العرب في قلب استفتاء بريطانيا

16 يونيو 2016
أسئلة كثيرة سيجيب عنها استفتاء 23 يونيو/حزيران (فرانس برس)
+ الخط -
تتجه أنظار كبار المؤسسات المالية ومستثمري العالم حاليا نحو "الاستفتاء البريطاني" المقرر إجراؤه يوم 23 يونيو/حزيران الجاري، أي بعد أسبوع من الآن، ومن خلال نتائجه يتم تحديد مستقبل بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي، هل ستظل عضواً بالاتحاد الذي يضم 28 دولة أم تغادره.

ورغم أنالاستفتاء المرتقب يأخذ طابعا سياسيا بالدرجة الأولى داخل بريطانيا، إلا أن المتأمل للمشهد يلحظ أن الطابع الاقتصادي لمعركة الاستفتاء بات يطغي على نظيره السياسي، وأن المعركة باتت تشغل كل دول العالم وأسواقه المالية ومستثمريه، بل باتت الشغل الشاغل لكبار المستثمرين والمؤسسات المالية العاملة داخل بريطانيا.

ولذا أصبح حديث العديد من الناخبين منصبّاً على سعر الجنيه الإسترليني المتراجع أمام الدولار واليورو، وعن فقدانه 11% من قيمته حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كما قال بنك غولدمان ساكس الأميركي أمس، وعن المصالح الاقتصادية المهددة للبلاد ومدى تعرض الصادرات والاستثمارات الخارجية لأخطار شديدة، وعن الخسائر المتوقعة للقطاع المصرفي البريطاني، وفقدان حي المال الشهير بالعاصمة لندن لبريقه.

كما يحتل الحديث عن اتجاهات البزنس وأسواق المال والبورصات والعقارات والأسهم والسندات حيزاً مهماً من اهتمامات وسائل الإعلام البريطانية، بل والعالمية.

وانتقلت معركة الاقتصاد إلى الأطراف الرئيسية في معركة الاستفتاء من حكومة ومعارضة وأحزاب ومنظمات مجتمع مدني، فالفريق الرافض مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي له منطقه الذي يدافع عنه، إذ يرى أن التداعيات الاقتصادية للخروج ستكون كارثية على المدى البعيد.


فخسائر الاقتصاد ستبلغ 145 مليار دولار، وهو هنا يستند لأرقام حديثة صادرة عن اتحاد الصناعات البريطاني، كما ستفقد لندن ثقلها المالي والمصرفي عالميا، خاصة الحي المالي في لندن، وستهرب الاستثمارات الأجنبية، وسيتراجع معدل النمو، وترتفع نسب البطالة.

أما الفريق المؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فيتهم الفريق الآخر بالمبالغة في تقدير الخسائر الاقتصادية، واستخدام فزاعة الاقتصاد لإرهاب الناخبين، ويرى أيضا أن ضعف قيمة الإسترليني نعمة وليس نقمة، حيث سيزيد السياحة والصادرات، كما سيجذب مزيدا من الاستثمارات الأجنبية لكل القطاعات بما فيها العقارات وأسواق المال والأسهم وأدوات الدين كالسندات وأذون الخزانة.

إضافة إلى أنه يرى أن الخروج من الاتحاد سيجعل الاقتصاد البريطاني أكثر قوة، حيث سيتفادى مشاكل منطقة اليورو المعقدة، ولن يكون مسؤولا عن تحمل أعباء الدول الأوروبية التي تواجه مشاكل مالية حادة مثل اليونان وقبرص وربما إيطاليا وفرنسا واسبانيا في وقت لاحق.

إزاء الموقفين المتعارضين والحرب الشرسة بين المؤيدين والمعارضين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يقف المستثمر العربي حائراً لا يعرف مصير استثماراته في بريطانيا التي تقدر بأكثر من 100 مليار جنيه إسترليني، منها نحو 60% مملوكة لمستثمرين خليجيين.

كما بات هذا المستثمر يعيش حالة ترقب شديدة، ففي حال مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي فإن السؤال الذي يلح عليه هو: هل سيواصل ضخ استثمارات جديدة في شرايين الاقتصاد البريطاني وقطاعاته القوية مثل العقارات والمصارف والأسهم والسندات؟ وهل يواصل حيازة الجنيه الإسترليني ضمن محفظته المالية أم يتخلص منه كما فعل العديد من المستثمرين الدوليين خلال الفترة الأخيرة؟

وهل ستواصل البنوك المركزية العربية حيازة السندات البريطانية التي تمثل نسبة لا بأس بها في مكونات احتياطيات النقد الأجنبي لديها؟

أسئلة كثيرة سيجيب عنها استفتاء 23 يونيو/حزيران، وربما لا يجيب بشكل سريع إذا ما اختار البريطانيون التصويت بـ"نعم على الخروج من الاتحاد الأوروبي".

المساهمون