العراق: أسبوع ثالث من دون برلمان أو حكومة

13 مايو 2016
اقتحام أنصار الصدر البرلمان عرقل الحلّ (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

أوقعت الأزمة السياسية التي يمرّ بها العراق البرلمان في مأزق كبير، قد يصعب عليه الخروج منه في ظل تشتت الأطراف المشاركة في العملية السياسية وامتناعها عن حضور جلساته، فبعد نحو أسبوعين على اقتحام البرلمان من قبل أتباع مقتدى الصدر، لم يستطع الالتئام حتى الآن، وسط توقعات بصعوبة تجاوز الأزمة. في هذا السياق، يرى مراقبون أنّ "تعطيل عمل السلطة التشريعية سيؤثّر سلباً على مجمل العملية السياسية في العراق، وأنّ تجاوز الأزمة لا يمكن من دون عقد صفقة سياسية لتشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان".

من جهتها، تشير النائبة عن "تحالف القوى العراقية" ناهدة الدايني، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "العراق يواجه اليوم أزمة دستورية، في ظل عجز سلطته التشريعية عن عقد جلساتها"، مبينة أنّ "الأزمة تعقّدت بشكل كبير خصوصاً بعد تعليق عدد من الكتل حضورها جلسات البرلمان".

وتضيف أنّ "الكتل الكردستانية متمسّكة برأيها وترفض الحضور، كما أنّ كتلة الصدر علّقت حضورها، فضلاً عن عدم حضور النواب المعتصمين، الأمر الذي أربك البرلمان وعطّل نصابه"، مبيّنة أنّ "محاولات لملمة الأزمة والمبادرات والتحركات والضغوط على بعض الكتل لم تحقق شيئاً، وكلها متمسّكة برأيها".

في غضون ذلك، يبحث قادة الأحزاب الكردية الممثلة في البرلمان العراقي، وضع مجموعة من الشروط الصعبة أمام الحكومة والبرلمان ببغداد، نظير مقابل عودتها إلى العاصمة. في هذا الصدد، يقول النائب الكردي مثنى أمين، لـ"العربي الجديد"، إنّ "النواب الأكراد في البرلمان العراقي متفقون على ترك قرار عودتهم لبغداد إلى قيادات أحزابهم، وهي الجهة التي بيدها قرار العودة من عدمه".

من جهته، يشير عضو قيادة حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني"، ملا بختيار، إلى أن "إقليم كردستان سيراجع اتفاقاته السابقة مع بغداد، وسيبحث اتفاقات جديدة". 
من ناحيته، يكشف مصدر مطلع على المناقشات الجارية لوضع الشروط أمام عودة النواب الأكراد، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الأحزاب الكردية ستشترط على الحكومة العراقية عدم اعتراض إجراء استفتاء تقرير المصير في إقليم كردستان، وتجهيز قوات البشمركة بالسلاح والعتاد، ودفع رواتب عناصرها، ودفع حصة إقليم كردستان من الميزانية، والموافقة على انضمام كركوك والمناطق المتنازع الأخرى لإقليم كردستان بشكل نهائي وذلك وفق المادة 140 من الدستور. بالإضافة إلى استمرار العملية السياسية ببغداد وفق مبدأ التوافق".

وينتمي النواب الأكراد في البرلمان العراقي إلى خمسة أحزاب سياسية، لا تتطابق مواقفها إزاء موضوع تفعيل البرلمان والحكومة ببغداد، فهناك أحزاب متمسكة بشدّة بعدم مقاطعة العملية السياسية واستمرار تواجد النواب والوزراء الأكراد ببغداد، كحزب "الاتحاد الوطني الكردستاني"، برئاسة الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني، و"حركة التغيير"، و"الجماعة الإسلامية". كما أن الحزب "الديمقراطي الكردستاني" بقيادة مسعود البرزاني، لا يأمل بأيّ تحسن في العلاقة مع بغداد لصالح إقليم كردستان، وأكثر من يتحفظ على بقاء الوزراء والنواب الأكراد ببغداد.

إلى ذلك، يرى الخبير السياسي، عادل محمد، أنّ "تعطيل عمل البرلمان لا يؤدّي إلى حلّه، لكن التعطيل سيؤثّر سلباً على مجمل العملية السياسية". ويضيف محمد، خلال حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنّ "النظام الداخلي للبرلمان لا توجد فيه فقرة تنصّ على حلّ البرلمان في حال عدم اكتمال نصابه، بل سيستمر بالتعطيل من دون حل، إلّا في حال تقديم إحدى الكتل المتضررّة شكوى إلى المحكمة الاتحاديّة، والتي ستكون لها الكلمة الفصل في ذلك".

ويتابع أنّ "عودة البرلمان في حاجة إلى صفقة سياسية تعقد بين كتلتين أو أكثر، تشكّل الكتلة الأكبر في البرلمان وتحقق النصاب، وتستأنف عمله، وعند ذلك يحق لها أن تحاسب الجهات التي تغيبت عن الحضور وقد تفصلها من البرلمان". ويلفت إلى أنّ "الحوارات التي يجريها رئيس البرلمان سليم الجبوري مع الكتل الكرديّة، هي محاولات لتشكيل هذه الكتلة الأكبر، وقد تنجح هذه التحركات".

مع العلم أن الوضع السياسي المتأزّم في العراق قد أثار القلق على المستويين المحلّي والدولي، الأمر الذي دعا منظّمات دولية إلى التدخّل وتوجيه دعوات للسياسيين العراقيين بضرورة الخروج من المأزق، وتأمين عقد جلسة للبرلمان، واعتماد مبدأ الحوار في حل الخلافات السياسية. يشار إلى أن اقتحام أتباع الصدر مبنى البرلمان العراقي واعتداءهم على المتظاهرين، فاقم من الأزمة السياسيّة التي يمرّ بها العراق، وتسبب بتعطيل عمل السلطة التشريعيّة فيه، الأمر الذي قد يدفع البلاد باتجاه أزمات خانقة.