اللقاء التكتيكي الأخير بين جوارديولا وكلوب في الكأس الألمانية

29 ابريل 2015
+ الخط -


"سأفتقد كلوب، أحب مقابلته، وأحترمه كثيراً خارج الملعب". هكذا ودع بيب جوارديولا خصمه يورجن كلوب، قبل لحظات قليلة من مباراة نصف النهائي بين بايرن ميونخ وبروسيا دورتموند في كأس ألمانيا، المباراة التي تأرجحت بين الفريقين، حتى جاء الحسم عن طريق ركلات الترجيح "المجنونة".

العشاء الأخير
يمتاز الصراع الثنائي بين جوارديولا وكلوب بمكانة مختلفة في كرة القدم خلال الفترة الأخيرة، وذلك لأن المدربين يقدمان تكتيكاً فعالاّ وأفكارا مبتكرة في الكرة الحديثة، وتبادل الطرفان السيطرة على مفاتيح التكتيك في السنوات الأخيرة، حينما نجح دورتموند في هزيمة بايرن خلال الموسم الماضي بالأليانز أرينا بثلاثية، مستخدماً أسلحة الضغط والمرتدات.

ورد بيب في الكأس الألمانية، باللعب كثيراً في الخلف، وترك الكرة لبايرن لحماية مرماه من المرتدات، فخطف البطولة بثنائية تاريخية. وتكرر الصراع هذا الموسم بشكل أقوى، حتى كانت المواجهة الأهم واللقاء الأخير بين الخصمين اللدودين في الأليانز أرينا، خلال نصف نهائي الكأس الألمانية.

أعلن كلوب قراره النهائي بالرحيل عن بروسيا نهاية الموسم الحالي، ومع صعوبة تدريبه لفريق آخر داخل ألمانيا، فإن كل الطرق تقوده إلى بلد آخر خلال السنة القادمة، وبالتالي سيفتقد عشاق الساحرة المستديرة هذا التحدي الفني رفيع المقام لفترة زمنية ليست بالقصيرة، لذلك جاء العشاء الأخير بين بيب ويورجن بصورة أكثر ضراوة، نحو النهائي المحلي الكبير.

الخماسي الأخير
تحسن أداء مدافعي بايرن بعودة المغربي بن عطية، وتطور مستوى الألماني بواتينج، وعندما تم الضغط عليهما من جانب دورتموند، لم ينفعل الثنائي سريعاً، بل نظر إلى الأمام ومرر إلى الزملاء. لذلك تحولت أهم ميزة لفريق كلوب إلى نقطة ضعف، لأن بروسيا يضغط على دفاع بايرن، لكنه يفشل في الحصول على الكرة، ويُعرض مناطقه للخطر إذا تعدت الكرة حدود دائرة المنتصف.

"حتى لا يدخل في مرماك أهداف، عليك أن تمنع الخصم من الحصول على الكرة". وتم تفعيل هذه المقولة بعودة ألونسو إلى الخلف بين قلبي الدفاع، ليحصل على الكرة من نوير، ويبدأ في توزيع اللعب وفق رؤيته داخل الملعب، فيما يعرف تكتيكياً بالخماسي الخلفي في تشكيلة بايرن، عن طريق تشابي كلاعب حر بين كل من بن عطية وبواتينج، مع مد الأطراف بثنائي من الثالوث وايزر، برنات، ورافينيا، المدافع الثالث بدون الكرة، والظهير المنطلق على الخط الجانبي أثناء الهجوم.

ألونسو في القلب، ورباعي متحرك لا يتوقف أبداً حوله، في الخلف إلى الأمام، لذلك امتازت التمريرات الخلفية بقدر من الثبات والثقة، وفي حالة قطع الكرة، يصطدم هجوم بروسيا بثلاثي خلفي أمام مرمى نوير.

الأطراف
تعتبر منطقة أسفل الأطراف هي نقطة ضعف دورتموند منذ فترة ليست بالقليلة، لذلك ظل الهولندي روبين أهم أسلحة البافاري أمام كلوب، ومع عدم مشاركته أساسياً بسبب إصابته الأخيرة، قام جوارديولا باستنساخ لاعب آخر على الرواق الأيمن، وكان الحل في إشراك ميتشيل وايزر، آخر مواهب بايرن للكرة الألمانية.

وتم ضرب دورتموند من اليمين عن طريق وايزر بمساعدة موللر المائل للخط، بينما على اليسار انطلق برنات بالتعاون مع رافينيا، مع المساندة الكاملة من جانب لاعبي الوسط، تياجو في جهة وفيليب لام في الجهة الأخرى، حتى جاء التفوق الكامل عن طريق المرتدات، السلاح الذي عانى منه بايرن في السابق أمام خصمه القوي.

وتوقع الجميع انتهاء المباراة مبكراً، لكن خروج تياجو ألكانتارا ثم إصابة روبين من جديد، أمور قلبت الخطط رأساً على عقب، وأعادت دورتموند مرة أخرى إلى المباراة، مختاريان أيضاً حل.

عودة الأسود
خروج تياجو كان قاتلاً بحق، خصوصاً أن البرازيلي الإسباني يتفوق في التلاعب بالكرة، ومنذ ابتعاده عن اللعب، أصبح دورتموند أفضل، مع إشراك كلوب لمخيتاريان بدلاً من كاجاوا. أعطى البديل حرية أكبر للنجم رويس في التحرك بحرية بين الخطوط، وقطع الأرميني في العمق، جعل أوباميانج يبتعد عن الرقابة ويتوغل على الأطراف خلف أظهرة بايرن المتقدمة.

وكما كان ثلاثي العمق مصدر قوة لبايرن أثناء الهجوم، فإن الظهيرين الهجوميين تسببا في هدف التعادل لبروسيا، بسبب تقدم وايزر ورافينيا أثناء الرقابة، وترك الأجناب خالية تماماً من أي تواجد دفاعي. لذلك كانت الحركة المستمرة أبرز ما يُميز كتيبة كلوب في النصف الثاني من عمر المباراة.

فقد البايرن التحكم في الوسط، فصعد ألونسو إلى الأمام مجبراً، وترك موقعه الاستراتيجي القديم القريب من الخط الدفاعي، لذلك كانت الدقائق الأخيرة سجالا متواصلا بين الفريقين، حتى صافرة الحكم التي أعلنت النهاية المثيرة، ركلات الجزاء تصعد بدورتموند إلى الحلم.

المساهمون