يعاني واقع الغناء العربي من الدخلاء، خصوصاً في السنوات الأخيرة التي تلت نشأة الفضائيات العربية، ومنها محطة "ميلودي"، التي ساهمت من دون شك في نشر ظاهرة المغنيات الجميلات، وصعود مجموعة من هؤلاء نحو فضاء الشهرة. نذكر، مثلاً، دومينيك حوراني، التي غنت مجموعة من الديوهات مع المغني السوري علي الديك، وكذلك دانا التي عرفت بأغنية "أنا دانا"، وماريا نالبنديان، عارضة الأزياء التي دخلت عالم الغناء أيضاً، وعرفت بأغنية "إلعب إلعب".
هكذا، أرادت الفضائية المصرية الخروج عن المألوف، وعدم الالتزام بأدنى المعايير الواجبة لتصنيف هذه وتلك بين عداد المغنين، أو امتلاكهم للحد الأدنى للصوت.
لكن، قبل سنوات، أقفلت محطة "ميلودي"، وتلاشت ظاهرة المغنيات "عارضات الأزياء" في وقت بدأت المنصّات البديلة تتخذ موقعًا متقدمًا لا يلزم من يريد الغناء بدفع المال، كما كان يحصل في "ميلودي"، ويكفي أن نضغط زرّاً لنشر أغنية أو كليب مُصور، وكسب عدد من المشاهدين الموزعين على صفحات الميديا.
من هنا، بدأت في السنوات الأخيرة ظاهرة المغنين "الخارجين"، وفق التعبير المصري. هؤلاء وجدوا أن بإمكانهم تحقيق أحلامهم في الغناء وحب الظهور، من خلال بعض الألحان المُستهلكة، أو تلك التي تروي بعضًا من الواقع.
في لبنان، تنتشر الظاهرة بكثرة، ليس فقط على المواقع البديلة، بل من خلال الملاهي الليلية التي توظف مغنين من هذا الصنف.
لعل اسم اللبناني وديع الشيخ لا يعني لكثيرين شيئاً، لكن يكفي أن يعلن عن إقامته حفلاً لتمتلئ الصالة بعدد مضاعف من الساهرين، والواضح أن الناس لم تعد تهتم بحسن الصوت والأداء الغنائي. كل ما يودّون سماعه هو نوع من "الرديّات" المبنية على طرفة، أو حادثة، أو أزمة اجتماعية، كالطلاق والخيانة. ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل تتعدى "الردية" القائمة على موسيقى "فلكلورية" ثابتة فقيرة جداً لتصل أحيانًا الى مفردات السبّ والشتم.
تنقل بعض الفيديوهات التي تنتشر عن السهر الليلي في لبنان، كمية السبّ والشتم، وتفاعل الجمهور مع هذا النوع من "الرديات"، وهو لا يدخل في الإطار الفني العام، أو يتنبّه لادعاءات المغني، واللعب على العاطفة، وقضايا المجتمع اليومية. أما الفيديوهات، فتمثّل محاولة بائسة تُكرّس الظاهرة من خلال تبادلها وإعادة إرسالها على نطاق كبير، وتتحول إلى مادة "فنية" كـ"ترند".
في القاهرة، الوضع لا يختلف كثيراً عن بيروت، دخلاء كثيرون يحاولون العبور من بوابة الغناء إلى الشهرة، ومع ذلك يحققون نسبة متابعة واستماع عالية على المواقع البديلة.
بعيداً عن الخِطاب السلطوي والقمعي الذي تتبنّاه المؤسسة الرسمية في مصر، متمثلة بنقابة الموسيقيين التي يرأسها هاني شاكر، لا بدّ من التفريق بين ظاهرتين، الأولى هي مطربو المهرجانات الشعبية، أمثال حسن شاكوش وعمر كمال، والثانية "ظاهرة" محمد رمضان. كل من شاكوش وكمال مُنع، أخيراً، من الغناء نهائياً، وتعرّض لهجوم شديد من هاني شاكر وموسيقيين آخرين نصّبوا أنفسهم أوصياء على الفن، مثل حلمي بكر.
اقــرأ أيضاً
لكن، في حالة رمضان، تحوّل هذا الأخير إلى نجم وممثل ومغنٍّ من خلال المؤسسات نفسها التي توزّع الألقاب وتسحبها كما تشاء، ولاقى دعماً كبيراً من الجهات الرسمية، وراح يظهر على الفضائيات ويُنظّر على الجميع طارحاً نفسه كقصة نجاح استثنائية؟ بيد أنّ مغنّي المهرجانات لم يجدوا دعماً رسمياً، وحوربوا وما زالوا يُحاربون؛ لأنّهم، في الحقيقة، مُحرّك مهمّ للطبقات المسحوقة التي إن قامت على المنظومة لن تبقي ولن تذر.
هكذا، أرادت الفضائية المصرية الخروج عن المألوف، وعدم الالتزام بأدنى المعايير الواجبة لتصنيف هذه وتلك بين عداد المغنين، أو امتلاكهم للحد الأدنى للصوت.
لكن، قبل سنوات، أقفلت محطة "ميلودي"، وتلاشت ظاهرة المغنيات "عارضات الأزياء" في وقت بدأت المنصّات البديلة تتخذ موقعًا متقدمًا لا يلزم من يريد الغناء بدفع المال، كما كان يحصل في "ميلودي"، ويكفي أن نضغط زرّاً لنشر أغنية أو كليب مُصور، وكسب عدد من المشاهدين الموزعين على صفحات الميديا.
من هنا، بدأت في السنوات الأخيرة ظاهرة المغنين "الخارجين"، وفق التعبير المصري. هؤلاء وجدوا أن بإمكانهم تحقيق أحلامهم في الغناء وحب الظهور، من خلال بعض الألحان المُستهلكة، أو تلك التي تروي بعضًا من الواقع.
في لبنان، تنتشر الظاهرة بكثرة، ليس فقط على المواقع البديلة، بل من خلال الملاهي الليلية التي توظف مغنين من هذا الصنف.
لعل اسم اللبناني وديع الشيخ لا يعني لكثيرين شيئاً، لكن يكفي أن يعلن عن إقامته حفلاً لتمتلئ الصالة بعدد مضاعف من الساهرين، والواضح أن الناس لم تعد تهتم بحسن الصوت والأداء الغنائي. كل ما يودّون سماعه هو نوع من "الرديّات" المبنية على طرفة، أو حادثة، أو أزمة اجتماعية، كالطلاق والخيانة. ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل تتعدى "الردية" القائمة على موسيقى "فلكلورية" ثابتة فقيرة جداً لتصل أحيانًا الى مفردات السبّ والشتم.
تنقل بعض الفيديوهات التي تنتشر عن السهر الليلي في لبنان، كمية السبّ والشتم، وتفاعل الجمهور مع هذا النوع من "الرديات"، وهو لا يدخل في الإطار الفني العام، أو يتنبّه لادعاءات المغني، واللعب على العاطفة، وقضايا المجتمع اليومية. أما الفيديوهات، فتمثّل محاولة بائسة تُكرّس الظاهرة من خلال تبادلها وإعادة إرسالها على نطاق كبير، وتتحول إلى مادة "فنية" كـ"ترند".
في القاهرة، الوضع لا يختلف كثيراً عن بيروت، دخلاء كثيرون يحاولون العبور من بوابة الغناء إلى الشهرة، ومع ذلك يحققون نسبة متابعة واستماع عالية على المواقع البديلة.
بعيداً عن الخِطاب السلطوي والقمعي الذي تتبنّاه المؤسسة الرسمية في مصر، متمثلة بنقابة الموسيقيين التي يرأسها هاني شاكر، لا بدّ من التفريق بين ظاهرتين، الأولى هي مطربو المهرجانات الشعبية، أمثال حسن شاكوش وعمر كمال، والثانية "ظاهرة" محمد رمضان. كل من شاكوش وكمال مُنع، أخيراً، من الغناء نهائياً، وتعرّض لهجوم شديد من هاني شاكر وموسيقيين آخرين نصّبوا أنفسهم أوصياء على الفن، مثل حلمي بكر.
لكن، في حالة رمضان، تحوّل هذا الأخير إلى نجم وممثل ومغنٍّ من خلال المؤسسات نفسها التي توزّع الألقاب وتسحبها كما تشاء، ولاقى دعماً كبيراً من الجهات الرسمية، وراح يظهر على الفضائيات ويُنظّر على الجميع طارحاً نفسه كقصة نجاح استثنائية؟ بيد أنّ مغنّي المهرجانات لم يجدوا دعماً رسمياً، وحوربوا وما زالوا يُحاربون؛ لأنّهم، في الحقيقة، مُحرّك مهمّ للطبقات المسحوقة التي إن قامت على المنظومة لن تبقي ولن تذر.