الغنوشي لـ"العربي الجديد": هذه ملامح مبادرتي للعفو التشريعي العام

02 نوفمبر 2018
الغنوشي: الشاهد من يقرر وقت تعديل الحكومة(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

كشف رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي لـ"العربي الجديد"، عن ملامح مبادرته الجديدة، المتوقع أن تعدّل منظومة العدالة الانتقالية الحالية، بأن تسقط منها المحاسبة وتعوضها بعفو تشريعي عام، وعن موقف حزبه من التعديل الحكومي

وأكد عقب لقائه بكتلة الحزب البرلمانية مساء الجمعة، أن الحزب سيشارك في التعديل الحكومي، إذا تم التوافق مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد، "على قاعدة خدمة المسار الديمقراطي في تونس، وخدمة مصالح البلاد".

وأضاف الغنوشي، أن "رئيس الحكومة هو من يقرر الوقت المناسب للتعديل الوزاري، لكن النهضة ترى وجوب غلق هذا الملف بأقصى سرعة، والتوجه نحو استكمال الملفات الأخرى". 

وعلق رئيس النهضة في تصريح لـ"العربي الجديد"، على دعوات نداء تونس بعدم إشراك حزبه في الحكومة المقبلة، بالقول: "من يستطيع أن يفعل ذلك فليفعل"، مبرزاً أن "القاعدة في الحياة السياسية قائمة على التنافس، وكل له إرادته الحرة وسيادته الخاصة". 

ورداً على سؤال عن لقائه بأمين عام نداء تونس سليم الرياحي، وما إذا كان تناول التعديل الوزاري وإمكان عودة التوافق، قال إن "اللقاء جاء في إطار تباحث أوضاع البلاد، وحزب النهضة لا يحتاج إلى إذن من أي كان للمشاركة في الحكم".

وقدم الغنوشي ملامح المبادرة، التي عرضها على نواب الكتلة البرلمانية "الفاعل السياسي الرئيس في النهضة وفي البلاد"، على حد توصيفه. 

وتتمثل المبادرة في "عفو تشريعي عام، يشمل المتهمين بارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان في حق التونسيين خلال الحقبة الماضية، من خلال مصارحة ومكاشفة واعتذار، تتوج بعفو عن المنتهكين". 

وفسّر الغنوشي لـ"العربي الجديد" مبادرته الجديدة، التي لا تزال قيد التحرير والبلورة، بـ"التطويق والتفعيل لقانون العدالة الانتقالية"، إذ لم يقترح استبدالها وإنما تفعيلها، معللاً بأنه "سنوات بعد الثورة وإلى غاية اليوم، شاهد التونسيون ضحايا يحكون عن آلامهم ولم يروا جانياً واحداً يقف أمام المحكمة". 

وأضاف أن "معنى ذلك أننا نحتاج إلى قانون يجلب الجناة والمنتهكين أمام المحاكم، بعد أن يكونوا قد اطمأنوا أنهم ليسوا إزاء عملية انتقام وتشف، وإنما إزاء عملية تنظيف جروح وتطهير للقلوب، ويبقى للضحايا الحق في أن يطالبوا بحقوقهم وجبر أضرارهم، لكن نريد أن نتجه للمستقبل موحدين لخدمة أهداف الثورة"، على حد قوله. 

بدوره، بين رئيس كتلة النهضة نور الدين البحيري لـ"العربي الجديد"، أن العفو التشريعي العام "سيمثل تتويجاً لمسار عدالة انتقالية يقوم على المساءلة والمكاشفة، وطلب العفو من الشعب التونسي، وهو مسار منسجم مع منظومة العدالة الانتقالية، لكنه يضفي عليها أفقاً جديداً"، على حد قوله.

وذكٓر البحيري أن "خيار النهضة في مواجهة تداعيات الماضي وسنوات القهر والظلم لم يكن بالانتقام والتشفي، بل بمنطق محاولة إصلاح الأوضاع وطيّ صفحة الماضي، وحفظ الذاكرة الوطنية، على قاعدة المصالحة الشاملة، حيث مكّنت المنظومة الحالية للعدالة الانتقالية المتهمين من ضمانات للمساءلة والمحاسبة وحق الدفاع، بعيداً عن الانتقام، فيما سيمكنهم هذا التفعيل من الاستفادة من عفو شامل، يضمن حق الضحايا في الاعتراف والاعتذار وجبر الضرر". 

وشدد المتحدث على أن رئيس النهضة، أكد أنّ "العفو هو تتويج لمسار العدالة الانتقالية، والغاية منه ليس طمس الحقيقة ولا الإفلات من المساءلة، فواجب على المتهمين بارتكاب الانتهاكات الاعتذار والاعتراف بما حدث خلال الحقبة الماضية". 


ووصف الغاية من المصالحة الشاملة، بـ"الغاية السامية في وضع أفق صف تونسي موحد". 

وأشار البحيري في هذا الصدد إلى أن تفاصيل المبادرة ستصاغ قريباً، داعياً المنتهكين للانخراط فيها عبر الاعتراف والاعتذار.

وفيما أثارت سابقاً قرارات النهضة عند توليها الحكم، إثر الثورة، الابتعاد عن إقصاء المنتمين للنظام السابق، حنقاً في صفوف قواعدها وفي صفوف المساندين للمسار الثوري، فإنها تتوقع اليوم أن تنال مبادرة المصالحة الشاملة والعفو التشريعي العام، التي أسقطت المحاسبة والجزاء من المسار، أثراً إيجابياً وتفاعلاً من أنصارها ومن المتهمين بارتكاب الانتهاكات. 

المساهمون