الكوتا ليست موسمية

10 أكتوبر 2018
نساء يطالبن بالكوتا في الهند (مانوج داكا/ Getty)
+ الخط -

حين طرحت الكوتا النسائية في مؤتمر بكين في عام 1995، انقسمت الآراء بين الهيئات النسوية والنسائية في لبنان بين مؤيد ومعارض. من أيّد الكوتا، كان واضحاً في دعمه ضرورة وجود كتلة "حرجة" في مواقع صنع القرار، تشكّل 33 في المائة كحد أدنى من إجمالي المقاعد. ومن أيد الكوتا أيضاً، بيّن أن نتائجها قد لا تحصد في المدى المنظور، وستكون ملموسة على المدى البعيد.

معارضو الكوتا النسائية انقسموا إلى قسمين. الأوّل اعتبر أن النساء لسن في حاجة إلى سقف يحدد نسبة مشاركتهن ويحدّها. والقسم الآخر قال إن الكوتا النسائية لن تجلب إلى مواقع صنع القرار سوى نساء يحملن خطاباً ذكورياً كونهن ينتمين إلى الأحزاب الطائفية اللبنانية.

بمعزل عن هذا الانقسام، لطالما كان العمل على الكوتا النسائية موسمياً. لا تصدر البيانات ولا تتكثف الجهود سوى إبان الانتخابات البلدية أو النيابية. تبدأ الجهود قبل الانتخابات بفترة وجيزة، ويبدأ الكلام عن الكوتا النسائية في المجالس ومواقع صنع القرار. ولأن حقوق المرأة باتت موضوعاً "جذاباً" وتعطي انطباعاً بالتقدمية لمن يحمل لوائها، نسمع طروحات لتكريس الكوتا النسائية من قبل رؤساء الأحزاب والقادة السياسيين. لكنّ كلّها تبقى ضمن سياق الدعاية الانتخابية أو الساعية إلى تبييض الصورة.

نسبة مشاركة النساء في السياسة تتقدّم مثل سلحفاة. منذ عام 1995 وحتى اليوم، وصلت تسع نساء إلى مجلس النواب. وفي الانتخابات الأخيرة، حصلت النساء على ما بين 3.1 في المائة و4.6 في المائة من المقاعد. هذه الأرقام تقول إن تحسّن المشاركة السياسية للنساء يتطلّب عملاً دائماً وليس موسمياً. كما يتطلب توسيع نطاق مفهوم الكوتا النسائية، والخروج من محدودية مشاركة النساء في مقاعد مجلس النواب أو المجالس البلدية، ليشمل مقاعد الإدارة في الشركات، ومختلف مجالات الشأن العام الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتجارية وغيرها.




في هذا السياق، صدر أخيراً قانون يقر كوتا للنساء في مجلس إدارة الشركات التجارية في ولاية كاليفورنيا، الولاية التي تملك أقوى خامس اقتصاد في العالم. ألحق هذا القانون، بحسب حاكم الولاية، بالقرارات في الدول الأوروبية، بكوتا نسائية 40 في المائة في مواقع الإدارة غير التنفيذية للشركات.

الكوتا النسائية ليست عملاً موسمياً إذاً، وهي بالتأكيد ليست محصورة بالمجالس النيابية والبلدية. هي سياق متصل وسياسة جندرية دامجة. وإذا لم تطبق هذه الخطوات الآن، علينا إما الانتظار خمسين سنة أخرى للحد من الفجوة الجندرية، أو الحفاظ على الواقع الحالي الذي سيستمر بإنتاج آراء ذكورية حول النساء على شاكلة ما تفوه به جوزيف أبو فاضل عبر إحدى شاشات التلفزيون.

(ناشطة نسوية)
المساهمون