20 سبتمبر 2019
العرب إلى أين؟
أحمد سلوم (سورية)
النقلَة الحضاريَة التي حققها العرب خلال مدةٍ قصيرةٍ لا تكاد تتجاوز مئة عام، تعجز بقيةُ الأمم عن تحقيقها خلال مئات السنين.
بهذه الكلمات، تحدث الفيلسوف الألماني، أوسفالد شبينغلر، صاحب كتاب صدر في النصف الأول من القرن العشرين "تدهور الحضارة الغربية"، وهو المعروف بتعصبه لطبقة النبلاء الأوروبية، ولولا هذا التعصب، لتكلمَ عن العرب وما بنوهُ من حضارة، أكثر من ذلك.
تقودنا هذه المقولة إلی التساؤل: تُری لماذا وصلت الأمة العربية اليوم إلى ما وصلت اليه من واقعٍ أقلُّ ما يقالُ فيه، إنها تتخبطُ في وحول مستنقع التخلف والبدائية، وكأن العقل العربي باتَ عاجزاً عن مواكبةِ التحضر وعدم القدرة علی استنباتِ القدرة علی السير في طريق التمدن؟ أو أن الأمة العربية غدت عاقراً عاجزةً عن إنجاب العقول المبدعة القادرة علی تحقيقِ ما يصبو إليه أبناؤها من تمدن وتطور؟ وللإجابة علی هذه التساؤلات وأمثالِها، علينا أن نتعرّف علی الأسس التي تقوم عليها الحضارة ومعرفةِ فيما إذا كانت متاحة لهذه الأمة.
المعروف أنّ أيَّ تقدم حضاري، قديماً كان أم حديثاً، يتطلب نوعين من المقومات التي تشكل الأحجار الثمينة لبناء صروح الحضارة العظيم، فالأول منهما مادي، ويأتي الإنسانُ علی رأس تلك الأسس، إذ إنه المخلوقُ الوحيدُ الذي يملك عقلاً، والعقلُ هو الذي يفتِّق أغصان الحضارة، تلك الشجرة وارفة الظلال، وفي الوقت نفسه، يملك الإنسانُ قوةً عضليةً، لا بُدَّ منها لقيامِ أي بناء يضاف إلی ذلك.
تحتاج الحضارة إلی أرضٍ تصلحُ لبنائها، كما تحتاجُ الحضارةُ إلی إمكانات مادَّيةٍ هائلة، لا يمكن الاستغناء عنها. أضف إلی ذلك، هي بأمس الحاجة إلی القرار السياسي الذي يحوّلُ ذلك كله إلی عملٍ منتجٍ خلاق، ويحتاج ذلك كله إلی فكرٍ علمي بعيد عن الأهواء والشبهات. أمّا المقومات الثانية، فهي الأسس الروحية التي بدونها يحوّل العلمُ (إذا اُعتمد عليه وحده) الإنسان إلی عبودية شنيعة.
نصل إلی السؤال الجوهري الذي تتوقف علی الإجابةِ عليه معرفة أسبابِ التدهور الذي نعيشه، ومفاده: كم تمتلك الأمة العربية من هذه المقومات؟ وماذا ينقصها لتكونَ جديرةَ بالحياة وبالفراغ الذي تشغله تحت الشمس؟
تعداد السكان في وطننا تجاوز الثلاثمائة مليون نسمة، يعيشون علی أرضٍ تتجاوز مساحتها 12 مليون متر مكعب. إذاً لا ينقصنا الإنسان، ولا تنقصنا الأرض، فإن رمال الصحراء تختزن من الثروات الباطنية ما يعجز العقل عن تصوره، والإمكانات المالية قادرة علی تحرير فقراء الكرة الأرضية وتحويلهم إلی أثرياء، فيما إذا وُزِعت عليهم، فإذا انتقلنا إلی موضوع الفكر العلمي، وجدنا أمتنا تدبُّ في أقبيةِ التخلف واجترار عقولها في قضايا لا تسمن ولا تغني من جوع، والسبب في ذلك انعدام الأرضية العلمية عند فئة النخبة السياسية المتحكمة بمقدرات الأمة، والتي تعمل علی الإبقاء علی الوضع الراهن.
إذا سألنا المنظرين ممن يدعون الثقافة والمعرفة عن الأسباب التي أودت بنا إلی مآلنا الذي نحن فيه، فإنهم يلقون اللوم علی الاستعمار الذي يرون فيه سببا لكلِ معاناة أوطاننا وشعوبنا، وهم في هذا يظهرون وكأنهم يعيشون خارج العالم وأبسط ردٍ عليهم: ها هي البلاد العربية قد تحرّرت من ربقة المستعمر، وقد ملكت أمر نفسها، إذ يحكمها نخبةٌ المفروض أنّ أفرادها من أبناء الوطن، فماذا فعل هؤلاء لانتشال مواطنيهم من وحول الفقر والجوع والحرمان؟ وماذا فعلوا لتحرير أوطانهم من ظلمة الأمية التي تجاوزت نصفَ سكان الوطن العربي ونحنُ في قرن الفكر والتنوير؟
التراب تحرّر والبلاد استقرت والمواطن العربي لا يزال يقبع في أقبيةِ الضياع مردّداً ترديداً ببغاوياً: إنه الاستعمار.. متناسين أنّ اليابان احترقت وتحولت إلی رماد بعد قصفها بقنبلتين نوويتين، ومع ذلك نهضت، وكأنها العنقاء من الرماد، محققةً ما تسمّی اليوم المعجزة اليابانية، وأن رجلاً واحداً هو، مهاتير محمد، صيّر ماليزيا من الدول الأكثر تطوراً، فمتى ندرك ذلك؟ ومتى نبدأ طريق النهوض؟
بهذه الكلمات، تحدث الفيلسوف الألماني، أوسفالد شبينغلر، صاحب كتاب صدر في النصف الأول من القرن العشرين "تدهور الحضارة الغربية"، وهو المعروف بتعصبه لطبقة النبلاء الأوروبية، ولولا هذا التعصب، لتكلمَ عن العرب وما بنوهُ من حضارة، أكثر من ذلك.
تقودنا هذه المقولة إلی التساؤل: تُری لماذا وصلت الأمة العربية اليوم إلى ما وصلت اليه من واقعٍ أقلُّ ما يقالُ فيه، إنها تتخبطُ في وحول مستنقع التخلف والبدائية، وكأن العقل العربي باتَ عاجزاً عن مواكبةِ التحضر وعدم القدرة علی استنباتِ القدرة علی السير في طريق التمدن؟ أو أن الأمة العربية غدت عاقراً عاجزةً عن إنجاب العقول المبدعة القادرة علی تحقيقِ ما يصبو إليه أبناؤها من تمدن وتطور؟ وللإجابة علی هذه التساؤلات وأمثالِها، علينا أن نتعرّف علی الأسس التي تقوم عليها الحضارة ومعرفةِ فيما إذا كانت متاحة لهذه الأمة.
المعروف أنّ أيَّ تقدم حضاري، قديماً كان أم حديثاً، يتطلب نوعين من المقومات التي تشكل الأحجار الثمينة لبناء صروح الحضارة العظيم، فالأول منهما مادي، ويأتي الإنسانُ علی رأس تلك الأسس، إذ إنه المخلوقُ الوحيدُ الذي يملك عقلاً، والعقلُ هو الذي يفتِّق أغصان الحضارة، تلك الشجرة وارفة الظلال، وفي الوقت نفسه، يملك الإنسانُ قوةً عضليةً، لا بُدَّ منها لقيامِ أي بناء يضاف إلی ذلك.
تحتاج الحضارة إلی أرضٍ تصلحُ لبنائها، كما تحتاجُ الحضارةُ إلی إمكانات مادَّيةٍ هائلة، لا يمكن الاستغناء عنها. أضف إلی ذلك، هي بأمس الحاجة إلی القرار السياسي الذي يحوّلُ ذلك كله إلی عملٍ منتجٍ خلاق، ويحتاج ذلك كله إلی فكرٍ علمي بعيد عن الأهواء والشبهات. أمّا المقومات الثانية، فهي الأسس الروحية التي بدونها يحوّل العلمُ (إذا اُعتمد عليه وحده) الإنسان إلی عبودية شنيعة.
نصل إلی السؤال الجوهري الذي تتوقف علی الإجابةِ عليه معرفة أسبابِ التدهور الذي نعيشه، ومفاده: كم تمتلك الأمة العربية من هذه المقومات؟ وماذا ينقصها لتكونَ جديرةَ بالحياة وبالفراغ الذي تشغله تحت الشمس؟
تعداد السكان في وطننا تجاوز الثلاثمائة مليون نسمة، يعيشون علی أرضٍ تتجاوز مساحتها 12 مليون متر مكعب. إذاً لا ينقصنا الإنسان، ولا تنقصنا الأرض، فإن رمال الصحراء تختزن من الثروات الباطنية ما يعجز العقل عن تصوره، والإمكانات المالية قادرة علی تحرير فقراء الكرة الأرضية وتحويلهم إلی أثرياء، فيما إذا وُزِعت عليهم، فإذا انتقلنا إلی موضوع الفكر العلمي، وجدنا أمتنا تدبُّ في أقبيةِ التخلف واجترار عقولها في قضايا لا تسمن ولا تغني من جوع، والسبب في ذلك انعدام الأرضية العلمية عند فئة النخبة السياسية المتحكمة بمقدرات الأمة، والتي تعمل علی الإبقاء علی الوضع الراهن.
إذا سألنا المنظرين ممن يدعون الثقافة والمعرفة عن الأسباب التي أودت بنا إلی مآلنا الذي نحن فيه، فإنهم يلقون اللوم علی الاستعمار الذي يرون فيه سببا لكلِ معاناة أوطاننا وشعوبنا، وهم في هذا يظهرون وكأنهم يعيشون خارج العالم وأبسط ردٍ عليهم: ها هي البلاد العربية قد تحرّرت من ربقة المستعمر، وقد ملكت أمر نفسها، إذ يحكمها نخبةٌ المفروض أنّ أفرادها من أبناء الوطن، فماذا فعل هؤلاء لانتشال مواطنيهم من وحول الفقر والجوع والحرمان؟ وماذا فعلوا لتحرير أوطانهم من ظلمة الأمية التي تجاوزت نصفَ سكان الوطن العربي ونحنُ في قرن الفكر والتنوير؟
التراب تحرّر والبلاد استقرت والمواطن العربي لا يزال يقبع في أقبيةِ الضياع مردّداً ترديداً ببغاوياً: إنه الاستعمار.. متناسين أنّ اليابان احترقت وتحولت إلی رماد بعد قصفها بقنبلتين نوويتين، ومع ذلك نهضت، وكأنها العنقاء من الرماد، محققةً ما تسمّی اليوم المعجزة اليابانية، وأن رجلاً واحداً هو، مهاتير محمد، صيّر ماليزيا من الدول الأكثر تطوراً، فمتى ندرك ذلك؟ ومتى نبدأ طريق النهوض؟
مقالات أخرى
13 سبتمبر 2019
31 مايو 2019
24 ابريل 2019