العراق: ملف سقوط الموصل ونحو 40 قضية أخرى رهينة للتوافق السياسي

24 يوليو 2019
تحالف "سائرون" طالب بفتح ملف سقوط الموصل (Getty)
+ الخط -
رغم مرور أكثر من أسبوعين على طلب تحالف "سائرون" في البرلمان العراقي تفعيل ملف سقوط الموصل، وملفات قضائية أخرى مجمدة داخل مجلس القضاء الأعلى، تتجنب السلطة القضائية، وحتى الحكومة، حتى الآن، فتح ملفات قضائية كبيرة رغم ما ترتب عليها من خسائر بشرية ومالية لحقت بالبلاد، كملف سقوط الموصل وتفجير الكرادة ومجزرة سبايكر، ومجزرة جامع سارية، وفض اعتصام الحويجة، وصفقات السلاح الأوكراني والروسي، وصفقة الرز الفاسد، والمدارس الحديدية الجاهزة، وغيرها. 

والأربعاء، أرجع مسؤول عراقي رفيع في بغداد، في حديث لـ"العربي الجديد"، عدم الاستجابة لفتح ملف الموصل قضائيا إلى "وجود تفاهمات داخل القوى السياسية الكبيرة"، مبينا أن "هناك توافقا أو اتفاقا ضمنيا بين مختلف القوى السياسية على أن "أي ملف قضائي مهما كان السوء الذي ترتب عليه في البلاد لن يفتح في الوقت الحالي بحال كان يؤدي إلى أزمة سياسية أو أمنية"، موضحا أن "هذه الملفات، كسقوط الموصل وغيرها، يمكن أن تؤدي إلى مشاكل كبيرة البلاد في غنى عنها".

وأضاف أن القضاء العراقي بدوره يعمل وفق هذا الإطار، وخاصة مجلس القضاء الأعلى، مؤكدا أن "هناك نحو 40 قضية كبيرة يجب، وفقا للقانون، أن ينظر القضاء بها، لكنها مركونة وتعتبر بحكم المجمدة سياسيا. لكن تحالف (سائرون)، بشقيه الصدري والشيوعي، يرغب بالتلويح ضد كتل أخرى بهذه المطالبات، مثل (دولة القانون) بزعامة نوري المالكي".  

سكرتير الحزب الشيوعي العراقي والنائب في البرلمان عن تحالف "سائرون"، رائد فهمي، قال لـ"العربي الجديد"، إنَّ "ملف سقوط الموصل لا يحظى بحماسة شديدة من قبل الأطراف السياسية في البرلمان، ولكنّه ما زال ضمن جدول أعمال (سائرون)، ونحن بحاجة إلى دعم سياسي وبرلماني ووضع سياسي مناسب يساعد على متابعة الملف ومحاسبة المتورطين فيه"، موضحاً أنّ "القضاء هو المختص بمثل هذا الملف، وهو المُحرك له".

وأكد أنّ "آليات عمل القضاء تتعرض لضغوطات حزبية، وهناك تعطيل إداري بسبب الصلاحيات المتداخلة بين أجهزة القضاء، حتى أنّ الحكومة الحالية برئاسة عادل عبد المهدي، تتحسب لكثير من الأمور، وتحديداً التحرك بشأن بعض الملفات التي تشمل قادة أحزاب بارزة مشاركة في الحكومة، وبالتالي قد يؤثر تحرك الحكومة على سير العمل السياسي في البلاد، وهو ما يؤكد أنّ الفساد لا قضايا الأموال والمشاريع واللوجستيات، إنما التلاعب السياسي بقرارات القضاء العراقي". 

من جهته، أشار النائب السابق وعضو "ائتلاف الوطنية" حامد المطلك إلى أنّ "الملفات القضائية يتم الحديث عنها ثم تختفي، بسبب التأثيرات السياسية والحزبية"، مؤكداً لـ"العربي الجديد وجود "قوى سياسية لا تستطيع الأجهزة التنفيذية الحكومية الوقوف بوجهها، لذلك هي تواجه أي إجراء ضد أعضاء هذه القوى، لا سيما المرتبطين بقضايا انتهاك حقوق الإنسان والاعتقالات والتهجير، وهي قوى لها نفوذ سياسي كبير وأذرع مسلحة قوية، فضلاً عن أن الملفات القضائية كثيرة بالأصل، فما أن يتم الحديث عن ملف حتى تظهر عشر ملفات، ما يؤدي إلى بقاء الملفات القديمة تراوح مكانها". 

 

ولا ينكر قضاة عراقيون التأثير السياسي على عمل القضاء، خاصة التي تمس زعماء كبار. 

وقال القاضي العراقي منير حداد، إنّ "ملف سقوط الموصل، وهو أحد تلك الملفات، انتهى من خلال اللجنة البرلمانية، التي خلصت إلى تقصير أشخاص محددين وقد أحيلوا بعد ذلك للقضاء، فيما تم التغاضي عن الكبار (يقصد كبار المسؤولين، ومنهم نوري المالكي المتهم الأول بالملف)، حيث لن يحاسبهم أحد، أما ملفات أخرى مثل ملف الوزير عبد الفلاح السوداني، فالرجل حالياً في السجن، ولكن الإعلام العراقي لا يتحدث عنه، بضغط من حزب الدعوة الذي يخجل من السوداني وملفات الفساد المتهم بها". 

وأضاف القاضي، في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أنّ "القضاء لا يتجاهل الملفات، وهو محترم إلى حدٍ ما، ولكن لا يمكن لأي أحد أن ينكر مدى تدخل السياسيين في عمل المحاكم والمؤسسات القضائية، وهذا الأمر ليس في العراق فقط، إنما في كل العالم، لكن في بلادنا يوجد برلمانيون يتجولون في المحاكم بصفتهم البرلمانية مستغلين الحصانة، من أجل إغلاق ملفات وفتح أخرى، وإبعاد رموز حزبية عن دائرة الشبهات". 

يشار إلى أنّ الكثير من السياسيين العراقيين على مدى سنوات طويلة اتهموا بقضايا خطيرة، طويت ولم يبت بها القضاء، بينما لم تستطع أي تحركات فتحها من جديد بسبب النفوذ الذي تتمتع به تلك الشخصيات والجهات التي ترتبط بها.

المساهمون