ويعتمد التنظيم على الانتحاريين القادمين من مختلف الدول، في تلك الهجمات التي تستهدف حقول النفط، ما دفع الحكومة العراقية إلى تقديم طلب عاجل إلى الولايات المتحدة لتزويدها بصواريخ حرارية تمكّنها من قصف الشاحنات المفخّخة، وهي عبارة عن مدرعات وعجلات عسكرية مصفّحة يصادرها التنظيم في معاركه مع القوات العراقية.
ووفقاً لمسؤول عسكري عراقي، فإنّ التنظيم يوشك على استعادة الآبار النفطيّة في تكريت، مركز محافظة صلاح الدين، شمال بغداد، وهما حقلا علّاس والعجيل اللذان يضمان 90 بئر نفط، فيما نجح بقصف حقلي باي حسن وجمبور المنتجين للنفط، في محافظة كركوك. ويكشف عميد في الجيش العراقي، (طلب عدم ذكر اسمه) في حديث لـ"العربي الجديد"، عن أنّ الحكومة العراقية، قدّمت طلباً رسمياً لواشنطن بهدف تزويدها بصواريخ حرارية لصدّ الهجمات الانتحارية بواسطة العربات المصفّحة على حقول النفط. ويؤكد العميد نفسه، أنّ معدل هجمات "داعش" على حقول النفط زاد بنحو 60 في المائة عن الفترة الماضية، لافتاً إلى أنّها عمليات مختلفة تتفاوت بين هجمات مسلحة بواسطة مقاتلين وأخرى انتحارية، وثالثة بواسطة القصف الصاروخي بالكاتيوشا والهاون، متوقّعاً أنّ "يؤدي استمرار الهجمات إلى انسحاب شركات نفط أجنبية تعمل على تأهيل الحقول وزيادة الإنتاج فيها، خلال فترة قصيرة". ويرى الضابط العراقي أنّ "داعش يهدف إلى ضرب عصب الاقتصاد العراقي ومورده الوحيد"، مستدركاً أنّ "لا قدرة للتنظيم في السيطرة على الحقول ذات المساحات الواسعة، كونها لا تحوي مباني ولا مناطق غطاء له، ويمكن استهدافه بسهولة بواسطة الطائرات".
اقرأ أيضاً: "الحشد الشعبي" تستبعد انتصار واشنطن على "داعش" بالأنبار
ويوضح عضو مجلس محافظة صلاح الدين، محمد ناظم، لـ"العربي الجديد"، أنّ "داعش كثّف منذ يومين هجماته على حقول عجيل وعلّاس شرق تكريت، التي تضّم عشرات الآبار النفطيّة"، مبيّناً أنّ "الحقول تخضع حتى الآن لحماية بعض فصائل مليشيات الحشد الشعبي، وبعض القوات الأمنيّة". ويضيف أنّ "الحشد الشعبي لم يعد قادراً على توفير الحماية للآبار النفطية، وقد ينسحب منها في أيّ وقت، ما سيتيح للتنظيم حرق كل الآبار"، مؤكداً أنّ "داعش" يتواجد على بعد كيلومتر واحد من حقليْ علّاس والعجيل، وينفّذ هجماته من حين إلى آخر، منطلقاً من قرى وبلدات مجاورة. ويناشد ناظم الحكومة، "توفير الدعم العسكري اللازم لحماية الحقول، والتنسيق مع طيران التحالف لصدّ هجمات داعش".
من جهته، يشكّك زعيم فصيل عشائري في صلاح الدين، الشيخ غانم الفرّاجي، بـ"قدرة الحشد على صدّ داعش". ويقول الفرّاجي لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحشد الشعبي بدأ بالانسحاب من معظم مناطق محافظة صلاح الدين، لكنّه لم ينسحب بعد من تلك الحقول، بسبب أهميّتها الاقتصاديّة بالنسبة لهم"، مبيّناً أنّ "هجوم داعش على الحقول، هو محاولة للسيطرة عليها أو تدميرها قبل انسحاب الحشد وتسلّم الشرطة المحلّية مسؤوليّة حمايتها".
ويلفت إلى أنّ "داعش يعلم أنّ الحشد لا يقاتل دفاعاً عن قضيّة، وإنّما عن مصالح وأجندات خاصة، على عكس الشرطة المحلّية والعشائر، الأمر الذي دفع التنظيم إلى المبادرة الآن بالهجوم، ويأمل فرض سيطرته بشكل سريع". ويرجّح الشيخ انسحاباً سريعاً لمليشيا الحشد من الحقول وسيطرة "داعش" عليها، "إلّا في حال حصل تدخل عسكري قوي من قبل الجيش العراقي بدعم من طيران التحالف الدولي".
بدوره، يرى الخبير الأمني، رافع السلمان، أنّ "الحكومة مطالبة اليوم بوضع استراتيجيّة أمنيّة خاصة لحماية حقول النفط في صلاح الدين، قبل سعيها إلى تحرير مصفاة بيجي". ويقول السلمان لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومة، للأسف، حتى اليوم تفتقر لأيّ استراتيجيّة دفاعية، وخصوصاً للمواقع المهمة كالآبار النفطية"، مبيّناً أنّها "أضاعت وقتاً وجهداً في محاولتها إعادة السيطرة على مصفاة بيجي النفطية"، مشدّداً، على "أهمية تحصين حقول النفط وبسرعة، قبل وقوع الكارثة".
اقرأ أيضاً العراق: تفكك "الحشد" ومحاولات منفردة لاستمالة العبادي