قال مسؤولان عراقيان في بغداد، اليوم الثلاثاء، إن الحكومة بصدد اعتماد توصية للجيش تقضي بإنشاء تحصينات جديدة على طول حدوده مع سورية، والبالغة أكثر من 620 كيلومتراً، تتضمن إنشاء خنادق وأسوار اسمنتية، ونصب كاميرات مراقبة ونظام استشعار أمني لمواجهة عمليات التسلّل التي تجري من خلال الحدود بين حين وآخر.
ويأتي ذلك بعد أيام من إعلان السلطات العراقية عن تعزيزات جديدة على الحدود العراقية - السورية لمنع أي محاولات تسلل إرهابية. ويؤكد مسؤولون عسكريون عراقيون أن بقايا تنظيم "داعش" المنتشرة في الشرق والشمال الشرقي السوري المحاذي للعراق تسعى للدخول إلى البلاد عبر التسلل مستغلة الظروف المناخية المتقلبة، أو من خلال أنفاق تم حفرها في وقت سابق، فضلاً عن تقارير عن وجود علاقة تعاون بين مهربين ينتمون لعناصر مليشيا "قسد"، يقومون بإدخال مسلحي "داعش" للعراق مقابل مبالغ مالية من الجزء الذي يسيطرون عليه في الحسكة وريف دير الزور والمقابل لمحافظة نينوى.
وقال مسؤول عسكري عراقي في بغداد لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة، وضمن السعي إلى إغلاق الحدود العراقية - السورية بشكل كامل ومنع التسلل وإنهاء حالة الانفلات التي تولدت عقب عام 2014، تعمل على اعتماد خطة إنشاء تحصينات كبيرة تتضمن جداراً عازلاً على امتداد عشرات الكيلومترات، وخنادق وسواتر ترابية ونقاطاً وأبراج مراقبة وكاميرات حرارية في المناطق الهشة من الحدود.
وبيّن أن الخطة تهدف لمساعدة الجانب البشري المتمثل بقوات الجيش وحرس الحدود في مواجهة تحدي التسلّل، وكذلك عمليات التهريب غير القانونية الجارية على مسافات واسعة من الشريط الحدودي بين البلدين. لكنه بالوقت نفسه، أكد أن الخطة تتطلب تكاليف مالية كبيرة لا تتناسب مع وضع العراق الحالي، لذا من غير المستبعد أن يطلب العراق دعما دولياً من خلال التحالف الدولي للحرب على الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة، لإنجاز المشروع.
وقال مصدر آخر في قيادة عمليات الجزيرة والبادية المسؤولة عن تأمين الحدود العراقية مع سورية لـ"العربي الجديد"، في اتصال هاتفي، إن مقترح مساعدة القوات العراقية بجنود آخرين تأتي لقناعة مترسخة بأن الوضع في الجانب السوري المحاذي للعراق لن يستقرّ قريباً، فهناك انتشار لعشرات المليشيات من الجانب المحاذي للأنبار في البوكمال والتنف مقابل مليشيات "قسد" في الجزء المقابل لنينوى، ويقف على مقربة منهم خليط قوات تابعة لنظام الأسد وأخرى أميركية وروسية وتركية، إضافة إلى نشاط تنظيم "داعش" في تلك المناطق، لذا من الضروري الحفاظ على سلامة الأراضي العراقية بتعزيزات من هذا القبيل.
وفي التاسع والعشرين من يوليو/تموز الماضي، أعلن المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة في العراق اللواء يحيى رسول، وصول تعزيزات عسكرية لتأمين الشريط الحدودي مع سورية، وذلك بالتزامن مع العملية العسكرية التي أطلقتها القوات العراقية لملاحقة العناصر الارهابية ومنع تسلّل الإرهابيين إلى داخل البلاد. وأضاف، في حديث لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أن الحدود العراقية مؤمنة بشكل كبير باستخدام التكنولوجيا الحديثة والكاميرات الحرارية وطائرات المراقبة المسيّرة، إضافة إلى استمرار العمليات العسكرية التي تنفذها مختلف القطعات، بهدف منع تسلّل الإرهابيين باتجاه الأراضي العراقية.
ولفت إلى أن القطعات العسكرية التي تمسك الحدود تتكون من الجيش و"الحشد الشعبي" وقوات حرس الحدود، وخصوصاً في الشريط الحدودي السوري شمال شرق سورية، في الجانب الذي تقع فيه سجون (قسد) التي تضم الآلاف من عناصر تنظيم "داعش".
وقال الخبير بالشأن الأمني العراقي العميد المتقاعد سعد الحديثي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن التوجه العراقي الحالي لتأمين حدوده بشكل كامل قد يحظى بتأييد دولي كبير، خصوصاً أن الحدود السورية كانت، ومنذ عام 2003، مصدر الخلل الأمني الأول في العراق، ومنها فتح رئيس النظام بشار الأسد الأبواب لموجات الانتحاريين والمتطرفين للالتحاق بتنظيم "القاعدة"، آنذاك. وأضاف أن استمرار عمليات التسلّل، وإن كانت غير كبيرة لكنها مؤثرة، فيمكن أن يتسبب تسلّل انتحاري واحد بمأساة داخل العراق على غرار مآسٍ كثيرة كتبت بسبب هجمات إرهابية انتحارية.
ولفت إلى أن تعزيز الحدود بشكل كامل قد يغني العراق مستقبلاً عن الاستمرار بالزج بحشود عسكرية كبيرة لتأمينها، كما أنه يمكن تكرار التجربة مع دول جوار أخرى ضمن استراتيجية أمنية طويلة الأمد، لا تتعلق بالإرهاب فقط، بل حتى بملف تهريب السلاح والمخدرات أيضاً"، وفقاً لقوله.