تسير معظم الدول العربية في تطبيق الضريبة على القيمة المضافة، وهي ضريبة غير مباشرة يدفعها المستهلك على العديد من السلع والخدمات.
وقد لجأت العديد من الدول في العالم العربي، خاصة الدول النفطية، كالسعودية والإمارات إلى تطبيق الضريبة على القيمة المضافة بداية يناير/كانون الثاني 2018، بعد انخفاض الإيرادات المالية بسبب انهيار أسعار النفط منذ منتصف العام 2014. وتلجأ هذه الدول إلى فرض الضرائب المباشرة وغير المباشرة لتحصيل إيرادات مالية تسد بها العجز العام.
تختلف قيمة الضريبة على القيمة المضافة بين دولة وأخرى، وهي تتراوح ما بين 5% وتصل إلى 25% في بعض دول العالم.
وبحسب التقارير فإن الضريبة على القيمة المضافة مطبقة في 166 دولة حول العالم، وتشكل إيراداتها نحو 20% من إجمالي الضرائب حول العالم، ما يعني أنها تستأثر بأكثر من ربع الإيرادات الضريبية العالمية.
قطار الضرائب يصل الخليج
بدأت دول من مجلس التعاون الخليجي فرض الضرائب، خاصة الضريبة الانتقائية التي فرضتها السعودية والإمارات والبحرين على بعض السلع في نهاية العام 2017، والضريبة على القيمة المضافة التي فرضتها السعودية والإمارات بداية العام الحالي، وهي تتوقع أن توفر لها هذه الضرائب العائدات المالية الضرورية لموازناتها.
وقد توقع تقرير اقتصادي صادر عن شركة "أرنست يونغ"، أن تصل عائدات إيرادات ضريبة القيمة المضافة في الدول العربية إلى 25 مليار دولار، وأشار التقرير إلى أن عائدات القيمة المضافة تسهم في تقليص عجز الموازنة وتعديل الضرائب والرسوم الأخرى، بالإضافة إلى زيادة الاستثمار في البنية التحتية.
وقال التقرير إن اعتماد ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% يمثل تحوُّلاً كبيراً في السياسة الضريبية، التي من شأنها أن تؤثر على الاقتصاد، وتُحدث تغييراً جوهرياً في الطريقة التي تعمل بها الشركات في المنطقة.
في المقابل يرى المواطنون أن فرض الضريبة على القيمة المضافة يؤثر سلباً على قدرتهم المعيشية خصوصاً أنها تطاول السلع الاستهلاكية التي يستخدمها المواطن بشكل يومي.
في هذا التقرير، نرصد ماهية الضريبة على القيمة المضافة، وأبرز الدول التي تفرضها، بالإضافة إلى الإيرادات المحققة سنوياً في هذه الدول.
ما هي الضريبة على القيمة المضافة؟
هي ضريبة غير مباشرة، تفرضها الدولة على استهلاك معظم السلع والخدمات، وتقع على كاهل المستهلك، بينما تؤدي الشركات دور الوسيط بين الدولة والمستهلك في تحصيل هذه الضريبة. ظهرت للمرة الأولى سنة 1954 في فرنسا بفضل موريس لوريه الذي وضع قواعدها الرئيسية سنة 1953، فكان معدل الضريبة العادي 20% مع زيادات لغاية 23% و 25% كما كانت تتضمن معدلات منخفضة بحدود 6 و 10 %.
بدأت معظم الدول العربية فرض الضريبة على القيمة المضافة بنسب مختلفة، حيث تشكل إيرادات الضريبة على القيمة المضافة أهم مصدر للإيرادات الضريبية في الدول العربية وتساهم في إجمالي إيرادات يقدر بنحو 46 % في المتوسط.
ووفق دراسة أصدرها صندوق النقد العربي حول "النُظم الضريبية وضريبة القيمة المضافة في الدول العربية"، فإن نسبة مساهمة ضريبة القيمة المضافة تتفاوت في مجموع الإيرادات الضريبية من دولة إلى أخرى، حيث تتراوح ما بين 36.7% في لبنان ونحو 67.7 % في الأردن، مؤكدة أنه على الرغم من هذه الأهمية النسبية، إلا أن أداء الضريبة بشكل عام ظل في حدود 7.1% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعد أقل من معدلات الدول الصاعدة والنامية الأخرى البالغة في المتوسط 11.4%.
وأرجعت دراسة صندوق النقد العربي تدني نسبة ضريبة القيمة المضافة إلى الناتج المحلي الإجمالي في الدول العربية إلى انخفاض تحصيل ضريبة القيمة المضافة، حيث وصل متوسط كفاءة التحصيل خلال الفترة 2010- 2015 إلى 57%، أي أقل من متوسط دول الأسواق الصاعدة والنامية الذي وصل في العام 2014 إلى 80%.
وذكرت أن هيكل معدل ضريبة القيمة المضافة في الدول العربية يميل إلى التعدد، حيث تنتهج معظم الدول هذه الممارسة في إطار تنويع المعدلات بهدف تعزيز الإيرادات الضريبية.
احتساب الضريبة
وتختلف نسب تطبيق الضريبة بين بلد وآخر، في الإمارات والسعودية، تطبق بنسبة 5%، في حين أقر في مصر، مشروع قانون ضريبة القيمة المضافة بنسبة 13 % خلال العام 2016، على أن تزيد النسبة إلى 14 % في 2017، وخلال جلسات مناقشة القانون تمسكت وزارة المالية ممثلة فى وزيرها عمرو الجارحي، بأن يكون سعر الضريبة 14%، نظرًا لأن الحكومة تستهدف حصيلة ضريبية قدرها 32 مليار جنيه (1.8 مليار دولار تقريبا)، والإخلال بهذه النسبة سيجعل الحصيلة أقل مما وافقت عليه الحكومة موزانتها 2016/2017، وكما فسرت الحكومة تمسكها بعدم تخفيض النسبة عن 14% بأن التخفيض لا يتناسب مع توجهات حماية محدودي الدخل ورعاية الفقراء، ويفرغ القانون من مضمونه.
وفي السودان، تصل نسبة الضريبة على القيمة المضافة إلى 17%، أما في لبنان، فقد أقر مجلس النواب العام الماضي رفع الضريبة على القيمة المضافة الى 11%، بعدما كانت مطبقة بنسبة 10% مطبقة لسنوات، وذلك من أجل تمويل سلسلة الرتب والرواتب.
وتعتبر الضريبة على القيمة المضافة في لبنان من أهم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة تبعاً لمقررات مؤتمر باريس 1 و2، حيث من المفترض أن ترتفع الضريبة إلى 12% ومن ثم 15% مستقبلاً.
وفي الأردن تصل النسبة إلى 16%، وفي دول المغرب، تتراوح بين 17 و20%، ففي الجزائر تطبق بنسبة 17%، ترتفع في تونس إلى 19%، فالمغرب إلى 20%.
ونسبة الضريبة على القيمة المضافة 10% في كل من جزر القمر والصومال، وتصل إلى 14% في موريتانيا، ، بحسب بيانات "العربي الجديد".
تطبيقها عالمياً
أما بالنسبة إلى تطبيقها في مختلف دول العالم، فهي تتراوح ما بين 15 و25%، وتصل إلى 27% في المجر، تنخفض إلى 25% في الدنمارك والنرويج، والسويد.
في فنلندا تصل إلى 24%، وتنخفض إلى 23% في إيرلندا، في إيطاليا تصل إلى 22%، فيما تصل النسبة في كل من الأرجنتين، بلجيكا، هولندا إلى 21%. وتطبق فرنسا، بلغاريا، النمسا، المملكة المتحدة الضريبة بقيمة 20%. في ألمانيا تصل إلى 19%. وتصل إلى 18% في كل من روسيا وتركيا.
وفي البرازيل تصل إلى ما يقارب 17%، تنخفض في المكسيك إلى 16%، وفي جنوب أفريقيا إلى 14%، أما في الهند فتتراوح بين 12% إلى 15% بحسب السلع والخدمات.
الإيرادات المتوقعة
أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي إقرار الضريبة على القيمة المضافة بداية 2018، إلا أن بعض الدول كالبحرين والكويت، أرجأت تطبيقها، في حين بدأت السعودية والإمارات تطبيقها، بنسبة 5%، وتتوقع دول مجلس التعاون الخليجي أن تحقق هذه الضريبة إيرادات مالية كبيرة، وتساعد الدولة في الحد من العجز.
وبحسب وكيل وزارة المالية في الإمارات، يونس الخوري، من المتوقع أن تجني بلاده ما بين 10 مليارات و12 مليار درهم بين 2.7 و3.2 مليار دولار من عائدات ضريبة القيمة المضافة في العام الأول لتطبيقها.
وفي السعودية، قال علي سلامة، المدير التنفيذي لمجموعة طلال أبو غزالة في السعودية، إن ضريبة القيمة المضافة التي سيتم فرضها بنسبة 5 % مطلع يناير/كانون الثاني 2018، ستتراوح عائداتها بين 1.5% و2.5% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة.
وأوضح سلامة بحسب تقارير إخبارية أن العائدات المتوقعة للضريبة في السعودية، ستبلغ بين 22 مليار ريال و35 مليار ريال سنوياً أي بين 5.8 مليارات دولار و9.3 مليارات دولار بناء على التقديرات والأرقام الإحصائية الصادرة عن المؤسسات المالية ومنها مؤسسة النقد العربي السعودي.
وفي مصر، تمثل الضرائب التي تحصل عليها الدولة الجزء الأكبر من حجم إيرادات الموازنة العامة حيث تبلغ 75% من حجم الإيرادات كاملة، ومن المتوقع بحسب الموازنة العامة لعام 2017/2018 أن تجمع الدولة إيرادات تبلغ 834 مليار جنيه (46 مليار دولار تقريبا)، منها نحو 603 مليارات جنيه إيرادات ضريبية مستهدفة نحو 33 مليار دولار و231 مليار جنيه (12.9 مليار دولار تقريبا) إيرادات غير ضريبية.
وفي تفصيلها لحصيلة الضرائب المستهدفة، ذكرت الوزارة في بيانها المالي لموازنة العام المالي 2017/2018، أن الضرائب على القيمة المضافة بموازنة 2017/2018 تبلغ نحو 252.779 مليار جنيه نحو (14 مليار دولار) بزيادة قدرها 80.434 مليار جنيه بنسبة 46.7% عن العام الذي سبقه، مع زيادة السعر العام للضريبة من 13 إلى 14 % بدءا من أول يوليو/تموز 2017، كما جاء في قانون ضريبة القيمة المضافة رقم 67 لسنة 2016، والتطبيق الكامل والفعال لضريبة القيمة المضافة خاصة بعد صدور اللائحة التنفيذية.
في لبنان، تساهم المداخيل الضريبية بنحو 17% من الناتج المحلي، وتشكل إيرادات الضريبة على القيمة المضافة نحو 35% من إجمالي الايرادات الضريبية. وبحسب تقارير المالية فإن الإيرادات المالية التي تجنيها الدولة من فرض الضريبة على القيمة المضافة تصل إلى ملياري دولار تقريباً سنوياً، ومن المتوقع أن ترتفع، بعدما زادت الضريبة 1% منذ آذار/ مارس الماضي.
في الأردن، بحسب دراسة صندوق النقد العربي، فإن نسبة مساهمة ضريبة القيمة المضافة في مجموع الإيرادات الضريبية تصل لنحو 67.7%، وبحسب بيانات وزارة المالية، فإنه من المتوقع أن يصل حجم الإيرادات الضريبية في الأردن في العام 2017 إلى نحو مليار دولار تقريباً.
وفي تونس تمثّـل الإيرادات الضريبية 60% من موارد ميزانية الدولة. وتأتي الإيرادات الضريبية أسـاسـاً من الضريبة على دخل الأشخـاص الماديين بنسبة 20% بينما تصل الضريبة على القيمة المضافة إلى 30% والضريبة على الشركـات 30% والبقية أي حوالي 20% تأتي من ضرائب ورسوم أخرى.
ويقترح مشروع الموازنة العامة لسنة 2018 زيادة في الضرائب، ويشمل ذلك ضريبة القيمة المضافة، والضرائب على الأجور والدخل، إلى جانب إقرار مساهمة اجتماعية عامة توظف على الدخل، واستناداً إلى وثيقة الموازنة التونسية، ينتظر تسجيل زيادة في الأداء على القيمة المضافة بنقطة من 6 إلى 7% مع تسجيل زيادة في الأداء على القيمة المضافة من 18 إلى 19%.