الفيسبوك وتويتر... خطاب بلا خطة

12 نوفمبر 2015
الفيسبوك وتويتر... خطاب بلا خطة (مواقع التواصل)
+ الخط -
مشكلة فيسبوك وتويتر أنه سلاحنا الذي لا نريد توجيهه لعدونا، "إحنا مرتاحين كده"، أينما أردنا ضربنا، شتمنا، زعقنا، صرخنا، في من، ولماذا، متى، وأين، بسبب، بدون؟ كل هذا لا يهم، مساحة مفتوحة لممارسة "أي شيء".


بالتأكيد، نحن نحتاج إليها، كنا وما زلنا، شعب مفطور على المنع، الحبس، الحرام، العيب، الأصول، العادات، التقاليد، أسوار، وسجون أغلبها غير حقيقي، وغير صحيح، لا مساحة المحرم في الأديان بهذا التوسع، ولا العادات والأصول والتقاليد تقضي بأن نخرس، ولا نتنحنح إلا بتقديم مذكرة تفسيرية مطولة ... هنا تأتي المدونات، فالفيسبوك، فتويتر، وما استجد لتمنحنا مساحات شاسعة من التنفس اللإرادي .. عش حياتك .. انطلق.

ثم ماذا بعد؟ ثم ثورة، نجح الفيسبوك، وانتصرت الحرية، طبيعي، ثم ماذا بعد؟ منعوا الفيسبوك وتويتر طبعا، رد فعل طبيعي، أغلق عليهم منافذ الحرية كي يختنقوا ويموتوا، ثم ماذا بعد؟ لم نختنق ولم نمت، فقرر أحدهم أن يقتلنا بسلاحنا، تفكيك الاتفاق، وزرع الخلاف غير القابل للحسم، ثم استعادة منافذ التعبير، حفروا الحفرة ثم نادوا في فضاء الأثير: "دعه يكتب .. دعه ينجر"، وقعنا.

نمشي من الميدان، لا، لا نمشي، نثبت، أنتم خونة، أنتم حالمون، ما تحقق غير كاف، ما تحقق كاف جدا، والباقي بالسياسة والحوار، لا حوار مع قاتل، هذه ثقافة حنجورية، هذه ردود انسحابية، أنتم همج، بل أنتم الخائفون، أغبياء، جبناء، ولولا موقعة الجمل، لضاعت ..

ما حدث، يحدث مرة أخرى، الآن، هم تعلموا، ونحن أبدا لم نتعلم، بل لا نريد، حالة من مقاومة التأمل، حالة من حراسة التخلف بتعبير سمير أمين، جاء الإخوان، وأعلن الفيسبوكيون النفير، جاهدنا في سبيل "الثورة المضادة" حق جهادها، ونحن نحسب أننا نحسن لثورتنا صنعا، كان حقنا على كل حال، لا بأس، عارضنا، في اتجاه واحد، ولم نلتفت لأي عنصر آخر في تركيبة الصراع، الإخوان هم العدو، قولا واحدا، هدفا واحدا، أعلى سن نملة الدبانة أسفل منتصف الهدف، ثم ضغط السيسي الزناد، وأطلق علينا جميعا ..

والآن، ما زال العسكر يروننا جميعا الخصم، لو سألنا أيهم، من السيسي إلى أصغر مجرم يأمر بإطلاق النار على المصريين: من العدو؟ لأجاب: الثوار، الإخوان، النشطاء، 6 أبريل، الاشتراكيون الثوريون، البرادعي، أيمن نور، وائل غنيم، مرسي، أحمد ماهر، سيف عبد الفتاح، علاء عبد الفتاح، حسام أبو البخاري، نوارة نجم، عصام سلطان، عمرو واكد، عصام تليمة، عبد الرحمن يوسف... سوف يحصينا فرقة فرقة .. حزبا حزبا .. حركة حركة .. فردا فردا .. وبمنتهى الدقة.

فماذا لو وجهنا السؤال لأحدنا، سوف تكون الإجابة على حسب: 
الإسلاميون: العدو هو البرادعي، وأبو الفتوح، وحمزاوي، الليبراليون، اليساريون، العلمانيون، والسيسي، والحكم العسكري !!

التيار المدني: العدو هم الإخوان، والإخوان، والإخوان، والإسلاميون، وتيارات الإسلام السياسي، وتيارات الشعارات الإسلامية، و"بتوع الشرعية" الأغبيا ، و"اللي بينزلوا مظاهرات" الأغبيا، وأبو الفتوح، وحزب الوسط، وأبو اسماعيل، والسيسي الذي جاء به مرسي، الله يخرب بيته مرسي، وحكم العسكر الذي ركبنا بسبب الإخوان، الله يخرب بيت الإخوان.

أليست هذه إجاباتنا .. صفحاتنا .. أسلحتنا المشهرة في وجوهنا .. جهودنا المعطلة .. المشتتة .. ثورتنا التائهة ..

الاستثناء: أن تجد من يخبرك أن الخصم هو الحكم العسكري، وأن الهدف هو إسقاط حكم العسكر، العودة إلى المسار الديموقراطي.

بالمناسبة: لا أرى في إجابة مما سبق خطأ مطلقاً، من حق الجميع أن يرى في الجميع خصوما سياسيين وفكريين، إلا أنه من قبيل الهطل والتخريف والغباء الذي ليس بعده غباء، أن تبتلعك الأمواج الهادرة، فيما تصر على أن تصرخ على أخيك على الشاطىء أن يلقي لك بألبوم "أنغام" الجديد لأنه "تحفة" .. اخرج الأول يا حاج.

(مصر)
دلالات
المساهمون