الغموض يلف قرار المحكمة العليا الأميركية حول مرسوم حظر السفر

27 يونيو 2017
يثير قرار المحكمة الكثير من التساؤلات (سبنسر بلات/Getty)
+ الخط -
أثار قرار المحكمة العليا في الولايات المتحدة، برفع التحفظ عن الأحكام القضائية الصادرة عن محاكم أميركية فدرالية بشأن بمنع دخول المهاجرين أو الزائرين إلى الولايات المتحدة من عدة دول ذات أغلبية مسلمة، الكثير من التساؤلات لكونه ترك بعض الأمور غير واضحة. 


وأصدرت المحكمة قرارها أمس، الإثنين، بعدما تقدم البيت الأبيض بطلب استثنائي يسمح بتطبيق جزئي لقرار الرئيس ترامب، الذي أوقفته محاكم فدرالية عديدة.  

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أصدر قرارين رئاسيين يقضي آخرهما بحظر دخول مواطني عدة دول ذات أغلبية مسلمة، وهي اليمن وسورية وليبيا والصومال والسودان وإيران إلى الولايات المتحدة لمدة 90 يوماً كما يوقف العمل ببرنامج اللجوء ويمنع دخول اللاجئين من تلك الدول لمدة 120 يوما.

وبموجب قرار المحكمة العليا، الذي سيدخل حيز التنفيذ بعد 72 ساعة من صدوره، أي الخميس، فإن الرفع يأتي بشكل جزئي ولا يشمل من تربطهم "علاقة بالولايات المتحدة".

وردّاً على سؤال لـ "العربي الجديد" حول حيثيات القرار وما المقصود "بالعلاقات بالولايات المتحدة" تشير مؤسسة "اللجنة الأميركية العربية ضد التمييز" إلى وجود عدة أمور غير واضحة في القرار. وعلى الرغم من أنه يستثني هؤلاء الذين تربطهم بالولايات المتحدة علاقات مختلفة، منها مؤسسات أميركية اقتصادية أو جامعات أو روابط عائلية، لكنه يبقي قضية اللاجئين ودخولهم غامضة، ويترك الأمر للسلطات المحلية لتفسيره.
 



ويشير القرار كذلك، إلى أن المحكمة العليا ستبت في شهر أكتوبر/تشرين الأول القادم بحيثيات القرار بشكل أوسع. ويرى مراقبون أن ذلك لن يكون مجديا في حينه، لأن القرار الرئاسي نفسه يحدد العمل به مدة تسعين يوما تنتهي في حينه.  

ويطرح قرار المحكمة عدة تساؤلات حول تفسير الجزء المتعلق بعدم إمكانية تنفيذ القرار بحق "مواطني الدول الأجنبية الذين لديهم ادعاء ذو مصداقية بوجود علاقة شرعية مع شخص أو جهة في الولايات المتحدة". ولأن الشيطان في التفاصيل، كما يقول المثل الإنكليزي، فإن تفسير "ادعاء ذو مصداقية بوجود علاقة شرعية" غير واضح تماما في حيثياته، بحسب مختصين قانونيين،


في حين هناك تفسيرات قريبة وواضحة عند الحديث عن علاقة "شرعية مع شخص" بحيث يشمل ذلك زوج/ة أو حمى/ة لكنه لا يوضح متى تصبح العلاقة أو القرابة أبعد من أن يشملها القرار. كما أنه من غير الواضح من هي الجهات التي يمكنها تفسيره بكل حيثياته، الأمر الذي يترك الباب مفتوحا على مصراعيه أمام السلطات المحلية في المطارات لتفسيره وتطبيقه بالطرق التي تحلو لها.

وفي ما يخص اللاجئين يبقى الأمر أكثر غموضا. ولأن الحصول على لجوء في الولايات المتحدة عملية مضنية، وخاصة للذين يعيشون خارجها، فإن الموافقة على تلك الطلبات قد تأخذ سنتين بعد الكثير من الفحوصات الأمنية وغيرها من أجل الحصول على موافقة مبدئية باللجوء.


وقرار ترامب يقضي بتجميد برامج اللاجئين ووقف العمل بدخولهم، أي دخول هؤلاء الذين حصلوا على موافقة، لمدة 120  يوما. إلا أن قرار المحكمة يسمح بدخولهم في حال لديهم إثبات "بوجود علاقة شرعية". وهنا يطرح السؤال: هل ارتباطهم مثلا بمؤسسة أميركية محلية، من تلك التي تعنى بقضايا اللاجئين قبل دخولهم الولايات المتحدة وتنسق مسائل قدومهم وإقامتهم، هو "إثبات" كاف لشرطي في المطارات الأميركية بأن تلك علاقة "ذات مصداقية وشرعية"؟

وأدى القرار الرئاسي الأول، الذي أخذه ترامب في هذا السياق، إلى حالة من الهلع لدى الكثير من المهاجرين في الولايات المتحدة، حتى ذوي الإقامات الدائمة، حيث أشارت تقارير مؤسسات حقوقية إلى منع دخول بعضهم إلى البلاد. كما ألغت الولايات المتحدة خلال الأسبوع الأول حوالى 60 ألف تأشيرة دخول وإقامة لتقوم بعدها للعودة للعمل بها، بسبب قرار محكمة فدرالية ألغى قرار الرئيس ترامب  الذي وقعه في يناير/ كانون الثاني.


وبعد إلغاء قراره أصدر ترامب قراراً رئاسياً جديداً يسقط فيه العراق من قائمة الدول التي شملها المنع الأول، ويترك الباب مفتوحاً أمام بعض الاستثناءات لهؤلاء المقيمين في الولايات المتحدة  أو ذوي الاحتياجات الطبية، إلا أن القرار الثاني تم وقف العمل به كذلك حتى الآن بموجب قرارات لمحاكم فدرالية.


وقرار المحكمة العليا المذكور يعيد العمل بقرار ترامب الرئاسي الأخير ولو بشكل جزئي.  وتستبعد منظمات أميركية حقوقية، أو تلك المعنية بقضايا المهاجرين واللاجئين، أن يؤدي قرار المحكمة العليا والسماح بالعمل بقرار المنع بشكل جزئي إلى نفس الفوضى في المطارات الأميركية، التي سببها قرار المنع الأول.  

وعلى الفور عند إعلان قرار المحكمة العليا، كتب الرئيس الأميريكي  على حسابه في تويتر " أشعر بالامتنان لقرار المحكمة العليا"، ثم أضاف "علينا أن نبقي أميركا آمنة". وفي تغريدة أخرى حول نفس الموضوع كتب ترامب "يوم عظيم لمستقبل وأمن أميركا... سأستمر في المحاربة من أجل الأميركان وفي الفوز!". 


ومن جهتها علقت اللجنة الأميركية العربية ضد التمييز على القرار في بيان لها واصفة قرار المحكمة العليا بأنه "انتهاك صارخ وعدم اعتراف بالضرر، الذي سببته السلطات بهجومها المباشر ضد جاليتنا. إنه من المقلق بالذات أن تقوم المحكمة العليا بالسماح للحكومة بتطبيق المنع في وقت تم فيه توثيق تبعات التطبيق التفريقي والاعتباطي والضرر، الذي تسبب به. فقد شهدنا قيام إدارة الجمارك والحدود بالتحقيق العنصري وبالحجز غير القانوني وتفريق العائلات ومضايقات لأشخاص دون أن يكون هناك أية علاقة بأمن الدولة". 

 

المساهمون