الكويت: محاولات لتشكيل حكومة جديدة "جامعة"

05 ديسمبر 2018
التشكيل الحكومي لن يكون الهمّ الأوحد لرئيس الحكومة(فرانس برس)
+ الخط -
لا يزال الشارع السياسي الكويتي في حالة ترقّب بعد فشل إحالة رئيس مجلس الوزراء، الشيخ جابر المبارك الصباح، إلى الاستجواب، وذلك بعد تصويت مجلس الأمة (البرلمان) على طلب التحويل، والمقدّم من النائب المعارض، شعيب المويزري، على خلفية فشل الحكومة في التعامل مع ملف الأمطار التي تسبّبت بتدمير شبكة الطرق في الكويت ومقتل عدد من الأشخاص. واستطاعت الحكومة حشد أصوات نواب البرلمان والحصول على موافقة 41 عضواً من البرلمان والحكومة، لإحالة الاستجواب المقدّم لرئيسها إلى اللجنة التشريعية للنظر في مدى دستوريته، بسبب عدم اختصاص رئيس الوزراء بمشكلة الأمطار، وهو ما يعني سقوط الاستجواب نظرياً بسبب تأييد اللجنة التشريعية في البرلمان وجهةَ نظر رئيس الوزراء.

وقال مقرر اللجنة التشريعية، النائب خليل أبل، في تصريح للصحافيين في مجلس الأمة أخيراً، إنّ "الاجتماع الأول للجنة التشريعية بخصوص استجواب رئيس مجلس الوزراء، خلص إلى ضرورة استدعاء خبراء دستوريين لاستشارتهم في مدى دستورية الاستجواب، ولم نحدد بعد المدّة اللازمة لدراسة هذه الحالة".

وكان أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، قد وجّه في كلمته أثناء افتتاح دور الانعقاد العادي الثالث للبرلمان في أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعدم استجواب رئيس مجلس الوزراء في غير اختصاصاته، وهدّد النواب باتخاذ إجراءات حاسمة في حال حاولوا العبث بالبرلمان والتعسّف في ممارسة الديموقراطية والتعدي على المؤسسات. لكنّ النائب المعارض، شعيب المويزري، استغلّ أزمة الأمطار وقام باستجواب رئيس مجلس الوزراء، وهو ما دفع أمير البلاد إلى التدخّل وإرسال رسالة للنواب عبر مكتبه، قال فيها إنه قد يضطر لاستخدام حقوقه الدستورية وتعطيل انعقاد مجلس الأمة وفق المادة 106 من الدستور، أو حلّ المجلس وإعادة انتخابه من جديد. وهو ما دفع الكثير من نواب المعارضة للتصويت لإحالة الاستجواب للجنة التشريعية، خوفاً من تعطل الحياة البرلمانية، بحسب إفاداتهم.

وتأتي حالة الترقّب في الكويت على خلفية تقدّم وزيرين باستقالتَيهما، الأوّل هو وزير الأشغال العامة، حسام الرومي، بسبب تحميل الحكومة له مشكلة الأمطار، والثاني هو وزير النفط والكهرباء والماء، بخيت الرشيدي، الذي استقال احتجاجاً على عدم دعم الحكومة له بعد تلويح نواب محسوبين على الحكومة باستجوابه للمرة الثانية، بعد تجاوزه الاستجوابَ الأول.

وطالب نواب آخرون محسوبون على الحكومة، ومنهم نائب رئيس مجلس الأمة عيسى الكندري، وزيرة الإسكان جنان بوشهري، بالاستقالة من منصبها، فيما أكدت مصادر لـ"العربي الجديد" أنّ وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، هند الصبيح، أبدت رغبتها لرئيس الوزراء، في اعتزال العمل السياسي والاستقالة من مناصبها الوزارية كافة.

ويحاول رئيس مجلس الوزراء إقناع القيادة السياسية في الكويت بإعطائه فرصة لتشكيل حكومة جديدة بالكامل بشكل يضم أكبر عدد ممكن من أعضاء الكتل السياسية في البرلمان، وذلك لدرء فرصة أي استجواب مقبل للوزراء. لكنّ هذه الحيلة تدلّ، بحسب مراقبين، على حالة التردد التي تعيشها الحكومة هذه الأيام.

وفي حال الإعلان عن تشكيل وزاري جديد، فإنّ أبرز الكتل السياسية المرشّحة للدخول في الحكومة هي كتلة "الإخوان المسلمين" ممثلة بذراعها السياسية في الكويت "الحركة الدستورية الإسلامية"؛ إذ قام نواب "الإخوان" في البرلمان بالتصويت على إحالة الاستجواب إلى اللجنة التشريعية، مقابل وعود بمنح النائب محمد الدلال منصب وزير العدل فقط، من دون وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي غالباً ما تأتي مقترنة بوزارة العدل، وذلك بسبب تفضيل الحكومة عدم منحها لأي تيار إسلامي سياسي، خوفاً من استغلالها.

لكن التشكيل الحكومي لن يكون الهمّ الأوحد لرئيس الحكومة، إذ لا يزال ملف المحكومين بقضية دخول مجلس الأمة واقتحامه عام 2011 يشغل الشارع السياسي ويتحكّم في الكثير من توجّهات النواب نحو التصويت ضدّ الحكومة أو معها. وقد فقد نواب معارضون كثُر أملهم في رئيس الحكومة، للحصول على عفو عام من أمير البلاد يخوّل زعماء المعارضة الذين حكم عليهم بالسجن بسبب اقتحامهم البرلمان عام 2011، العودة إلى الكويت والمشاركة في أي انتخابات برلمانية مقبلة، ما يعني أنّ عدم وجود رئيس مجلس الوزراء على منصة الاستجواب، قد يعرضه لخطر السقوط.

ومنذ صدور الأحكام النهائية بحق المتهمين بقضية دخول المجلس والذين كان من بينهم النائبان جمعان الحربش ووليد الطبطبائي، وجدت كتلة المعارضة نفسها مشتتة وغير قادرة على الوصول إلى قرار واحد للتعامل مع الأزمة؛ إذ فضّل عدد منهم السكوت والابتعاد عن المشهد بانتظار حلّ نهائي من أمير البلاد، فيما بدأ آخرون يضغطون بشدة على زملائهم النواب للتوصّل إلى صيغة تفاهم مع الحكومة. لكن المؤشرات السياسية تشير، بحسب مراقبين، إلى أنّ الحكومة نفسها لا تعرف التعامل مع هذه الأزمة ولها أكثر من رأي لحلها.

وفي السياق، قال الأكاديمي والباحث السياسي الكويتي، عبد الرحمن المطيري، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "ما يحدث هو عبارة عن فشل سياسي من الحكومة والبرلمان على حدّ سواء؛ إذ إنّ الأمير طلب بكل بساطة من الطرفين التعقّل والهدوء وتمرير التشريعات والقوانين، بدلاً من المزايدات السياسية، لكن نواب البرلمان زايدوا سياسياً مع الأسف في قضية الأمطار، ورئيس الحكومة نفسه لم يُدر المشهد بطريقة صحيحة وقام بالتضحية بأفضل وزرائه للإفلات من قبضة الاستجواب".

وتابع المطيري قائلاً: "ظاهرياً انتصرت الحكومة، لكن في حقيقة الأمر فإنّ الحديث عن قرب تشكيل حكومة جديدة بأسماء وزراء جدد، وتوزير أكبر عدد من أعضاء الكتل السياسية، يعني بكل بساطة أنّ أيّ زكام سياسي في البلد سيدمّر الحكومة التي تليها، إذا لم تكن مبنيّة على الكفاءة والثقة كما هو حاصل الآن.

المساهمون