تجاوز العراق المأزق السياسي بعد الاعتراضات والاحتجاجات الواسعة على تأخر التعديلات على حكومة حيدر العبادي، التي تُوجت باعتصام زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وأنصاره للمطالبة بتعديلات على الحكومة، وهو ما تحقق بتقديم العبادي تشكيلة حكومية جديدة أول من أمس الخميس، جاءت بمعظمها من التكنوقراط باستثناء وزيري الدفاع خالد العبيدي والداخلية محمد الغبّان، اللذين حافظا على منصبيهما. ومع انقضاء يوم كامل على تسليم العبادي تشكيلته الوزارية والتي سرعان ما سُربت أسماء الوزراء المرشحين فيها، لم يسجل أي من أعضاء البرلمان اعتراضه على التشكيلة، في دلالة اعتُبرت على أنها توافق بين رؤساء الكتل أو تجنبا للوقوع تحت طائلة تهديدات مقتدى الصدر، الذي لوّح بسحب الثقة عن الحكومة وتصعيد أكبر في حال رُفضت هذه التشكيلة بعد 10 أيام من موعد تقديم التشكيلة يوم أول من أمس الخميس. وواصل أتباع التيّار الصدري، أمس الجمعة، تظاهراتهم المطالبة بتمرير التشكيلة الحكومية الجديدة. وخرج المئات من أتباع التيار في بغداد وسط ساحة التحرير وعدد من المحافظات الجنوبيّة، منها ميسان والنجف وكربلاء وواسط، وأكدوا أنّهم "سيستمرون بالتظاهرات حتى إقرار البرلمان للحكومة الجديدة".
من جهته، اعتبر القيادي في التيار الصدري حسين البصري التشكيلة الجديدة بأنها ثمار جهود وصبر العراقيين، مؤكداً في حديث لـ"العربي الجديد" أن "ذلك لن يكون نهاية المطاف وعلى الوزراء الجدد إتمام عملهم على أحسن وجه أو المغادرة كسابقيهم"، واصفاً الحال اليوم بأن "الحكم سينتقل تدريجياً وفق رغبة الشارع وليس وفق رغبة سكان المنطقة الخضراء".
من جهته، اعتبر عضو حزب "الدعوة" الذي يتزعمه نوري المالكي، فاضل الساعدي، ما جرى من تعديل بأنه سيكون تحت المراقبة للنظر في نجاح الوزراء الجدد، لافتاً في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن تاريخ الشخصيات المرشحة للوزارات جيد، "لكن يبقى أداؤها هو الفيصل".
أما المحلل السياسي الاستاذ في جامعة صلاح الدين، صالح العيداني، فرأى في حديث لـ"العربي الجديد"، أن التشكيلة الحكومية فيها رسائل للداخل والخارج، مشيراً إلى أن "هناك مرشحين في التشكيلة الحكومية لهم مواقف معادية من إيران أو متقاطعة، وهناك وزراء علمانيين، وآخرين مستقلين، وهذا أمر مهم جداً، فوجود وزير خارجية مثل الشريف علي بن الحسين يريح الدول العربية وخصوصاً الخليج بدلاً من إبراهيم الجعفري ومن قبله هوشيار زيباري". ولفت إلى أن فيها وزراء مرشحين "لهم علاقات طيبة مع دول أوروبية بحكم عملهم السابق ومن المؤمل أن يقوموا بشيء جديد للعراق على مختلف المستويات". ولكنه اعتبر أن "المهمة لن تكتمل من دون إتمام المرحلة الثانية وهي تغيير وكلاء الوزراء ورؤساء الهيئات السيادية والعامة، منها رئاسة مجلس القضاء ورئاسة مفوضية الانتخابات والبنك المركزي".
ويلاحظ في التشكيلة الجديدة للحكومة، أن غالبية أسماء المرشحين للتوزير، جديدة غير معروفة على ساحة العمل السياسي ومن ذوي الاختصاص. إلا أنه وفقاً لمراقبين عراقيين، فإن ذلك سيكون مقلقاً في حال عدم حصول الوزراء المرشحين على دعم من قِبل رئيسي الحكومة والبرلمان بسبب عدم تغيير طواقم الوزارات العليا التي تعمل منذ سنوات طويلة وتتبع بالعادة لأحزاب سياسية مختلفة غالبيتها دينية.