العواصم والبطيخ

28 مارس 2015

العواصم من عند الله، هكذا تأتي فجأة (Getty)

+ الخط -

بما أن ماء النيل من عند الله، ومصر حماها النيل، والله يحمي النيل من فوق سبع سماوات، وهو كما قيل في الأثر (نهر من الجنة)، فالعواصم أيضا من عند الله. هكذا تأتي فجأة، كما الأحلام الرقيقة في الليل، ألم يأت السيف للسيسي مكتوباً عليه (لا إله إلا الله)، وقد وعده الله بالملك من فوق سبع سماوات، بلا مدفع ولا دبابة ولا انقلاب ولا خديعة ولا إعلام، أَكبيرةٌ على الله، أيضاً، أن يبني السيسي بعد أربعة عشر من القرون، عاصمة أخرى تنطح الأولى، وتنافسها في العلو والبركة. فدعنا من خمسة ملايين بائع جائل في بر مصر يشكلون جيشاً احتياطياً لأعمال الخير والبركة مع وزارة الداخلية في كل مشروعاتها الخيرية، لتحسين حالة المواطن والوطن، كردم البرك والمستنقعات التي تتكون فقط من طفح المجاري في أحراش الجيزة ودار السلام وبولاق الدكرور وأبو العلا وفيصل، علاوة على أعمال الخير في مستشفيات الحكومة، كالتبرع بالدم وحمل (حالات الولادة السريعة) من الشارع إلى غرف مكيفة، وقطعاً سيستوعب مشروع قناة السويس هؤلاء الملايين الخمسة بفضل الله، وسيكون لهم مساكن مجهزة على مياه القناة اللازوردية بالطاقة الشمسية. إذن، فمسألة (تخييمهم بمبيعاتهم) في قلب الشوارع هي مسألة وقت، لا أكثر ولا أقل، وسيعودون كما عاد النوبيون إلى قراهم، وسكان مدن القناة إلى ملاعب صباهم وطفولتهم، فالمشكلة محلولة، خصوصاً أن بعد بناء العاصمة الجديدة، سيخصص جزء منها لمعالجة المرضى منهم، بدون تأمين صحي، ردّا لجميلهم مع وزارة الداخلية في دحر الإرهاب.

هذا عن البياعين، أما التعليم، فالمنظومة قائمة على قدم وساق، ونحاول، بكل جهد، أن ننقّي المناهج من شوائب الدين والفتن، بمساعدة منهجية من داخل الدين الصحيح، تقوم به فاطمة ناعوت والشيخ علي جمعة، بعد أن ضرب (في المليان)، وانتهت ذخيرته، وصارت مليئة كلها بالعلم والرؤى والعرفان.

يأتي بعد ذلك أمر (الرز) الذي يحسدنا عليه الناس من أحبّة لنا، فالرز لدينا كثير، وهذا أيضا من نعمة الله علينا، كنهر النيل ومياهه تماما (الذي هو من عند الله، ولن تستطيع يد، مهما كانت قوتها أن تمتد له، رغم أننا سنوقّع على المعاهدة). وكما قلنا من قبل لأميركا، من منطلق قوتنا وكرامتنا وعزتنا: (حتى لو أدرتم لنا ظهركم، فلن نستطيع أن ندير لكم ظهورنا)، أما أن يأتي متشكك أو بائس أو يائس أو مستيئس أو موءوس أو موكوس على حد تعبير إبراهيم عيسى، ويقول لنا جهارا نهارا وعيانا بيانا وفي وجوهنا وعقر دارنا ودورنا ومطارحنا ومطرحنا، ويقول: (شال بطيخة ضرط، فقال: شيلوا على التانية)، فهذا لن نرد عليه، إلا بما قاله فضيلة شيخنا العلامة والحبر الفهامة، علي جمعة: (دول ناس ريحتهم نتنة).

أما لو زاد الأمر عن حده وحدوده، فالأمر في يد القضاء، يفصل فيه بيننا في الدوائر المختلفة، وكله بالقانون. علاوة على أن هناك ستجد، في الشهور المقبلة، عدة أمور أخرى، بعدما تستكمل العاصمة الجديدة مرافقها وأحلامها، كما هو مقرر له تماما، وتحاط العاصمة بالدبابات والصواريخ والطائرات الفرنسية الجديدة، فسوف نفتح الأبواب على مصراعيها، يا سيدي، للتظاهر، وهايدبارك، إلى آخره، وستكون المظاهرات أكثر من الرز، ولكن بشرط واحد ووحيد وأوحد، وموحود وموحد وأكيد ومؤكد (كما يذكر الكاتب إبراهيم عيسى مراراً، كي يطيل دقائق البرنامج، لا لضعف شكيمة، ولكن لثراء قاموس)، وهذا الشرط هو الدعم الخارجي من العالم، وحتما سنصنع واحة للديمقراطية، تليق بتلك العاصمة الجديدة الخالية من الأحقاد والدماء أبدا.