ووصفت كتل سياسية وقوى وطنية عراقية مختلفة، مشروع القانون المقرّر إرساله إلى البرلمان، غداً الأحد، بأنه "انقلاب على الاتفاق السياسي، الذي سبق عملية تشكيل الحكومة في ديسمبر/كانون الأول الماضي"، بينما رأى آخرون في الخطوة "عكس ما وعد به الأميركيون، من أنهم سيضمنون تنفيذ العبادي وثيقة الاتفاق السياسي، التي تضمّنت إقرار قوانين العفو، والحرس الوطني، وتحقيق المصالحة الوطنية، والمساءلة والعدالة". وكان العبادي، أعلن عن إقرار مجلس الوزراء مشروع قانون "العفو العام" يوم الثلاثاء، مشيراً قبل مغادرته إلى إيران، إلى أن "القانون لا يشمل المدانين وفق المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب". واعتبر أن "هذا القانون لا يسمح بإطلاق أيّ من المجرمين والإرهابيين، وسيسمح بإطلاق مرتكبي الجرائم الاعتيادية الجنائية وفق شروط وضعها القانون".
اقرأ أيضاً: العبادي يتحايل على الاتفاق السياسي ويقرّ قانون العفو العام
ووفقاً لوزير عراقي رفيع، رفض الكشف عن اسمه، فإن "القانون الذي أُعدّ بصيغته السابقة العام الماضي، يشمل إطلاق سراح المعتقلين الذين أُلقي القبض عليهم بحملات اعتقال عشوائية، والمعتقلين من دون مذكرات اعتقال، والمعتقلين الذين لم يثبت تورطهم بجرائم إرهابية، والمعتقلين الذين اعتقلوا على يد قوات مكتب (رئيس الحكومة السابق نوري) المالكي".
وتابع في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، بأن "ما تمّ رفعه للبرلمان، يُمكن وصفه بالمهزلة، لأن العفو وفقاً لهذا القرار، لن يشمل إلا 5 في المائة من مجموع المعتقلين في العراق، الذين يُقدّر عددهم بنحو ربع مليون إنسان". وكشف أن "المُعفى عنهم اعتُقلوا أثناء الوجود الأميركي، وهم متهمون بجرائم القتل والانتماء لمليشيات، وتجارة المخدرات وترويجها، ما يعني أن القانون انعكس على من كان ينادي بإقراره". ويضيف الوزير العراقي أن "عدداً من الوزراء لم يصوّتوا على القرار، والقانون مجرّد بداية انقلاب للعبادي على الاتفاقات السياسية".
من جهته، وصف القيادي في "اتحاد القوى العراقية" حيدر الملا، القانون بـ "الشكلي وغير الحقيقي". وقال الملا في مؤتمر صحافي، إن "مشروع قانون العفو العام الذي أقره مجلس الوزراء شكلي، وينطوي على محاولة لذرّ الرماد في العيون، وترحيل المشكلة إلى البرلمان". وأضاف أن "ما جرى، محاولة من العبادي لإيصال رسالة إلى المجتمع الدولي، بأن رئيس الحكومة لديه الإرادة للإصلاح والإيفاء بالالتزامات التي قطعها على نفسه". ولفت إلى أن "الأبرياء ليسوا بحاجة إلى قانون عفو، إذ من المعيب في الفقه القانوني الحديث إصدار عفو عن الأبرياء، الذين هم بحاجة إلى اعتذار وتعويض من السلطة التي أساءت استخدام القانون بحقهم".
وذكر أن "محل شمول قانون العفو العام هم المدانون والموقوفون من الذين تورطوا بجرائم بحق المجتمع العراقي، بسبب تداعيات الملف الأمني والعنف الذي شهدناه في السنوات السابقة". وأردف أن "قانون العفو العام الذي نصبو إليه، هو ذلك الذي يفتح صفحة جديدة أمام الذين ارتكبوا جرائم بحق المجتمع العراقي، ونستثني منهم من أُلقي القبض عليه بالجرم المشهود أو ثبت ارتباطه بتنظيم داعش".
أما رئيس كتلة "الحلّ" في البرلمان العراقي محمد الكربولي، فكشف عن تحفّظ كتلته على القانون، واصفاً بـ"غير الصحيح". وأكد الكربولي في حديث لـ "العربي الجديد"، أن "تجربتنا السابقة في تمرير مشروع تعديل قانون المساءلة والعدالة في مجلس الوزراء، وما تلاها من خلافات وتقاطعات بين القوى السياسية، يعزز لدينا القناعة بأن هذه المشاريع هي مشاريع أزمة، وليست حلاً عقلانياً لمشاكل العراق السياسية والاجتماعية، التي حددها المجتمع الدولي كأبرز أسباب ظهور وانتعاش تنظيم داعش".
وطالب الكربولي، العبادي بـ"سحب مشروع القرار وإعادة تعديله، آخذين بعين الاعتبار معالجة أوضاع ضحايا المُخبر السري، والاتهامات الكيدية ومن أخذ بجريرة غيره وشمولهم به. مع تأكيدنا وتشديدنا على عدم شمول الإرهابيين الذين تلطخت أيديهم بدماء العراقيين من عصابات داعش والمليشيات المسلحة".
في السياق، قال المالكي، إن "أي قانون سيُمكن خروج الإرهابيين لن يمرّ". وأوضح المالكي في بيان له، أن "أي قانون يشمل خروج الإرهابيين من السجن لن يكون مقبولاً، ولن نسمح بتمريره". وتُشير تسريبات من مصادر برلمانية عراقية، إلى أن "القانون لن يمرّ داخل البرلمان بسبب رفض الكتل العربية وأخرى كردية وتركمانية له، وهو ما يعني بقاءه ستة أشهر أخرى في درج مكتب رئيس البرلمان، كحال قوانين الحرس الوطني والمساءلة والعدالة والمصالحة الوطنية، التي نجح العبادي في إخراجها من جعبته ورميها على البرلمان". ويعني هذا أن "ورقة الإصلاح السياسي" ستبقى جامدة في عهد العبادي كما كانت في عهد المالكي.
اقرأ أيضاً: "داعش" يرصد مكافأة مالية مقابل قتل عناصر الحرس الثوري