العراق يرسم خططاً بديلة لتصدير النفط: سيناريو الحرب

20 يونيو 2019
توترات الخليج تهدّد صادرات الخام العراقي (الأناضول)
+ الخط -

 

 

كشفت مصادر بارزة في الحكومة العراقية، لـ "العربي الجديد"، عن إنهاء لجان فنية وقانونية مشكّلة من وزارة النفط وشركة تسويق النفط "سومو"، إعداد خطة أولية تتضمن خيارات سريعة لتصدير النفط الخام في حال اندلاع مواجهات في مياه الخليج العربي من شأنها إيقاف تدفقه من موانئ البصرة البحرية.

وحسب المصادر التي رفضت ذكر اسمها، تتضمن الخطة مسارين: الأول عاجل، والثاني ضمن مشروع متكامل لتنويع منافذ تصدير النفط العراقي وزيادة التصدير.

وأكد مسؤول عراقي في بغداد أن لجانا من وزارة النفط وخبراء في مكتب نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة، ثامر الغضبان، وخبراء من شركة تسويق النفط العراقية "سومو"، أنهت سلسلة اجتماعات انطلقت مطلع الشهر الجاري بهدف بحث خيارات العراق في تصدير نفطه لو أغلق مضيق هرمز أو اندلعت مواجهات في الخليج العربي تؤدي إلى توقف تصدير النفط عبر الموانئ الجنوبية في البصرة المطلة على مياه الخليج.

وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أن العراق في حال فقدانه التصدير بحراً لن يكون لديه حينها سوى ميناء جيهان التركي، عبر الأنبوب العراقي الممتد من كركوك، وبطاقة استيعابية لا تتجاوز كحد أقصى 350 ألف برميل، بسبب سوء حالته وتقادمه، ما يعني الحاجة إلى تسريع عملية بناء الخط الثاني الذي أقر رسميا في العام الماضي، لرفع مستوى التصدير إلى مليون برميل عبر الأنبوبين.


وأشار إلى أن لدى العراق خيار الناقلات البرية للنفط (الصهاريج) للحد من الأزمة في حالة اندلاع الحرب.
وأوضح أن نقل النفط بالصهاريج وعبر الأردن وصولا إلى ميناء العقبة هو أحد الحلول المطروحة، وهناك مسار آخر وهو إعادة الحياة لأنبوب بانياس إلى سورية الذي يصل إلى ميناء طرطوس على البحر المتوسط، وهو أنبوب عراقي متروك منذ الثمانينيات، بسبب الخلاف بين العراق ونظام الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، خلال الحرب العراقية الإيرانية التي وقفت خلالها دمشق مع طهران.

وقال إن اللجنة ستتوجه أيضا نحو سورية للتفاوض مع النظام، بهدف حسم الخلاف القانوني على الأنبوب ومراجعة حالته الفنية، تحسبا للحاجة إليه، وهو خيار ضعيف في الوقت الحالي، ويمكن اعتباره حلا أخيرا. وأشار إلى أن اللجان الفنية اتفقت على جملة من التوصيات، أولها تسريع إجراءات مد أنبوب البصرة - الأردن، رغم أن بناءه يأخذ فترة طويلة، لكنه ضروري، إضافة إلى إجراء مراجعة على أنبوب جيهان التركي النشط حاليا لزيادة قدرته التصديرية.

وأكد أن العراق يملك أساطيل ضخمة من ناقلات النفط البرية لها سعات كبيرة جدا من الممكن أن تغطي نحو ربع مليون برميل يوميا، لكنها تبقى غير كافية لتعويض الكميات التي تصدّرها حاليا موانئ البصرة.

ويعتمد العراق، خامس أكبر مصدر للنفط في العالم، بشكل كامل على عائدات النفط في موازنته المالية السنوية، بعد انهيار قطاعات أخرى كانت تشكل ما نسبته أكثر من 40 بالمائة من موارده المالية، أبرزها الزراعة والصناعة، عقب الغزو الأميركي ــ البريطاني للبلاد عام 2003.

وحسب بيانات رسمية، يبلغ مجموع إنتاج العراق نحو 4.5 ملايين برميل يوميا، يصدّر بشكل يومي منه نحو 3.5 ملايين برميل، ويستخدم المتبقي منه للاستهلاك الداخلي.

وكان المتحدث باسم وزارة النفط العراقية، عاصم جهاد، قد كشف، في وقت سابق من هذا الأسبوع، أن سلطات بلاده تدرس بدائل في حال أدى تصاعد التوتر الأميركي الإيراني إلى قطع طرق التصدير عبر الخليج. وقال جهاد: "لا يوجد منفذ يعوّض عن المنفذ الجنوبي والبدائل محدودة، هذا مصدر قلق للسوق النفطي في العالم".

عضو لجنة الخدمات في البرلمان العراقي، علاء سكر، أوضح، في حديثه لـ "العربي الجديد"، أنه "بسبب التداعيات الأخيرة في الخليج، قرر البرلمان استضافة المسؤولين لتوضيح خطتهم وإجراءاتهم البديلة في حال توقف منفذ الجنوب عن تصدير النفط".

وأضاف سكر: "تم التصويت على استضافه وزراء النقل والتجارة والتخطيط، بخصوص أي تداعيات إذا وُجهت ضربة لإيران"، موضحا أن "لجنة الخدمات عازمة على تطمين المواطنين، والتأكد من أن هناك خططا لدى الحكومة تعتمدها لمنع تأثر اقتصاد العراق ومورده المالي الوحيد في الوقت الحالي، فالنتائج ستكون كارثية لو توقف تصدير النفط".

من جانبه، قال عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، صادق مدلول، إنهم "ينتظرون من وزارة النفط خطتها البديلة، وكان يجب أن تكون هناك خطة طوارئ جاهزة قبل فترة طويلة وليس الآن".

وأضاف مدلول، لـ "العربي الجديد": "نعتبر أن عدم وجود خطة مع كل المنافذ الأخرى المتاحة وموقع العراق الجغرافي المميز كارثة"، مشيراً إلى أن العراق سيعاني من أزمة مالية خانقة في حال توقف التصدير.

الخبير النفطي العراقي أمجد العزاوي أوضح، لـ "العربي الجديد"، أن البلاد لا يمكنها سوى التصدير عبر جيهان التركي بالأنبوب الموجود حاليا، ومن خلال الصهاريج عن طريق الأردن وتركيا، وفي أفضل الأحوال لن يكون بمقدرة بغداد تصدير أكثر من مليون برميل يوميا، رغم أن هذا الرقم مستحيل". وتابع: "العراق يحتاج إلى عامين أو ثلاثة لإنجاز الأنبوب الأردني، ما يعني أننا في حال اندلاع أي صراع سنخسر أكثر من 70 بالمائة من قدرتنا على بيع النفط".

المساهمون