28 يناير 2015
العلم في جوهر مشروع التحرر
رجوى الملوحي (سورية)
الحرية قوة، سيفها عِلم يمهد لها درب الاستمرار، ويكون درعاً لها في طريقها المعبّد بالدم، المحفوف بالمهالك. عندما نريد أن نتحدث عن أسس الحرية، وقواعد التحرر من قيود العبودية، لا بد أن نعطي للعلم، في حديثنا، موضع الركن والأساس الأكثر أهمية، والأكثر تأثيراً. ففي أزمة الحريات وحقوق الإنسان، المصاحبة لدروب التحرر في العالم العربي، نلمس مساحة شاسعة من الأمية العلمية والثقافية، وغياب الوعي، ونرى أن الإنسان العربي، لا يحظى بقيمة تذكر، في موازين القوة في عالم السياسة، الذي يعج بالأقوياء والأذكياء والفصحاء بعلمهم. كما نجد الإنسان العربي، مدفوعا لهذا الحال، على الرغم من إرادته، بسبب ظروف العوز والفقر والبطالة، والتحضر المزيف، المبني على ثقافة الاستهلاك، والمؤسسات التعليمية التي تبرع في اصدار الشهادات، دون محاولة منها لأن تصنع إنسان العصر الحديث، وتنميه، دافعةً إياه لتفجير طاقاته بشكل واعٍ.
إن الشعوب التي تغرق في غياهب الجهل والتخلف، تصاب بنوع من شلل الحاضر، وعمى في رؤية المستقبل، وتصلب في العقول، يدفعها لأن تتجمد في عصرها، ولا تواكبه، فلا تعود تملك خياراتها، ولا تستطيع إلا أن تكون كرة تتقاذفها أيدي الغير، فهي غير مسيطرة على زمام أمرها، حتى وإن حاولت، فإن الفشل سيكون نهاية طريقها. لذلك؛ لا يستطيع شعب جاهل أن يقود نفسه بنفسه، بل سيكون رهينة لسلطان نخبة تحكمه، أياً كانت طبيعة هذا السلطان، ومهما كان توجهها ومصالحها الضيقة. نستطيع أن نستذكر هنا ما فعلته نخبة المجتمع العربي، في ظل حكم الإمبراطورية العثمانية، وهي التي تثقفت آنذاك واستمدت علمها من البيوت الأعجمية، فُغسلت عقولها حتى تفرنست وتبرطنت، وفقاً لمحددات الهيمنة الأنجلوسكسونية والفرنكفونية، على الخيارات الثقافية والعلمية، في العالم المستعمر آنذاك. فلم يرتقي مشروع النخب العربية لأن يصل موقع المشروع التنويري النهضوي الذي يحتاجه مستقبل شعوبها.
بين العلم والحرية جسـور متينة، لا تكاد ترى، إنما يبصرها من يجمع المعرفة بالعلم، وإرادة الحرية. فالعمل في سبيل نيل الحرية، والتمتع بما يمكن أن توفره للشعوب، يشترط فيه توفر المعرفة العلمية، والتوصيفات السليمة لمشاكلنا، والخط الواضح لتطلعاتنا المستقبلية. فإذا ذكرت الحرية، تذكر العبودية، كضد ونقيض لها، كذلك إن ذكر العلم، يحضر الجهل ضده، وهذا يقود للاعتراف بأن كلا النقيضين يجتمع ضد النقيضين، بمعنى أن للعبودية في الجهل مرتع، والعكس بالعكس.
يشكل العلم ركيزة نهضة أي مجتمع إنساني، فالعلم، بجميع مجالاته، يمثل المعرفة، التي دونها لايستطيع الإنسان أن يفهم نفسه، أو علاقته بالآخر، أو العالم الذي يعيش فيه، فتكون الحـرية هي حرية فهم الذات، قبل أي شيء أخر. ولنا نحن العرب والمسلمون، خير تمثيل في قول نبينا الكريم: "العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة"، إضافة إلى أن من أقبح أنواع الاستبداد المنافي لمفهوم الحرية، "استبداد الجهل على العلم، واستبداد النفس على العقل"، بحسب قول الكواكبي.
إن الشعوب التي تغرق في غياهب الجهل والتخلف، تصاب بنوع من شلل الحاضر، وعمى في رؤية المستقبل، وتصلب في العقول، يدفعها لأن تتجمد في عصرها، ولا تواكبه، فلا تعود تملك خياراتها، ولا تستطيع إلا أن تكون كرة تتقاذفها أيدي الغير، فهي غير مسيطرة على زمام أمرها، حتى وإن حاولت، فإن الفشل سيكون نهاية طريقها. لذلك؛ لا يستطيع شعب جاهل أن يقود نفسه بنفسه، بل سيكون رهينة لسلطان نخبة تحكمه، أياً كانت طبيعة هذا السلطان، ومهما كان توجهها ومصالحها الضيقة. نستطيع أن نستذكر هنا ما فعلته نخبة المجتمع العربي، في ظل حكم الإمبراطورية العثمانية، وهي التي تثقفت آنذاك واستمدت علمها من البيوت الأعجمية، فُغسلت عقولها حتى تفرنست وتبرطنت، وفقاً لمحددات الهيمنة الأنجلوسكسونية والفرنكفونية، على الخيارات الثقافية والعلمية، في العالم المستعمر آنذاك. فلم يرتقي مشروع النخب العربية لأن يصل موقع المشروع التنويري النهضوي الذي يحتاجه مستقبل شعوبها.
بين العلم والحرية جسـور متينة، لا تكاد ترى، إنما يبصرها من يجمع المعرفة بالعلم، وإرادة الحرية. فالعمل في سبيل نيل الحرية، والتمتع بما يمكن أن توفره للشعوب، يشترط فيه توفر المعرفة العلمية، والتوصيفات السليمة لمشاكلنا، والخط الواضح لتطلعاتنا المستقبلية. فإذا ذكرت الحرية، تذكر العبودية، كضد ونقيض لها، كذلك إن ذكر العلم، يحضر الجهل ضده، وهذا يقود للاعتراف بأن كلا النقيضين يجتمع ضد النقيضين، بمعنى أن للعبودية في الجهل مرتع، والعكس بالعكس.
يشكل العلم ركيزة نهضة أي مجتمع إنساني، فالعلم، بجميع مجالاته، يمثل المعرفة، التي دونها لايستطيع الإنسان أن يفهم نفسه، أو علاقته بالآخر، أو العالم الذي يعيش فيه، فتكون الحـرية هي حرية فهم الذات، قبل أي شيء أخر. ولنا نحن العرب والمسلمون، خير تمثيل في قول نبينا الكريم: "العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة"، إضافة إلى أن من أقبح أنواع الاستبداد المنافي لمفهوم الحرية، "استبداد الجهل على العلم، واستبداد النفس على العقل"، بحسب قول الكواكبي.
مقالات أخرى
14 يناير 2015
25 ديسمبر 2014
19 ديسمبر 2014