الفُرس في عاصمة الأمويين

04 يوليو 2014
+ الخط -

طالما كانت بغداد تشكل حلماً في المخيال الإيراني، يسعى دوماً إلى تحقيقه، من خلال السيطرة عليها، لما لها من أهمية كبيرة في مشروع الهيمنة والتوسع الإيراني، وفكرة الملالي عن تصدير الثورة.

هذا باعتبار بغداد إحدى أهم البوابات الرئيسية للمنطقة العربية. لذلك، شكل سقوط النظام البعثي في العراق عام 2003 فرصة ذهبية لطهران، في طريق تحقيق هذا الحلم. وفعلاً، نجحت في الاستحواذ على إحدى أكبر العواصم العربية، وبات واضحاً حجم النفوذ الإيراني في العراق، في جوانب الحياة الأمنية والعسكرية والسياسية وحتى التجارية.

حتى لا يضيع هذا المَغنَم، عمل الإيرانيون جدياً طوال عشرة سنوات، على بناء أسوار منيعة لقاعدة مشروعهم، وكان كل من النظام السوري وحزب الله اللبناني يمثلان إحدى أهم هذه الأسوار التي بنتها إيران بحرص وعمق حول بغداد.

ربما يمنحنا هذا التصور قراءة أوسع، ومن زاوية مغايرة لما هو سائد، لحقيقة الأحداث في كل من سورية والعراق، حيث ترتبط أنظمة هذين البلدين بطهران ارتباطاً مصيرياً.

وتجدر الإشارة إلى أنه، منذ بداية الثورة السورية، لطالما كانت تصريحات الساسة العراقيين تحذر من سقوط النظام السوري، وانعكاسات هذا السقوط، في حال وقوعه، على النظام السياسي في العراق، وما سوف يتركه من أثر على تغيير موازين القوى في البلدين.

كان تصريح وزير الداخلية العراقي الأسبق، باقر جبر الزبيدي، الموالي لإيران في الحادي عشر من أغسطس/آب 2012، أن المعركة ستكون على أسوار بغداد، إذا سقط النظام السوري، يحمل قدراً كبيراً من القلق والإرباك، الكامن، أساساً، لدى الساسة العراقيين، إضافة إلى إطلاق تصريحات مشابهة من هذا النوع، من رجال الدين الشيعة، عن ضرورة حماية النظام السوري.

يبدو تصريح الساسة العراقيين أنه إذا سقط النظام السوري، ستكون المعركة على أسوار بغداد، هو عملية حرفٍ لجوهر حقيقة الصراع، والعمل على استبعاد طرح مقولة، إذا سقط النظام العراقي، ستكون المعركة على أبواب دمشق، لأن انهيار النظام العراقي سيضع الإيرانيين بين خيار خسارة سورية أو خسارة بغداد، وخروجها من دائرة الهيمنة الإيرانية، بمعنى أن سقوط النظام السوري سيكون تحصيل حاصل، في ظل صعود تيارٍ مناوئ لطهران في العراق، وتوليه زمام السلطة.

تشكل عودة الميلشيات العراقية، من سورية إلى بغداد أخيراً، وذهاب حزب الله إلى العراق، اثباتات ودلائل على مدى أهمية بغداد، مقارنةً مع دمشق، لدى النظام الإيراني، وأنها إذا خيرت في الدفاع بين الإثنين، ستختار بغداد، وستترك النظام السوري لمصيره، إضافةً إلى صعوبة الدفاع عن الإثنين معاً.

يدرك النظام السوري جوهر هذه المسألة، وخطر سقوط النظام العراقي، لذلك، شارك طيرانه في قصف المناطق التي سيطر عليها مسلحو العشائر داخل الأراضي العراقية.

أغلب التحليلات التي كانت تقول، سابقاً، إن سقوط النظام السوري يعني انتهاء المشروع الإيراني في المنطقة، تشكل مغالطة كبيرة، بوجود نظام عراقي موالٍ حتى العظم لطهران.

لكن ما لا خلاف فيه، هو تأثر مشروع الهيمنة الإيرانية بشكل كبير، في حال سقط نظام الأسد، لكنه لن ينتهي، فبغداد هي العقدة الحقيقية لطهران، وإذا ما سقطت بيد نظام مناوئ لها، سيفضي مشروعها إلى زوال لا محالة.

0DEFC302-4E4E-42CA-AF58-BF181EC20FF2
0DEFC302-4E4E-42CA-AF58-BF181EC20FF2
أنمار السيد (سورية)
أنمار السيد (سورية)