لا يُعرف بالضبط تاريخ تشجيره، ولم أجد في كُتب التاريخ والتراجم القديمة التي تحدثت عن سبأ وحضارتها الإنسانية مَن تحدث عنه، علماً بأنه لو كان معروفاً ومتداولاً بين أفراد سكان تلك المنطقة لوجد تاريخه. كما لا يُعرف هل كانت زراعته بغرض التجارة ونُمو الاقتصاد أو تسلية للنفس ونشوتها، أم تخطيط خبيث لانهيار أخلاق الأمم والجماعات القاطنة في تلك المنطقة.
وقد تحدث المقريزي (1442م)، عن وجود القات في الصومال، ولم يتم تشجيره، إنّما يُستورد من الخارج؛ كما ذكر نجيب الدّين السمرقندي (1222م)، أنه كان يوجد في أيام الإسكندر الأكبر، ناقلاً عن مخطوطة في باريس برقم 134.
وذكرهُ شهاب الدّين أحمد عبد القادر (من مواليد 1580م)، وقال إنه زرع على يد علي بن عمر الشاذلي وذلك عام 1424م، وتذكر بعض الدراسات الاجتماعية أنّ موطنه الأصلي إثيوبيا.
وأدرج القات من قبل منظمة الصحة العالمية ضمن المواد المخدرة، وذلك عام 1973، بعد أن فحصته في مختبراتها العلمية، وتبيّن أنه يحمل مواد مخدرة قوية.
إنّ ضرائب القات في منطقة شرق أفريقيا تقدّر بالمليارات من الدولارات، وقد قدرت دراسة اجتماعية أجريت أن ضرائب القات بين إثيوبيا والصومال وجيبوتي قدرت بـ550 مليون دولار سنوياً، بينما تقدر بين الصومال وكينيا وتنزانيا بأكثر من 450 مليون دولار في أقل تقدير.
ويُقدر مُتوسط دخل الأسرة في شرق أفريقيا بـ1500 دولار سنوياً، 15% منه تذهب إلى القات. هذه كارثة اقتصادية اجتماعية لا بدّ لها من حُلول جذرية وإيجاد بديل للأسر المستفيدة منه. وكشفت دراسة أجريت في هذا المضمار أن الصومال وحدها تستهلك يومياً أكثر من خمسمئة ألف كيلوغرام من القات، وأن الفرد الواحد من متعاطيه يحتاج على أقل تقدير لـ10 دولارات يومياً. معنى ذلك أن الصومال تستهلك ما قيمته ستمئة وخمسين ألف دولار يومياً. وتُنفق في كينيا أموال طائلة، حيث قدر خبراء اقتصاديون كينيون أنها تنفق مليوناً ومئتا ألف دولار، ولو حسبنا هذا الرقم على مدار الشهر لقُدّر ما ينفق على تناوله بستة وثلاثين مليون دولار، وهو ما يعادل ثلاثمئة وأربعة وعشرين مليون شلناً كينيّاً، وقس هذا على بقية دُول المنطقة، خاصة إثيوبيا، التي هي أكثر الدول الموزعة، وفي الصومال وجيبوتي يستخدمه 15% من سكانهما. وممّا تجدر الإشارة إليه هنا هو أن النساء لا تمضغنه وتقمن ببيعه والتجارة به، وهو حكر على الرجال.
القات يهدد صحة ونفسية الشباب في شرق أفريقيا، ويبقى انتشاره بحاجة إلى حلول جذرية في هذه المنطقة، ويجب عقد مؤتمرات وندوات إقليمية في هذا الشأن، وتضافر الجهود للإحاطة بهذه الظاهرة والحد من الانتشار المرعب للقات، وإلاّ ستكون كارثة اقتصادية واجتماعية!
(كينيا)