وبدأ موضوع المتاجرة بالمدنيين واستخدامهم وسائل ضغط مبكراً في سورية، منذ بداية عام 2012، إذ ازدهرت في تلك الفترة موضة المعتقلات الخاصة بالمخطوفين لدى كل الأطراف في سورية، كما كان قصف المناطق المدنية والمرافق الخدمية أبرز وسائل النظام للضغط على المعارضة بسبب امتلاكه سلاح الطيران، حتى أنه اخترع سلاحاً عشوائياً خاصاً بالمدنيين، "البراميل المتفجرة"، التي تلقى كيفما اتفق على المناطق السكنية.
وبدلاً من اتخاذ الدول موقفاً لوضع حدٍّ لهذه الممارسات، التي يقع ضحيتها المدنيون، وردع من يرتكبها، قامت معظمها باتباع السلوك ذاته، واستخدام الطرق ذاتها في الضغط، من خلال الحلقة الأضعف: المدنيون. ولعل روسيا وإيران هما الدولتان الأكثر استخداماً للمدنيين كوسائل ضغط، سواء من خلال محاصرتهم وتجويعهم من أجل إجبارهم على القبول بكل متطلباتهم، أو من خلال قتلهم. وربما تكون الخطة الإيرانية الروسية التي طبّقها النظام بتجويع مدن بأكملها حتى الموت، من أسوأ الجرائم التي ارتكبت بحق البشرية جمعاء.
وشهدنا منذ فترة القصف الروسي على المدنيين في إدلب، من أجل الضغط على المعارضة لقبول مؤتمر "سوتشي". كما نرى الآن مئات الآلاف من المدنيين ينامون في العراء، نتيجة تبادل مناطق السيطرة وفق اتفاقات أستانة، من دون أي تدخل حتى لتقديم أدنى متطلبات البقاء على قيد الحياة.