الـ"غيرنيكا" في الثمانين: منفى اللوحة ومسارات عودتها

16 ديسمبر 2016
"غيرنيكا في حلب"، وسام الجزائري/ سورية
+ الخط -

بينما يشهد العالم قصفاً لمدينة حلب السورية على يد النظام وحلفائه، يستعدّ "متحف الملكة صوفيّا" للفنّ في مدريد لافتتاح معرض تشكيليّ ضخم بعنوان "رأفةٌ ورعبٌ عند بيكاسو: الطريق إلى غيرنيكا"، في الرابع من نيسان/ أبريل المقبل، بمناسبة مرور ثمانين عاماً على ولادة لوحة بيكاسو الشهيرة، وخمسة وعشرين عاماً على انتقالها إلى "ريينا سوفيّا".

أنجز بابلو بيكاسو لوحته ذائعة الصيت "غيرنيكا" بطلب من الجمهورية الثانية الإسبانية، من أجل المعرض الدولي في باريس عام 1937. كما هو معروف، بداية، لم يكن لدى بيكاسو فكرة مكتملة عمّا سيرسمه، لكن عندما عرف بقصف سلاحي الجو الألماني والإيطالي وإحراقهما البلدة الباسكية، غيرنيكا، أخذت القماشة الكبيرة تمتلئ تحت فرشاته وتغصّ بشخصيات محتضرة، وصارت شحنتها الرمزية هائلة لتتجاوز ثقل الزمن متحوّلة إلى أيقونة ضدّ الحرب والعنف، وإلى عمل مُقيَّم ومحبوب في كل أنحاء العالم.

يرى قيم المعرض، تيموثي جيمس كلارك، الكاتب والباحث الإنكليزي في تاريخ الفن، أن اللوحة ولدت في العشرينيات، أثناء أزمة عميقة عاشها بيكاسو، ويذكر ذلك في محاضرات سابقة وفي كتابه "بيكاسو والحقيقة. من التكعيبية إلى غيرنيكا".

يذكر مانويل بورخا بيّيل، مدير المتحف، أن فكرة المعرض تولد من النظرية التي يطرحها كلارك، والتي يدعو فيها إلى النظر إلى غيرنيكا من زاوية جديدة. يشرح بورخا تلك الأسباب أن بيكاسو إثر نجاحه في التكعيبية وإقامته معارض في كل مكان، يشعر بأنه فعل كلّ شيء ولم يعد فناناً بوهيمياً، بينما هنالك فنانون، مثل دالي وميرو، كانوا، في الوهلة الأولى على الأقل، يتجاوزونه مفاهيمياً.

السبب الثاني، وقد يكون الأكثر التصاقاً بموضوع اللوحة، هو شيءٌ له علاقة بالرعب الذي خَبِره في الحرب العالمية الأولى حين رأى لأوّل مرة القدرة التدميرية لطائرة ما تكرّر تماماً في غيرنيكا بعد سنوات. أما الثالث وراء الأزمة الشخصية التي عصفت ببيكاسو آنذاك فهو حياته العاطفية المضطربة.

من المخطط أن يلقي المعرض الضوء على أربع نقاط تدور حول اللوحة التي تعتبر مركز ثقله: الحديث والشروحات حول تاريخها، وعن السياق الذي أُنجزت فيه، وعن الرحلة إلى منفاها الطويل، ومن ثمّ عودتها إلى إسبانيا. من جهة أخرى يُعرّف المعرض بآخر الدراسات، التي أجريت عن حالة اللوحة من الناحية التقنية، ويوفّر محاكاة مكانية للطرق التي سلكتها اللوحة تسمح للزوار بمعايشة الأسفار التي قامت بها في الماضي. إلى جانب غيرنيكا ستعرض 60 لوحة ورسماً لبيكاسو جِيء بها من متاحف مختلفة ومجموعات عالمية مقتناة.

المساهمون