05 نوفمبر 2024
العراق بحاجة إلى ثورة لا إلى إصلاحات
ليس تشاؤماً، ولا هو نوع من عدم الاعتراف بأن التظاهرات التي قادها التيار المدني، لا الديني، في العراق حققت بعض مطالب المحتجين. ولكن، مع ذلك، ما جرى وسيجري من محاولة الاستجابة لطلبات المتظاهرين لا يعدو أن يكون ذرّاً للرماد في العيون، فالحديث عن إصلاحات يكون على نظام له حسنات، شابته بعض السلبيات، وليس على نظام سياسي بني منذ يومه الأول على معطيات مغلوطة، وكبر ونما في ظل آباء فاسدين، لا يتورعون عن أكل أبنائهم إن لم يجدوا ما يأكلونه.
لا يمكن بأي حال تصديق أن الإصلاحات التي أعلنها رئيس الحكومة، حيدر العبادي، إنما جاءت استجابة لمطالب المتظاهرين، بقدر ما هي محاولة لنزع فتيل أزمة حقيقية بين الشعب ونظامه السياسي بالكامل، كان يمكن أن تؤدي إلى اقتلاع النظام السياسي برمته، وبالتالي، التفريط ببعضهم أفضل من التفريط بالكل، كما أن راعيي النظام السياسي في العراق، طهران وواشنطن، يرفضان الآن وبشدة أي زعزعة حقيقية وكبيرة للوضع الداخلي في العراق الذي تحول إلى ساحة مواجهة مع تنظيم الدولة الإسلامية.
لن أناقش، هنا، قرارات العبادي، دستوريتها من عدمها، لأن بلداً تحكمه العصابات والمليشيات لا مكان فيه لمثل هذه النقاشات. ولكن، أتساءل، مثل عراقيين غيري: هل ستقضي إصلاحات العبادي على "بلاوي" العراق الكبيرة والكثيرة جدا؟
إقالة مسؤول هنا، أو مسؤول هناك، لا يمكن أن تسمى إصلاحات، يمكن أن تكون كذلك في فرنسا أو أميركا أو النمسا، لكنها في العراق ما هي إلا محاولة للبقاء على الرأس المتعفن، النظام السياسي، والإبقاء على تغول المرجعيات الشيعية وتغلغلها وتحكمها بالقرار السياسي في العراق.
ما كان للعبادي أن يقدم على ما أقدم عليه من إقالات، لولا الدعم الذي حصل عليه من المرجع الشيعي علي السيستاني، بل أشارت أنباء إلى أن لقاء عقد ليل السبت مع ممثل للمرجع الشيعي علي السيستاني، أطلعه فيها على ما يعتزم اتخاذه من قرارات.
ما كان للعبادي أن يتخذ مثل هذه القرارات، لولا أنه متيقن من أن المقالين لن يحدثوا كثير ضوضاء وإقلاق للوضع الداخلي والأمني، ما يشير إلى أنه قد يكون أخذ موافقة نوري المالكي، نائب الرئيس العراقي، على إقالته، كونه صاحب أكبر مليشيات متنفذة في العراق، يمكنها أن تحدث وضعاً أمنياً مرتبكا في البلاد.
وطبعا وبالتأكيد، لن يتجاوز العبادي طهران في استشارتها بمثل هذه القرارات، فالعراق الرسمي، كما يعرف الجميع، لا يمكن أن يخرج من جلباب إيران بأي حال. وهنا نتساءل، هل الإصلاح يقتصر على إبعاد الفاسدين من مناصبهم وحسب؟ أم أن الإصلاح يقتضي بأن يقوم العبادي بثورة سياسية شاملة، تبدأ من كتابة الدستور، ولا تنتهي إلا بإقرار حقوق العراقيين، كل العراقيين، ومعاملتهم على قدم المساواة بلا تمييز أو تهميش أو إقصاء.
كان للمدن السنية الست تظاهرات استمرت عاماً، وكانت طلباتهم أقل بكثير من طلبات إقصاء نظامٍ أو رحيله، بل كانت مظاهرات تدعو للإفراج عن معتقلين أبرياء، وأن لا يكون السني متهما بالإرهاب فقط، لأنه سني، وأن لا يكون هناك اعتقالات بلا مذكرات قضائية، وأن لا يتم إقصاء أبناء المدن السنية عن الوظائف. وكلها مطالب أقل بكثير من محاكمة الفاسدين وإقالتهم من مناصبهم وإجراء تغييرات جذرية في نظام الحكم. مع ذلك، شاهد العالم كيف تعامل معها نوري المالكي، رئيس الحكومة السابق، وأين أوصل العراق.
لا يحتاج العراق إلى إصلاحات شكلية، تلمع وجه المجرم والسارق، ولا يحتاج إلى إقالة فاسد وقاتل من منصبه، ولا مظاهرات تأييد لقرارات صورية. إنه يحتاج إلى ثورة حقيقية، تبدأ أول ما تبدأ على كل مخلفات العملية السياسية الحالية، والتي أخذت العراق منذ 2003 إلى أتون أسوأ حالة يمكن أن يمر بها.
كل الذين أقيلوا من مناصبهم يجب أن تفتح ملفاتهم، ملفات الفساد والقتل والسرقة، بل الأكثر من ذلك، كل شخص اشترك بالعملية السياسية في العراق منذ 2003، فأغلبهم فاسدون، وارتكبوا جرائم قتل.
من يجرؤ اليوم على فتح الفساد في رأس الهرم الديني في العراق، وأقصد المرجعية الدينية في النجف، والكل يعلم أن هذه المرجعية التي تحكمت بالعراقيين وأموالهم سنوات باتت اليوم من أغنى المرجعيات الدينية في العالم، بما أخذته من أموال الخمس، وما قبضته من أموال من شتى التيارات والكتل السياسية.
الشق في العراق كبير وكبير جداً، وما يفعله العبادي من عمليات ترقيع لا يمكن أن تسمن أو تغني من جوع، قد ينجح بإخماد ثورة الفقراء، لكن ذلك لن يستمر، فالعراق بحاجة إلى ثورة، ثورة على كل الرؤوس التي شاهدها العراقيون على شاشات التلفزيون، متصدرين المشهد السياسي منذ 2003.
لن أناقش، هنا، قرارات العبادي، دستوريتها من عدمها، لأن بلداً تحكمه العصابات والمليشيات لا مكان فيه لمثل هذه النقاشات. ولكن، أتساءل، مثل عراقيين غيري: هل ستقضي إصلاحات العبادي على "بلاوي" العراق الكبيرة والكثيرة جدا؟
إقالة مسؤول هنا، أو مسؤول هناك، لا يمكن أن تسمى إصلاحات، يمكن أن تكون كذلك في فرنسا أو أميركا أو النمسا، لكنها في العراق ما هي إلا محاولة للبقاء على الرأس المتعفن، النظام السياسي، والإبقاء على تغول المرجعيات الشيعية وتغلغلها وتحكمها بالقرار السياسي في العراق.
ما كان للعبادي أن يقدم على ما أقدم عليه من إقالات، لولا الدعم الذي حصل عليه من المرجع الشيعي علي السيستاني، بل أشارت أنباء إلى أن لقاء عقد ليل السبت مع ممثل للمرجع الشيعي علي السيستاني، أطلعه فيها على ما يعتزم اتخاذه من قرارات.
ما كان للعبادي أن يتخذ مثل هذه القرارات، لولا أنه متيقن من أن المقالين لن يحدثوا كثير ضوضاء وإقلاق للوضع الداخلي والأمني، ما يشير إلى أنه قد يكون أخذ موافقة نوري المالكي، نائب الرئيس العراقي، على إقالته، كونه صاحب أكبر مليشيات متنفذة في العراق، يمكنها أن تحدث وضعاً أمنياً مرتبكا في البلاد.
وطبعا وبالتأكيد، لن يتجاوز العبادي طهران في استشارتها بمثل هذه القرارات، فالعراق الرسمي، كما يعرف الجميع، لا يمكن أن يخرج من جلباب إيران بأي حال. وهنا نتساءل، هل الإصلاح يقتصر على إبعاد الفاسدين من مناصبهم وحسب؟ أم أن الإصلاح يقتضي بأن يقوم العبادي بثورة سياسية شاملة، تبدأ من كتابة الدستور، ولا تنتهي إلا بإقرار حقوق العراقيين، كل العراقيين، ومعاملتهم على قدم المساواة بلا تمييز أو تهميش أو إقصاء.
كان للمدن السنية الست تظاهرات استمرت عاماً، وكانت طلباتهم أقل بكثير من طلبات إقصاء نظامٍ أو رحيله، بل كانت مظاهرات تدعو للإفراج عن معتقلين أبرياء، وأن لا يكون السني متهما بالإرهاب فقط، لأنه سني، وأن لا يكون هناك اعتقالات بلا مذكرات قضائية، وأن لا يتم إقصاء أبناء المدن السنية عن الوظائف. وكلها مطالب أقل بكثير من محاكمة الفاسدين وإقالتهم من مناصبهم وإجراء تغييرات جذرية في نظام الحكم. مع ذلك، شاهد العالم كيف تعامل معها نوري المالكي، رئيس الحكومة السابق، وأين أوصل العراق.
لا يحتاج العراق إلى إصلاحات شكلية، تلمع وجه المجرم والسارق، ولا يحتاج إلى إقالة فاسد وقاتل من منصبه، ولا مظاهرات تأييد لقرارات صورية. إنه يحتاج إلى ثورة حقيقية، تبدأ أول ما تبدأ على كل مخلفات العملية السياسية الحالية، والتي أخذت العراق منذ 2003 إلى أتون أسوأ حالة يمكن أن يمر بها.
كل الذين أقيلوا من مناصبهم يجب أن تفتح ملفاتهم، ملفات الفساد والقتل والسرقة، بل الأكثر من ذلك، كل شخص اشترك بالعملية السياسية في العراق منذ 2003، فأغلبهم فاسدون، وارتكبوا جرائم قتل.
من يجرؤ اليوم على فتح الفساد في رأس الهرم الديني في العراق، وأقصد المرجعية الدينية في النجف، والكل يعلم أن هذه المرجعية التي تحكمت بالعراقيين وأموالهم سنوات باتت اليوم من أغنى المرجعيات الدينية في العالم، بما أخذته من أموال الخمس، وما قبضته من أموال من شتى التيارات والكتل السياسية.
الشق في العراق كبير وكبير جداً، وما يفعله العبادي من عمليات ترقيع لا يمكن أن تسمن أو تغني من جوع، قد ينجح بإخماد ثورة الفقراء، لكن ذلك لن يستمر، فالعراق بحاجة إلى ثورة، ثورة على كل الرؤوس التي شاهدها العراقيون على شاشات التلفزيون، متصدرين المشهد السياسي منذ 2003.