في ظل تطور تكنولوجي في جميع نواحي الحياة الاقتصادية، وداخل مجتمع الأعمال، يكثر التعامل بالعملات الرقمية بين الأفراد والمؤسسات. وتعد من أهم المستحدثات التكنولوجية التي ستغير كلياً المعاملات المالية والصفقات الاقتصادية في العالم. تاريخياً، اعتبر الدولار عملة مرجعية عبر العالم، فبعد مؤتمر بريتن وودز عام 1944، تم ربط الدولار بالذهب وجعله أساساً للمعاملات التجارية، حتى فترة الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون الذي فك الارتباط وضبط الدولار على أسعار البترول في نظام نقدي سمي آنذاك بنظام البترودولار.
اليوم، الظروف مواتية لاستبدال العملات الورقية واعتماد عملات رقمية، حيث يعيش النظام المالي العالمي تغييرات جذرية. يؤكد صندوق النقد الدولي في آخر تقاريره ضرورة ضبط السياسة النقدية وإصلاح القطاع المالي والبيئة التنظيمية، وإقامة إصلاحات هيكلية، في ما يخص العملة المرجعية للأسواق. يتضح ذلك جلياً عند القوى الاقتصادية الكبرى، فالولايات المتحدة تسعى إلى استبدال آلية ارتباط الدولار والأخذ بمورد آخر. أما دول البريكس، فبدأت بإنشاء مصرف ينافس صندوق النقد الدولي التابع لسيطرة الولايات المتحدة الأميركية حيث يكون الذهب الاحتياطي النقدي.
في هذا السياق، انصب الاهتمام على استبدل العملات النقدية وإحلال أخرى رقمية مع بداية التداول المالي، من خلال بطاقات الائتمان والحساب المصرفي على الإنترنت وخاصة عبر التجارة الإلكترونية، التي أصبحت تشكل سوقاً عالمياً كبيراً و منفتحاً يسجل إيرادات مرتفعة. وذلك من خلال إنجاز عمليات البيع و الشراء عبر الأجهزة المحمولة دون الحاجة إلى أوراق نقدية.
على هذا النحو، تعتبر عملة البيتكوين Bitcoin، من أشهر العملات الرقمية تداولاً عبر الإنترنت، حيث يمكن استعمالها من أي بلد عبر شبكة الإنترنت بدون قيود أو أي متطلبات قانونية لأنها غير خاضعة لإصدارات البنك المركزي. كما أنها تسهل التداول المالي بدون الحاجة إلى وسيط، سواء تعلق الأمر بمصرف أو شركة لتحويل الأموال. وبذلك فإن مصاريف التحويل بين المتعاملين بالبيتكوين جد قليلة إن لم تكن منعدمة.
تعود نشأة البيتكوين إلى دراسة منشورة في الإنترنت لباحث مجهول باسم مستعار "ساتوشي ناكاموتو"، حيث فتح الباب على مصراعيه أمام عدة تأويلات، إن كان هذا الشخص باحثاً أو مؤسسة ربحية، أو دولة. ويرجع البعض البيتكوين إلى تقرير تابع إلى وكالة الأمن القومي الأميركي منشور في معهد "ماساتشوستس للتكنولوجيا"، حيث صرحت الوكالة برغبتها في إنشاء نظام للعملات الرقمية.
يحتاج المتعامل بعملة البيتكوين إلى محفظة إلكترونية تباع عند شركات الصرافة الإلكترونية، أما صناعة البيتكوين الخاص بالشخص، فتتم عبر استعمال برامج التنقيب مفتوحة المصدر. ويمكن من خلال هذه العملة القيام بعمليات بيع وشراء مختلفة. كما بدأت العديد من الدول كالولايات المتحدة الأميركية، اليابان وكوريا الجنوبية بإستخدام صراف ألي للبيتكوين. لكن تبقى هذه العملة غير محبذة في عمليات الاستثمار بحكم عدم خضوعها لضوابط السوق. وبالمجمل، تعتمد العملة على مشتركي شبكة الإنترنت وليس لديها مركز تحكم. ما هو محدد فقط، هو عدد العملات التي يتم تداولها والمحدودة في 21 مليون عملة حتى لا يفقد البيتكوين قيمته.
تشكل العملات الرقمية بديلاً لخلق ثروات عديدة بالعالم، الأمر الذي يتطلب منها مواجهة تحديين رئيسيين، أولاً تجاوز احتكار هذه العملات من طرف الدول القوية المنتجة للتكنولوجيا عبر تعميم الاستفادة ونقل الخبرات الكنولوجية للنظام المالي الرقمي إلى كل دول العالم. ثم مواجهة عمليات الجرائم الإلكترونية، حيث إن خسائرها تتعدى ميزانيات دول بالكامل، لتتجاوز الـ 400 بليون دولار حتى الآن، وضحاياها يفوقون 500 مليون ضحية بمعدل 18 ضحية في الثانية الواحدة.
كما تم تسجيل تطور نوعي في هذه الجرائم، حيث بدأت بعمليات اختراق أو تعطيل للشبكة وتحولت إلى سرقة موصوفة وجرائم عابرة للحدود. وقد تم اختراق قاعدة بيانات العملاء في البنك المركزي الأوروبي وتم كذلك الاحتيال على مؤسسات مصرفية أبرزها سرقة 9 ملايين دولار من "رويال بنك أوف سكوتلاند"، مما يبين أن سرعة التكنولوجيا لا تتوافق مع وتيرة إنتاج القوانين المنظمة للاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية.
(كاتب وأكاديمي مغربي)
اليوم، الظروف مواتية لاستبدال العملات الورقية واعتماد عملات رقمية، حيث يعيش النظام المالي العالمي تغييرات جذرية. يؤكد صندوق النقد الدولي في آخر تقاريره ضرورة ضبط السياسة النقدية وإصلاح القطاع المالي والبيئة التنظيمية، وإقامة إصلاحات هيكلية، في ما يخص العملة المرجعية للأسواق. يتضح ذلك جلياً عند القوى الاقتصادية الكبرى، فالولايات المتحدة تسعى إلى استبدال آلية ارتباط الدولار والأخذ بمورد آخر. أما دول البريكس، فبدأت بإنشاء مصرف ينافس صندوق النقد الدولي التابع لسيطرة الولايات المتحدة الأميركية حيث يكون الذهب الاحتياطي النقدي.
في هذا السياق، انصب الاهتمام على استبدل العملات النقدية وإحلال أخرى رقمية مع بداية التداول المالي، من خلال بطاقات الائتمان والحساب المصرفي على الإنترنت وخاصة عبر التجارة الإلكترونية، التي أصبحت تشكل سوقاً عالمياً كبيراً و منفتحاً يسجل إيرادات مرتفعة. وذلك من خلال إنجاز عمليات البيع و الشراء عبر الأجهزة المحمولة دون الحاجة إلى أوراق نقدية.
على هذا النحو، تعتبر عملة البيتكوين Bitcoin، من أشهر العملات الرقمية تداولاً عبر الإنترنت، حيث يمكن استعمالها من أي بلد عبر شبكة الإنترنت بدون قيود أو أي متطلبات قانونية لأنها غير خاضعة لإصدارات البنك المركزي. كما أنها تسهل التداول المالي بدون الحاجة إلى وسيط، سواء تعلق الأمر بمصرف أو شركة لتحويل الأموال. وبذلك فإن مصاريف التحويل بين المتعاملين بالبيتكوين جد قليلة إن لم تكن منعدمة.
تعود نشأة البيتكوين إلى دراسة منشورة في الإنترنت لباحث مجهول باسم مستعار "ساتوشي ناكاموتو"، حيث فتح الباب على مصراعيه أمام عدة تأويلات، إن كان هذا الشخص باحثاً أو مؤسسة ربحية، أو دولة. ويرجع البعض البيتكوين إلى تقرير تابع إلى وكالة الأمن القومي الأميركي منشور في معهد "ماساتشوستس للتكنولوجيا"، حيث صرحت الوكالة برغبتها في إنشاء نظام للعملات الرقمية.
يحتاج المتعامل بعملة البيتكوين إلى محفظة إلكترونية تباع عند شركات الصرافة الإلكترونية، أما صناعة البيتكوين الخاص بالشخص، فتتم عبر استعمال برامج التنقيب مفتوحة المصدر. ويمكن من خلال هذه العملة القيام بعمليات بيع وشراء مختلفة. كما بدأت العديد من الدول كالولايات المتحدة الأميركية، اليابان وكوريا الجنوبية بإستخدام صراف ألي للبيتكوين. لكن تبقى هذه العملة غير محبذة في عمليات الاستثمار بحكم عدم خضوعها لضوابط السوق. وبالمجمل، تعتمد العملة على مشتركي شبكة الإنترنت وليس لديها مركز تحكم. ما هو محدد فقط، هو عدد العملات التي يتم تداولها والمحدودة في 21 مليون عملة حتى لا يفقد البيتكوين قيمته.
تشكل العملات الرقمية بديلاً لخلق ثروات عديدة بالعالم، الأمر الذي يتطلب منها مواجهة تحديين رئيسيين، أولاً تجاوز احتكار هذه العملات من طرف الدول القوية المنتجة للتكنولوجيا عبر تعميم الاستفادة ونقل الخبرات الكنولوجية للنظام المالي الرقمي إلى كل دول العالم. ثم مواجهة عمليات الجرائم الإلكترونية، حيث إن خسائرها تتعدى ميزانيات دول بالكامل، لتتجاوز الـ 400 بليون دولار حتى الآن، وضحاياها يفوقون 500 مليون ضحية بمعدل 18 ضحية في الثانية الواحدة.
كما تم تسجيل تطور نوعي في هذه الجرائم، حيث بدأت بعمليات اختراق أو تعطيل للشبكة وتحولت إلى سرقة موصوفة وجرائم عابرة للحدود. وقد تم اختراق قاعدة بيانات العملاء في البنك المركزي الأوروبي وتم كذلك الاحتيال على مؤسسات مصرفية أبرزها سرقة 9 ملايين دولار من "رويال بنك أوف سكوتلاند"، مما يبين أن سرعة التكنولوجيا لا تتوافق مع وتيرة إنتاج القوانين المنظمة للاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية.
(كاتب وأكاديمي مغربي)