الغلاء يفاقم معيشة السودانيين وسط فوضى الأسواق

25 يوليو 2018
موجة جديدة من ارتفاع الأسعار (Getty)
+ الخط -

توالت معاناة السودانيين من موجة غلاء جديدة ضربت الأسواق، في ظل حالة من الفوضى وغياب الأجهزة الرقابية. ووجه رئيس جمعية حماية المستهلك نصر الدين شلقامي اتهامات لوزارة التجارة بالتقاعس عن أداء دورها في مراقبة الأسعار، وقال إنها غائبة تماماً عن الأسواق.

ووصف شلقامي في حديثه لـ"العربى الجديد" ما يحدث، من فوضى وارتفاع الأسعار في الأسواق، بأنه نتاج التساهل في تطبيق القانون على التجار المخالفين والمتلاعبين بالأسعار.

وطالب رئيس جمعية حماية المستهلك الحكومة بدراسة الأثر الاقتصادي للقرارات التي تتخذها، بهدف الحد من التداعيات السلبية على المواطنين، قائلاً: إن السياسات الاقتصادية الأخيرة تسببت في خلل كبير يعاني منه المواطن حاليا.

وأكد شلقامي أن الزيادات التي تشهدها الأسواق غير منطقية ولا مبررة، مشيرا إلى أن رفع سعر أي سلعة لا يجب أن يتم دون أخذ الإذن من وزارة التجارة وإحضار مستند رسمي بالموافقة على ذلك بناء على معطيات موضوعية، بحسب القانون، مشيرا إلى تعمد بعض التجار الالتفاف على القرارات الحكومية. وتساءل عن أسباب غياب وزارة التجارة عن الأسواق ومراقبتها، بالرغم من حرصها على الوجود في أسواق بورصة الأوراق المالية والمحاصيل.
وطالب شلقامي بتطبيق قانون حماية المستهلك، حيث إن تذبذب الوضع الاقتصادي وعدم الاستقرار يؤديان إلى مزيد من الأعباء المعيشية على المواطنين. وشدّد على ضرورة اعتماد معالجات منطقية بدلا من رفع الرسوم والجمارك. وقال إن توفير معاش المواطن بشكل ميسور حق لكل مستهلك.

ومن جانبه، أكد مدير عام الاقتصاد وشؤون المستهلك بوزارة المالية بولاية الخرطوم عادل عبد العزيز الفكي، أن ضبط الأسعار مسألة ضرورية، مبينا أن 67% من السلع تم إلغاء أو تخفيض جماركها.

وأشار إلى أن معالجات الموازنة تمثلت في زيادة دعم الأسر الفقيرة من 700 إلى 800 ألف أسرة، بالإضافة إلى زيادة الدعم بولاية الخرطوم من 80 إلى 100 ألف أسرة، ورفع محفظة التمويل الأصغر من 12% إلى 15%.

ومن جانبه، أقر الخبير الاقتصادي محمد الناير في حديثه لـ"العربي الجديد"، بأن وضع ديباجة على المنتجات توضح أسعارها في ظل عدم الاستقرار الاقتصادي يعتبر عملية "معقدة". وقال إن الجهات المختصة ستضطر كل فترة لتغيير الديباجات بناء على تذبذب الأسعار السائد.


وانتقد الناير اتجاه الحكومة لزيادة الإنفاق العام بدلا من ترشيده، مشيرا إلى زيادة الإنفاق في موازنة 2018 إلى 76 مليار جنيه (الدولار = 18 جنيهاً)، مؤكداً أن المنتج المحلي يعاني من سياسات حكومية تسببت في جعله غير قادر على المنافسة في الأسواق الخارجية.

ودعا الناير إلى محاربة ظاهرة "السمسرة"، وقال إنها تسببت في ضرر كبير على المواطن برفع سعر المنتج من وسيط لا يملك رأسمال ولا ينتج السلعة.

وعبّر مستهلكون لـ"العربي الجديد" عن استيائهم جراء الغلاء المتصاعد في أسعار السلع والمواد الاستهلاكية خلال الفترة الأخيرة، وقلّلوا من تعهدات الحكومة بالتدخل وضبط الأسعار، إذ أعلنت وزارة التجارة منذ مطلع العام الحالي إلزام المحال التجارية بوضع ديباجة تحدد سعر السلعة وعدم زيادتها دون موافقة السلطات وهي الخطوة التي لم تتم حتى الآن بالرغم من مضي أكثر من 6 أشهر على ذلك التعهد.
ورصدت "العربي الجديد" أسعار بعض الخضروات خلال جولة بالأسواق حيث وصل كيلو الطماطم إلى 100 جنيه وكيلو البطاطس 30 جنيهاً وكيلو الباذنجان 25 جنيهاً، بحسب تجّار.

أما اللحوم وبالرغم من إطلاق مواطنين حملة لمقاطعتها، إلا أن أسعارها لم تشهد انخفاضا يذكر، فتراوح كيلو الضأن بين 200 و220 جنيهاً وكيلو الدجاج 95 جنيهاً.

وفي المقابل، يدافع التجَار عن أنفسهم وينفون التلاعب بالأسعار، إذ أكد تاجر تجزئة عبد الباقي أحمد في حديثه لـ"العربى الجديد" أن البائعين يشترون السلع من تجار الجملة الذين يعرضونها بأسعار مرتفعة، وبالتالي لا دخل لهم بموجة الغلاء التي ضربت الأسواق.

وكان الجهاز المركزي للإحصاء في السودان (حكومي) أكد يوم الخميس الماضي، أن التضخم زاد إلى 63.87% على أساس سنوي في يونيو/ حزيران من 60.93% في مايو/ أيار.

ويعاني السودان نقصا حادا في النقد الأجنبي وسوق سوداء ترتفع فيها قيمة الدولار على نحو متزايد وهو ما يقوض قدرته على الاستيراد ويتسبب في ارتفاع الأسعار، ما أوقد شرارة احتجاجات شعبية حاشدة في وقت سابق هذا العام في بعض المناطق.
المساهمون