعرض تاريخ أسرة محمد علي منذ توليه الحكم وترسيخ سلطانه بمذبحة القلعة، ثم لوحات لعمليات ترتيب جنود الجيش بالمدرسة الحربية في أسوان وقتها، لتكون في منتصف المملكة المصرية التي كانت تضم السودان وغيرها.



دلالات
المساهمون