العراق: جماعات مسلحة تضغط على كتل برلمانية لتغيير مواقفها

17 سبتمبر 2020
جماعات مسلحة تمارس الترهيب والتسقيط الإعلامي (Getty)
+ الخط -

يؤكد نواب في البرلمان العراقي، ممارسة قوى مسلحة ضغوطا مختلفة على كتل برلمانية عدة من أجل دفعها إلى تغيير مواقفها في ما يتعلق بتشريع قوانين أو مواقف سياسية، تصل إلى حد الترهيب وشن حملات التسقيط الإعلامي عبر وسائل إعلام مملوكة لها، بشكل يحول دون تمكّن تلك الكتل من الإفصاح عن مواقفها السياسية بشكل علني أو صريح.

وبالأسابيع الأخيرة، صعّدت مليشيات مسلحة مدعومة من إيران حدة تصريحاتها ضد ما تسميها بالكتل "السنية"، والكردية في البرلمان بشأن ملف انسحاب القوات الأميركية من العراق، بسبب تحفظ قوى برلمانية على ما تسميه "الانسحاب المتسرع" بدوافع سياسية وضغط إيراني.
وأمس الثلاثاء، وصف المتحدث باسم المكتب السياسي لمليشيا "العصائب"، محمود الربيعي، القوى السياسية غير المؤيدة لخروج القوات الأميركية من العراق بأنها "عميلة وأذرع أميركية".

وأضاف أن "الولايات المتحدة تسعى جاهدة للإبقاء على نفوذها السياسي في العراق، من خلال القوى السنية والكردية وبعض الشخصيات الشيعية التي تمت استمالتها أخيرا"، مبينا في تصريح صحافي أن "واشنطن بدأت أخيرا، باستخدام تلك الأذرع للصمود أمام تحركات القوى الوطنية التي تهدف إلى إخراج قواتها العسكرية".

وقال كذلك إن "أميركا تدرك تماما أنها غير قادرة على الصمود عسكريا داخل العراق فترة أطول، ما دفعها للاعتماد كليا على أذرعها، التي تمتد للعملية السياسية، حتى تستطيع صناعة الدولة الفاشلة في الانتخابات المقبلة".

تصريح الربيعي الأخير، أثار ردود فعل مقابلة من قبل كتل وقوى سياسية عراقية طالبت الحكومة والقضاء بـ "تحمل مسؤوليتهما بتوفير الحماية لها" مؤكدة أن التهديد والاتهامات المتواصلة أثّرت على عمل البرلمان. وقال النائب عن "تحالف القوى العراقية"، رعد الدهلكي، في تصريح لـ"العربي الجديد": "موافقتنا اليوم على بقاء القوات الأميركية، هي بناء على احتياج الحكومة لها، ولكي لا يبقى العراق مرتعا ومسرحا للادولة، وللجهات الخارجة عن القانون"، مبينا أن "تلك التهديدات أثرت في حالات كثيرة على عمل البرلمان، وعطلت من حقوق ممثلي الشعب بأن يقروا ما يرونه مناسبا".

التحديات التي تواجهها الدولة العراقية من قبل الجماعات الإرهابية باتت ولأول مرة أقل بكثير من التي تواجهها من قبل جماعات يفترض أنها داعمة للعملية السياسية

وتابع قائلا: "بسبب تلك التهديدات وصل البلد إلى ما وصل إليه من حالة"، داعيا الحكومة إلى "اتخاذ خطوات جادة بمنع اللادولة من محاولات السيطرة على مخرجات الدولة".

أما عضو "التحالف الكردستاني" ماجد شنكالي، فدعا من جانبه الحكومة إلى محاكمة الجهات الخارجة عن القانون التي تهدد النواب وكتلهم.

وقال شنكالي لـ"العربي الجديد"، إن "تلك التهديدات خطيرة جدا، وتؤدي إلى انقسام مجتمعي حاد جدا، خاصة أنه تهديد من قبل فصائل ولائية تابعة لدولة جارة (إيران)"، مبينا أن "التهديد لا يتلاءم مع وضع العراق".

وأكد أن "الحكومة مسؤولة عن محاسبة تلك الفصائل، وأن تخضعها لسلطة الدولة وسلطة القانون، وألا تعطيها فرصة لتنفيذ أجنداتها"، مشدداً على أنه "إذا كانت الحكومة غير قادرة على توفير الحماية للقوى السياسية أو نواب المكونات، فعليها أن تترك مكانها، فمن واجب الحكومة حماية الشعب بكافة مكوناته وأطيافه بغض النظر عن آرائه السياسية".

وأشار إلى أن "استمرار التغلغل الإيراني في البلاد، ووجود الفصائل التي تهدد الأمن فيه، سيعطّل من خروج القوات الأميركية من العراق، ولا سيما أن اتفاقا جرى بين رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي وواشنطن، بأن يكون هناك جدول للانسحاب الأميركي خلال ثلاث سنوات، شرط أن يكون هناك أمن بالعراق، وتحجيم للنفوذ الإيراني".

بالسياق ذاته، كشف عضو في البرلمان العراقي عن تحالف "النصر"، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، طلب عدم ذكر اسمه، أن قوى سياسية تلقت قبل زيارة الكاظمي إلى واشنطن رسائل من فصائل مسلحة تطالبها بأن تصدر مواقف سياسية ضد الوجود الأميركي. وأضاف قائلا إنه "لم تعد تكتفي بأن تلتزم هذه الكتلة الصمت أو ذلك النائب بالحياد من القضية"، لافتا إلى أن "أحد أسباب تعثر البرلمان هو الضغوطات التي تتم برائحة التهديد من قبل أطراف مقربة من طهران لقوى سياسية مختلفة".

وأشار إلى أن الأمر وصل بالأيام الماضية إلى حد الضغط، من أجل الموافقة على حراك استدعاء رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي إلى البرلمان من أجل استجوابه.

وحول ذلك قال الخبير بالشأن السياسي العراقي، أحمد الحمداني، إن "الضغوط التي تمارسها الجماعات المسلحة تتعدى الكتل السياسية البرلمانية إلى رئيس الحكومة نفسه من خلال رسائل صواريخ الكاتيوشا والعبوات الناسفة، لذا يمكن اعتبار هذه الضغوط من خلال شن هجمات إعلامية تشويه أو استهداف الكتل أو حتى التهديد بأنها باتت معتادة في العراق".

وأضاف الحمداني في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "التحديات التي تواجهها الدولة العراقية من قبل الجماعات الإرهابية باتت ولأول مرة أقل بكثير من التي تواجهها من قبل جماعات يفترض أنها داعمة للعملية السياسية، لكن على طريقة ستتسبب بحالة فشل كبيرة في البلاد".

 
المساهمون