يواجه مشروع قانون الحرس الوطني العراقي صعوبات عدة، على الرغم من مرور أكثر من شهرين على مصادقة الحكومة العراقية عليه وإرساله للبرلمان بغية إقراره. وتعود معظم هذه الصعوبات لخلافات حادة حول صبغة القوة الطائفية والمناطقية ومقدار قوته ومدى ارتباطه برئيس الحكومة ومحافظي المدن العراقية ونوعية المهام التي يتخصص بها والموازنة المالية المخصصة له.
يؤكد عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، قاسم الأعرجي، لـ"العربي الجديد"، أن لجنته أعدّت تقريراً عن قانون الحرس الوطني المقدّم من الحكومة، وأوردت في التقرير الكثير من نقاط الضعف في القانون والخلل في الصياغة الخاصة بالمشروع، وجرى رفع التقرير إلى رئاسة البرلمان لبحثه قبل إدراج القانون على جدول أعمال المجلس للتصويت عليه، مشيراً إلى أن تلك النقاط تتعلّق بالقيادة والسيطرة لتشكيلات الحرس الوطني ضمن قيادة العمليات العسكرية والتسليح الذي يكون بمستوى أقل من قوات الجيش وأفضل من الشرطة المحلية.
في المقابل، أشار النائب عدنان الأسدي، عن ائتلاف "دولة القانون" الذي يتزعمه نائب الرئيس العراقي نوري المالكي، إلى أن ابرز الفقرات الخلافية بشأن هذا القانون تتعلق بارتباط تشكيلات الحرس الوطني بمجلس كل محافظة تكون فيها هذه القوات، وأن يكون للمجلس دور في تعيين قادة الحرس، مؤكداً أن إحدى فقرات القانون تنص على أن القائد العام للقوات المسلحة هو من يرشح ثلاث شخصيات لقيادة الحرس الوطني في كل محافظة، ومجلس المحافظة هو من يختار واحداً منهم، مضيفاً في الوقت نفسه أن هناك رفضاً كبيراً لقانون الحرس الوطني، ومن الصعب تمريره بالصيغة الحالية لاعتراضات كتل مختلفة عليه، ومنها "التحالف الوطني".
اقرأ أيضاً: استياء من أداء الجيش العراقي: يعمل تحت إمرة المليشيات
أما النائب عن "ائتلاف الوطنية"، سالم دلي، فتوقّع في حديث لـ"العربي الجديد"، إقرار قانون الحرس الوطني في البرلمان خلال الفصل التشريعي الحالي، مؤكداً وجود توجّه لدى جميع الكتل والقوى السياسية بتحريك العديد من القضايا والأمور التي تعزز التوافق السياسي، ومن بين هذه الأمور، ما يتعلّق بالقوانين الواردة في المنهاج الحكومي، وفي مقدمتها مشروع قانون الحرس الوطني. وأعرب دلي عن استغرابه من عدم تقديم مشروع قانون الحرس الوطني لغاية الآن للقراءة الثانية، على الرغم من وجود أجواء إيجابية بين الكتل.
وكان رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، قد طرح قبيل انتخابه رئيساً للوزراء في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، مشروع قانون الحرس الوطني، وقُدّم على صيغة قوات سنّية تتولى أمن مناطق العراق الشمالية والغربية. إلا أن أطرافاً وكتلاً سياسية في البرلمان أصرّت على جعل المشروع شاملاً لكل العراق وألا يكون مقتصراً على السنّة فقط، بل يكون تعداد تلك القوات وفق النسبة السكانية في العراق من زاوية طائفية، وهو ما اعتبره بعض النواب إفراغاً للقانون من محتواه وعودة إلى وضع العصي في الدواليب، وفقاً لبيان صدر عن اتحاد القوى العراقية.
وقال النائب عن محافظة البصرة، فالح الخزعلي، في بيان له، إن "المشروع ينطوي على رؤى وتجاذبات طائفية تريد تقسيم العراق وفق الاجتهادات والرغبات الشخصية، ما يزيد من التوتر الطائفي ويكون أداة للاحتراب الداخلي وفق مقاسات بعض السياسيين، بالإضافة إلى ما سيسببه من هدر الأموال وتشتيت الموارد المادية والبشرية"، مضيفاً أن "الشرطة الاتحادية والفرقة الذهبية والحشد الشعبي لا تكلّف الدولة عناء التجهيز والتسليح واختيار الموارد البشرية وتنظيمها من جديد لكونها تجاوزت ذلك وأصبحت من أهم القوات الضاربة في مقارعة الإرهاب وأعداء العراق"، مشدداً على "ضرورة قيام الحكومة ومجلس النواب بدعم الشرطة الاتحادية الفدرالية والفرقة الذهبية والحشد الشعبي لتكون بديلاً عن فكرة تشكيل الحرس الوطني".
وتدعم الولايات المتحدة الأميركية القانون بقوة ضمن صيغته السابقة التي طُرحت أول مرة، وتعهّدت بدعم تلك القوات في خطوة فُسّرت من مراقبين بأنها اعتراف صريح بتورط القوات الحكومية (الجيش والشرطة) بجرائم وانتهاكات بدوافع طائفية في عدد من المناطق العراقية.
اقرأ أيضاً: السباق على المليشيات... فصل من "حرب" المالكي والعبادي