الليبيون يعودون إلى مهن مندثرة

16 نوفمبر 2015
أوضاع اقتصادية صعبة يعيشها الليبيون (فرانس برس)
+ الخط -
دفعت الأوضاع الاقتصادية المتأزمة المواطنين الليبيين إلى العودة نحو مهن قديمة قد اندثرت منذ سنوات. إذ يلجأ المواطنون إلى هذه الأعمال لتأمين لقمة عيشهم، بعدما تسببت الحروب في ضياع مصادر أرزاقهم.
يجول عثمان زيدان في الأحياء الشعبية داخل العاصمة طرابلس لجمع الخبز اليابس من المخابز والمنازل، وهي مهنة قديمة، كان الليبيون يلجؤون إليها، بقصد الحصول على مداخيل عبر بيع فتات الخبز كأعلاف للمواشي. يقول زيدان لـ "العربي الجديد": "أجول في شوارع العاصمة بحثاً عن فتات الخبز اليابس، كونه يعتبر من الأعلاف الطبيعية للحيوانات، وأقوم بجمع فتات الخبز ومن ثم بيعها إلى تجار العلف، وأتقاضى ما يقارب 120 ديناراً أسبوعياً"، مشيراً إلى أنه لجأ لهذا العمل، لتأمين لقمة عيش عائلته.
يعتبر زيدان مثالاً لمئات المواطنين الذي يعملون بمهن متقطعة أو كأجراء مياومين، إذ إن محمد الترهوني (40عاماً) يعمل في مجال صناعة الأبواب والنوافذ، وبأجر يومي، حيث تعاقد مع ورش عديدة للقيام بهذه الأعمال، ليدخل في معاناة عدم ضمان استمرارية عمله، وعدم تمكنه من تأمين مدخول ثابت في نهاية كل شهر.

اقرأ أيضاً:الأسر الليبية بين فكي كمّاشة: التضخم والأجور الزهيدة

أما معمر علي، والذي هرب من مدينة العزيزية التي عانت ويلات الحرب والصراعات المسلحة، فقد اضطر إلى العمل أجيرا مياوما في مجال الصرف الصحي. يقول علي (50 عاماً): "تركت العمل في الجيش، بعد انقطاع الرواتب، وبدأت أعمل في مجال السباكة، وتصليح الأنابيب، حيث تعاقدت مع بعض المحلات المتخصصة لبيع مواد البناء لقاء أجر يومي". ويضيف: "في أحيان كثيرة أجلس في الأماكن المخصصة للعمال الأجانب، علني أجد ما يساعدني في تأمين لقمة العيش". يشير علي إلى أنه يتقاضى يومياً ما يقارب 20 ديناراً فقط.

عمالة الأطفال أيضاً

لا يختلف وضع الصغار في ليبيا عن الكبار. وبالرغم من أن القوانين الدولية تحرم عمالة الأطفال، إلا أن أطفال ليبيا مضطرون للعمل من أجل مساعدة ذويهم. تتنوع عمالة الأطفال بين بيع المشروبات الساخنة في الطرقات وبيع المناديل الورقية وما بينهما.
بحسب التقارير الدولية، فإن أكثر من نصف سكان ليبيا تضرروا بسبب الصراعات المسلحة في مختلف أنحاء البلاد، حيث يحتاج ثلث السكان تقريباً إلى مساعدات إنسانية إغاثية. وقد أكدت بعثة أممية في أحد تقاريرها "أن ما يزيد عن ثلاثة ملايين شخص في مختلف أنحاء البلاد، يعيشون في وضع اقتصادي صعب".

وأشار التقرير إلى أن عدد المُحتاجين للمساعدات الإنسانية وصل إلى نحو مليوني نسمة تقريباً، وهناك ما يقارب 150 ألف تلميذ يواجهون خطر الحرمان من المدارس بسبب الحرائق التي تطاول الأخيرة، كما أن هناك نحو 73% من الطلاب لا يستطيعون الوصول إلى المدارس في محافظة بنغازي.
وكشف التقرير أن أكثر من مئة ألف نازح يعيشون في العراء أو في المدارس أو المخازن المهجورة، وأن 87% من النازحين فقدوا وثائق هوياتهم. كما اضطر الآلاف من الليبيين لترك مناطقهم والنزوح إلى مناطق أخرى أكثر أمناً.
وبغض النظر عن الدوافع والأسباب، فقد نزحت عائلات من مناطق بكاملها، تاركة أملاكها وأراضيها. وقد تسببت هذه الأوضاع في انخفاض مستوى الدخل عند المواطنين، ففي العام 2010، بلغ متوسط دخل الفرد (بالنسبة إلى الناتج المحلي المحلي) ما يقارب 12 ألف دولار، والذي يساوي متوسط دخل الفرد في بعض الدول الأوروبية. أما في 2014 فانخفض إلى النصف تقريباً، ويبلغ الحد الأدنى للأجور450 ديناراً .
وتشهد ليبيا منذ عام صراعاً على الحكم بين سلطتين تتقاسمان السيطرة على مناطق البلاد، سلطة معترف بها في الشرق، وأخرى تدير العاصمة تابعة للمؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته في فبراير/ شباط في عام 2014. وعلى مدى عام من الاقتتال، أطاح النزاع أركان الدولة التي تأسست منذ إسقاط نظام معمر القذافي في العام 2011، فدمرت معظم مؤسسات الدولة، وتوقفت عجلة الاقتصاد.

اقرأ أيضاً:الخدمات الموازية تنتشر في ليبيا
المساهمون