والقروض الاستهلاكية بالصيغة المطروحة أثارت العديد من التساؤلات وريبة المواطنين، حيث عزفوا عن التعامل مع المصارف التي يرون أنها تعمل وفق أنظمة ربوية.
وكانت الحكومة الجزائرية قد جمدت القروض الاستهلاكية عام 2009، للتحكم في الواردات وكذا مديونية العائلات، بينما تسعى مؤخرا إلى تشجيع السلع المحلية، ما دعا إلى إعادة إحياء القروض الاستهلاكية، وفق وكالة الأنباء الجزائرية.
وقام مراسل "العربي الجديد" بجولة في الشارع الجزائري لمعرفة مزاج الجزائريين تجاه هذه القروض بصيغتها الحالية، ولاحظ نفور المواطنين منها، خوفاً من ما سموها "تعاملات ربوية".
يقول أحمد امرزوقان، وهو مواطن من ذوي الدخل المتوسط: "متخوف ومتردد.. لا يمكنني أن أقتني مثلا أجهزة كهرومنزلية بقرض قيمته تمثل 6 أضعاف مرتبي الشهري، كما لا أثق في المنتوج المحلي".
بدورها، ترى سمية معتوق، وهي مقبلة على الزواج، أن: "القروض الاستهلاكية حق قد يترتب عليه باطل، والباطل يكمن في العوائق الإدارية والفوائد البنكية التي لن تقل عن 6%، وهي نسبة كبيرة، مقارنة بالغاية التي أطلقت من أجلها هذه الصيغة من القروض، وهي مساعدة المواطن لكي يواجه تراجع قدرته الشرائية".
إلى ذلك، انتقد رئيس جمعية حماية المستهلك، مصطفى زبدي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، طرح القروض الاستهلاكية في هذه الظروف، مضيفاً أن: "الوضع الاقتصادي الحرج وتخوف الناس من تدني القدرة الشرائية، سيدفعان فئة، حتى لو كانت عازمة على اقتناء القرض الاستهلاكي سابقا، إلى التراجع وترقب السوق".
وتابع: "إن كثيراً من الجمعيات المهنية أعلنت عن زيادات بأرقام ضخمة.. لو كان توقيت إطلاق القرض الاستهلاكي قبل هذا الوقت وبنسبة فوائد صفر، كان سيلقى نجاحا أكثر مما هو عليه الحال اليوم".
اقرأ أيضاً: تجار الجزائر ينافسون المصارف في طرح "القروض الاستهلاكية"
وبالرغم من تأكيد جمعية البنوك والهيئات المالية على جاهزية البنوك التجارية لبدء منح القروض الاستهلاكية خلال الأيام المقبلة، إلا أن الواقع يقول العكس، حيث إن معظم المصارف لم تفصل بعد في انخراطها في هذه الصيغة من عدمه.
ويقول الخبير الاقتصادي، نبيل جمعة، إن: "البنك المركزي صرح بأنه جاهز يوم 15 سبتمبر/أيلول الماضي، لكن البنوك التجارية ليست جاهزة لعدم توفرها على قاعدة بيانات وطنية حول المقترضين، كما أن تسقيف قيمة القرض بـ200 مليون سنتيم، أي بمليوني دينار جزائري (186 مليون دولار)، لن تغري البنوك كثيراً".
وتهدد النظرة السلبية التي يواجه بها الجزائريون القروض من فرص نجاحها على أرض الواقع، حيث لم تتوقف هذه النظرة على الجانب الإداري والتقني، بل تعدتهما إلى نسبة الفوائد المفروضة عند تسديدها، والتي يعتبرها المجتمع الجزائري "فوائد ربوية"، لا يمكنه الاقتراب منها.
ودفعت هذه التخوفات رئيس نقابة الأئمة في الجزائر، جلول حجيمي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى دعوة الحكومة الجزائرية إلى "استشارة الهيئات الشرعية، بما فيها وزارة الشؤون الدينية، ليتم تحديد كل الضوابط، هل يوجد فيها ربا أم لا، وننصح الحكومة بالتوجه إلى صيغ المرابحة، كما هو معمول به في ماليزيا، على سبيل الذكر لا الحصر".
وأمام ضبابية المشهد، استغل تجار التجزئة الفرصة لإلغاء كل الوسائط والتوجه مباشرة للمستهلك الجزائري، من خلال عرض قروض استهلاكية بعيدة عن الربا على سلعهم، من خلال زيادة نسبة ربح ضئيلة، وهو ما يراه رئيس جمعية التجار والحرفيين الجزائريين، الطاهر بولنوار: "أمراً عاديا، لكون التاجر يسعى دائما إلى الحفاظ على زبائنه، مهما كانت الظروف، فكيف إذا كانت في ظروف اقتصادية صعبة تتميز بالتقشف وشد الحزام".
اقرأ أيضاً: الجزائر تَعِد أساتذة الجامعات بقروض لشراء شقق