الفوسفات العربي المهدور

تتزايد صادرات المنطقة العربية من الفوسفات لكل دول العالم، ولكن هذه الصادرات تظل في صورتها الخام دون أي مراحل تصنيعية أو تحويلية تزيد من القيمة المضافة للخام العربي إلى أسمدة فوسفاتية أو مشتقاتها من حامض الفوسفوريك.

فزاد الإنتاج العربي من صخر الفوسفات الخام من 31 مليون طن عام 1980 إلى 45 مليون طن ما يمثل 74% من الصادرات العالمية.

بينما لم تزد كمية الأسمدة الفوسفاتية المصنعة في صورة سوبر فوسفات أو حامض فوسفوريك عن 8.3 ملايين طن مقابل 2.2 مليون طن في نفس المدة.

إن أكثر الدول اهتماماً بالاستثمار في مجال الأسمدة المصنعة هي أكبرها تحقيقاً للأمن الغذائي. والمثال على ذلك الهند والصين والولايات المتحدة وكندا والبرازيل ودول الاتحاد الأوروبي.

ورغم نقص المواد السمادية الخام في هذه الدول فإنها تستورد السماد الخام من الدول العربية بكميات ضخمة ما مكنها من زيادة الإنتاجية الزراعية على المستوى الرأسي ومضاعفة إنتاج الغذاء والاكتفاء الذاتي وتحقيق الأمن الغذائي، وهو الشبح الذي يهدد أمن المنطقة العربية المصدر الأكبر للخام السمادي وباتت تستورد أكثر من نصف غذائها من تلك الدول.

الاستمرار في تصدير خامات الفوسفات العربي بكميات ضخمة وعائدات زهيدة هو استنزاف لموارد الدول وتعدٍّ على حقوق الأجيال القادمة مع الإضرار باستدامة هذه الثروات الناضبة وإفشال خطط تشغيل الشباب العربي العاطل وانخفاض الدخل القومي واستهلاك لبنى الطرق مع تلوث البيئة.

وعقود تصدير الفوسفات الخام بيد المستورد الأجنبي، الذي يحدد السعر منفرداً لأن الدول العربية عازفة عن الاستثمار في التصنيع المحلي ويصبح الربح الأكبر من حق الدولة المصنعة دون الدولة المصدرة.

فسعر الفوسفات العربي الخام في حدود 80 دولاراً للطن، بينما سعر طن سماد الفوسفات بعد التصنيع 400 دولار ويتضاعف هذا السعر عند التصنيع إلى حامض فوسفوريك.

فعائدات التصدير الخام يمكن أن تتضاعف خمسة أضعاف لو تم تصنيع 20% فقط من كميات الخام المصدر ما يرفع القيمة المضافة ويشغل المزيد من الشباب العربي.

كما ستتضاعف العوائد الاقتصادية للاستثمارات الصناعية في مجال الأسمدة، إذا تمت برؤوس أموال عربية وتصبح فرصة لتشكيل تكتل اقتصادي عربي في هذا المجال الواعد بضغط الزيادة السكانية المطردة.


اقرأ أيضاً: تونس: كنز الفوسفات الغاضب يستأنف الإنتاج