19 سبتمبر 2019
اللاجئون الفلسطينيون بعد ورشة البحرين
عماد عفانة (فلسطين)
هل انطوت صفحة صفقة البحرين بانتهاء مؤتمرها الذي كان يبدو فاشلا، أم أنه كان فقط لتدشين انطلاق قطار كان انطلق بالفعل منذ زمن أوسلو؟ وما الذي ينتظر اللاجئون الفلسطينيون بعد ورشة البحرين؟ في أقل من 18 شهراً من تسلمه الحكم في واشنطن، قام ترامب بخطواتٍ لم يجرؤ على القيام بها كل من سبقوه من الرؤساء الأميركيين، فاعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة أميركا إليها، وأوقف جميع المساعدات الإنسانية للمؤسسات الفلسطينية فيها، ودعم الاستيطان في الضفة المحتلة، الأمر الذي يقضي كليا على وهم حل الدولتين، وقطع كل المساعدات عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، وأنهى عمل بعثاته الدبلوماسية في الضفة وغزة، وصفى أعمال المؤسسات التي كانت تقدم مشاريع دعم وبنية تحتية فيها مثل مؤسسة USAID، وأغلق، قبل ذلك، مكتب منظمة التحرير في واشنطن، ودمر كلّ حلم بحل الدولتين، فهل كان التطبيق في ورشة البحرين، أم ما سبق كان من النصوص الواضحة التي لم يرد أن يفهمها أحد لاتفاق أوسلو؟
ليس للحضور العربي الباهت علاقة بالتأييد من عدمه، فجميعهم لبّى الدعوة، نزولا عند رغبة مشغلهم في واشنطن، فيما لم يجرؤ أحد على إعلان تأييده الصفقة سوى المطبعين، فمصر قالت إنها حضرت للتقييم وليس للموافقة، والأردن قال أنه حضر بحجة معرفة ما سيدور في الغرف المغلقة، والمغرب حضر متأخراً وبتمثيل ضعيف، ربما لتكثير العدد، أما البحرين فلم تقصر في المجاملة.
قد يرحل ترامب في الانتخابات المقبلة، ويترك من أيّد الصفقة من القادة والزعماء أمام لعنة التاريخ فنأى أغلبهم بنفسه عنها.
لا يهم من سيدفع الخمسين مليار دولار، فقد دفع العرب أضعاف أضعافها قربانا على أعتاب البيت الأبيض، المهم أن صاحب العرس، وهم الفلسطينيون، كان غائبا. فماذا ينتظر الفلسطينيون، بعدما كسبت تل أبيب الجولة بتطبيع التطبيع، وجعله حدثا عاديا، بعدما رفرفت راياتها طويلا في العواصم العربية تحت لافتات رياضية تارة، ولافتات التعاون الاقتصادي تارة أخرى، فهل ننتظر أن يقدم نتنياهو على ضم الجزء الأكبر من الضفة الغربية بحجة عدم وجود شريك فلسطيني مقابل وجود شركاء عرب كثر يطبعون علنا مع إسرائيل؟
أثبت جيسون غرينبلات ما ذهبنا إليه، وقال لصحيفة الشرق الأوسط السعودية إن صفقة القرن ستكون "واقعية"، ولا تتضمن حل الدولتين، بل تركز على قضايا مسكوت عنها، مثل الحل لوضع غزة والتعامل مع فصائل مثل حركة حماس والجهاد الإسلامي، واصفا إياهما بأنهما "من أكبر العقبات التي تحول دون تحسين حياة الفلسطينيين والقليل يتحدث عنها"، فهل غزة على موعد من مطحنة عسكرية لمواءمة الظروف على الأرض بما يسهل عملية التنفيذ؟
كان حل الدولتين مدار مفاوضاتٍ خاضتها السلطة التي أنجبتها "أوسلو" على مدار نحو ربع قرن، ثم يأتي اليوم غرينبلات لينسف حصاد ربع قرن، ويقول "نحن لا نستخدم هذه العبارة (حل الدولتين)، واستخدام هذه العبارة يؤدي إلى لا شيء، لا يمكن حل صراع معقد مثل هذا الصراع بشعار مكوّن من كلمتين". ثم استبدل الدبلوماسي الأميركي الرقيق كلمة المستوطنات بالأحياء التي يقطنها نحو أربعمائة ألف مغتصب، "لأن كلمة مستوطنات (كما يزعم) هي مصطلح تحقير يتم استخدامه بشكل متحيّز، لوضع إصبع على جانب واحد من الصراع". وأبقى كيفية حل أمر المستوطنات في الضفة غامضا، زاعما أنه سيتم توضيحه في الخطة السياسية، الأمر الذي ينسحب على الخطة بشأن تبادل الأراضي ووضع القدس واللاجئين.
وبالنسبة لتعامل "صفقة القرن" مع قضية اللاجئين، يقول غرينبلات: "يجب أن يكون هناك شيء واقعي، ولا يمكن الوفاء بالوعود التي قدمت لهم من قبل"، زاعما أن "ما نقدمه جديد ومثير بالنسبة لهم، الأمر يعتمد على ما إذا كان الجانبان على استعداد للتفاوض والوصول إلى خط النهاية". ويرفض غرينبلات بشدة تقديم واشنطن أي ضماناتٍ سياسية للسلطة، عقابا لها على مقاطعة ورشة البحرين، زاعما "نحن لا نقدم أي ضمانات بخلاف الجهود المخلصة لحل الموانع، ولا نستطيع دفع الأطراف للعودة إلى طاولة المفاوضات، وما ينبغي أن يجعلهم يعودون إلى الطاولة هو عندما يرون الخطة السياسية التي سيتم ربطها بالخطة الاقتصادية".
ليس للحضور العربي الباهت علاقة بالتأييد من عدمه، فجميعهم لبّى الدعوة، نزولا عند رغبة مشغلهم في واشنطن، فيما لم يجرؤ أحد على إعلان تأييده الصفقة سوى المطبعين، فمصر قالت إنها حضرت للتقييم وليس للموافقة، والأردن قال أنه حضر بحجة معرفة ما سيدور في الغرف المغلقة، والمغرب حضر متأخراً وبتمثيل ضعيف، ربما لتكثير العدد، أما البحرين فلم تقصر في المجاملة.
قد يرحل ترامب في الانتخابات المقبلة، ويترك من أيّد الصفقة من القادة والزعماء أمام لعنة التاريخ فنأى أغلبهم بنفسه عنها.
لا يهم من سيدفع الخمسين مليار دولار، فقد دفع العرب أضعاف أضعافها قربانا على أعتاب البيت الأبيض، المهم أن صاحب العرس، وهم الفلسطينيون، كان غائبا. فماذا ينتظر الفلسطينيون، بعدما كسبت تل أبيب الجولة بتطبيع التطبيع، وجعله حدثا عاديا، بعدما رفرفت راياتها طويلا في العواصم العربية تحت لافتات رياضية تارة، ولافتات التعاون الاقتصادي تارة أخرى، فهل ننتظر أن يقدم نتنياهو على ضم الجزء الأكبر من الضفة الغربية بحجة عدم وجود شريك فلسطيني مقابل وجود شركاء عرب كثر يطبعون علنا مع إسرائيل؟
أثبت جيسون غرينبلات ما ذهبنا إليه، وقال لصحيفة الشرق الأوسط السعودية إن صفقة القرن ستكون "واقعية"، ولا تتضمن حل الدولتين، بل تركز على قضايا مسكوت عنها، مثل الحل لوضع غزة والتعامل مع فصائل مثل حركة حماس والجهاد الإسلامي، واصفا إياهما بأنهما "من أكبر العقبات التي تحول دون تحسين حياة الفلسطينيين والقليل يتحدث عنها"، فهل غزة على موعد من مطحنة عسكرية لمواءمة الظروف على الأرض بما يسهل عملية التنفيذ؟
كان حل الدولتين مدار مفاوضاتٍ خاضتها السلطة التي أنجبتها "أوسلو" على مدار نحو ربع قرن، ثم يأتي اليوم غرينبلات لينسف حصاد ربع قرن، ويقول "نحن لا نستخدم هذه العبارة (حل الدولتين)، واستخدام هذه العبارة يؤدي إلى لا شيء، لا يمكن حل صراع معقد مثل هذا الصراع بشعار مكوّن من كلمتين". ثم استبدل الدبلوماسي الأميركي الرقيق كلمة المستوطنات بالأحياء التي يقطنها نحو أربعمائة ألف مغتصب، "لأن كلمة مستوطنات (كما يزعم) هي مصطلح تحقير يتم استخدامه بشكل متحيّز، لوضع إصبع على جانب واحد من الصراع". وأبقى كيفية حل أمر المستوطنات في الضفة غامضا، زاعما أنه سيتم توضيحه في الخطة السياسية، الأمر الذي ينسحب على الخطة بشأن تبادل الأراضي ووضع القدس واللاجئين.
وبالنسبة لتعامل "صفقة القرن" مع قضية اللاجئين، يقول غرينبلات: "يجب أن يكون هناك شيء واقعي، ولا يمكن الوفاء بالوعود التي قدمت لهم من قبل"، زاعما أن "ما نقدمه جديد ومثير بالنسبة لهم، الأمر يعتمد على ما إذا كان الجانبان على استعداد للتفاوض والوصول إلى خط النهاية". ويرفض غرينبلات بشدة تقديم واشنطن أي ضماناتٍ سياسية للسلطة، عقابا لها على مقاطعة ورشة البحرين، زاعما "نحن لا نقدم أي ضمانات بخلاف الجهود المخلصة لحل الموانع، ولا نستطيع دفع الأطراف للعودة إلى طاولة المفاوضات، وما ينبغي أن يجعلهم يعودون إلى الطاولة هو عندما يرون الخطة السياسية التي سيتم ربطها بالخطة الاقتصادية".