الفضيحة تكبر: فلين يطلب الحصانة للحديث عن الدور الروسي

31 مارس 2017
الصداقة الحميمة بين فلين وترامب قد تنقلب(كريس كليبونيس/فرانس برس)
+ الخط -
لا يكاد يمر يوم من دون جديد يزيح بعض الضباب الكثيف المحيط بقضية الدور الروسي في الانتخابات الأميركية، ويساهم في عملية تفكيك ألغازها المتوالية. آخر المستجدات القنبلة التي فجرها، مساء الخميس، الجنرال مايك فلين، الذي شغل منصب مستشار الرئيس ترامب لشؤون الأمن القومي، والذي استقال -أو أقيل- بعد شهر من توليه مهمته، ليخرج عن صمته، أخيرًا، ويعرض عبر محاميه، استعداده للإدلاء بشهادته في الملف الروسي، مقابل منحه الحصانة التي تحميه من الملاحقة القضائية. 

وقد جرى تقديم العرض إلى الجهات التي يخولها القانون منح الحصانة: الكونغرس، وذلك عبر لجنتي الاستخبارات في مجلسي الشيوخ والنواب، وأيضًا وزارة العدل، ومكتب التحقيقات الفيدرالي "اف بي آي" التابع لها. وحتى اللحظة، لم يصدر رد عن أي من هذه الجهات. وبحسب المعتاد، فلا بد للكونغرس من التنسيق مع وزارة العدل بخصوص الحصانة. وهذه الأخيرة التي يرأسها الوزير، جيف سيشنز، لن تعطي الحصانة إذا كان فلين ينوي فضح أمور تطاول الرئيس ترامب.

وفي كل حال، أربكت مبادرة فلين الإدارة ووضعتها بين خيارين: رفض الحصانة خشية أن يكشف صاحبها عن معلومات مؤذية للبيت الأبيض، أو منحها ومواجهة التداعيات لو أفصح عن ما يفيد بأن "اجتماعه مع السفير الروسي جرى بتفويض من الرئيس، أو أنه أجرى مفاوضات مع الأتراك لنقل المعارض التركي فتح الله غولن"، كما قال الرئيس السابق للجهاز الإداري في "السي آي إيه"، جارامي باش.

وفي كلتا الحالتين، لا تخلو المسألة من المغامرة. ويبدو، حسب مراقبين، أن فلين أراد من خطوته استباق محاولة يقوم بها فريق البيت الأبيض وأنصاره لحصر المسؤولية الروسية به. وكأن العلاقة التي بدت حميمة بين فلين والرئيس خلال الحملة الانتخابية، ثم بداية رئاسة ترامب، انقلبت إلى نقيضها.


وليس معروفًا بالضبط ماذا يحمل فلين في جعبته. لكن المعروف أنه لاعب رئيسي في قصة أطاحت به، عندما انفضح نكرانه اجتماعه مع السفير الروسي. ومن هنا لا يستبعد أن يكون طلبه للحصانة من النوع الذي يستبطن التلويح بوجود فضيحة خطيرة. أو بشيء من هذا القبيل.


هذا التطور يصبّ الزيت على نار أزمة تنذر بإعصار قادم، وقد زاد من سخونتها أنه تزامن مع انكشاف آخر يعزز الشبهات التي تحوم فوق الدور الروسي، وربما فوق من تعامل معه من الجانب الأميركي، حسب الظنون السائدة.

فقد تكشّف اليوم، عبر تسريب إلى "نيويورك تايمز"، أن البيت الأبيض حاول التدخل في التحقيق الذي كانت قد باشرته لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، بالملف الروسي ومشتقاته. جرى ذلك عن طريق تمرير معلومات من جانب اثنين من المسؤولين في فريق الأمن القومي في البيت الأبيض إلى رئيس اللجنة، النائب ديفين نوناز، مفادها أن هناك عملية تنصّتٍ جرت على ترامب، ولو بالصدفة، أثناء الحملة الانتخابية. افتعل نوناز قصة مختلفة لكيفية حصوله على المعلومة، وذهب، حسب المخطط على مايبدو، إلى البيت الأبيض ليبلغ الرئيس بها، من دون إطلاع أعضاء اللجنة على الموضوع.

لكن اللعبة انكشفت اليوم، وتبين أنها محبوكة لتبرير تهمة ترامب بأن أوباما أمر بالتنصت عليه، والتي بقيت بلا سند ولا دليل. وبذلك بات البيت الأبيض في موقف أكثر إحراجًا، في وقت تتراكم خسائره في الكونغرس ومع القضاء، بعد أن مدّد القاضي الفيدرالي أمس حكمه بوقف تنفيذ قرار الرئيس بمنع السفر من ستة بلدان إلى أميركا، كما في اشتباكه مع الصحافة والمصادر الاستخباراتية التي أغرقته بالتسريبات الكاشفة لمزاعمه.

يضاف إلى ذلك الضجة التي أثارها تعيين ابنته في وظيفة مستشار خاص في البيت الأبيض، إلى جانب زوجها جاريد كوشنر، المستشار الأعلى له. الأمر الذي فتح المجال لتصنيف هذه التعيينات في خانة "المحسوبية" وتحول الرئاسة إلى ما يشبه شركة العائلة التجارية. وكل هذا يتوالى في لحظة تدنى فيها رصيده إلى حد قياسي بلغ 35%، حسب آخر استطلاع، وقبل انقضاء المئة يوم الأولى من رئاسته.

وفي ظل هذه الأجواء المتعبة والمربكة، ليس من المستبعد أن تشهد الإدارة موجة إقالات أو استقالات، ربما تكون قد بدأت اليوم بالتخلي عن كاتي والاش، نائبة رئيس جهاز طاقم البيت الأبيض، رينس بريبوس. وقد يكون الآتي أعظم.