ويبدو أن هناك ضجراً متبادلاً بين واشنطن وحلفائها العرب، بعد أن أظهرت سياسات الأولى ولغتها وحساباتها الاستراتيجية الكثير من عدم الاكتراث بقضايا الشعوب العربية وتخوفاتها وحساسيات أنظمتها، على الصعيد الإقليمي، وما تراه من مخاطر تتعرض لها.
في المقابل، يرى الأميركيون في الكيانات العربية، أنظمة قائمة أو عائمة فوق بحر النفط، لكنها في حاجة إلى الترميم الذي يلبي أغراضها الجيوسياسية.
أما الصينيون، فإنهم لا يطرحون أنفسهم كقوة إمبريالية تأخذ ولا تعطي، ويتحدثون عن البترول بمفردات مختلفة، باعتباره مسألة "شراكة استراتيجية حقيقية"، بل إنهم يتعمدون جعل أنظمة العرب تشعر بالأمان، وذلك على النقيض من سلوك الولايات المتحدة، بحسب ما أشار تقرير نشره مؤخراً مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن CSIS وهو مختص بتحليل السياسات، يُعتد بأوراقه البحثية.
بل إن إحدى الدراسات (أعدها البروفيسوران للمركز، كولن كاهل ومارك لينتش) جزمت أن واشنطن، حسمت أمرها، ليس على عدم التورط العسكري في النزاعات الإقليمية في الشرق الأوسط وحسب؛ وإنما أيضاً على الاستنكاف تماماً عن تقديم مساعدات اقتصادية تعين الدول المأزومة على عبور مراحل انتقالية.
ومع التدهور النسبي في الوضع الاقتصادي الأميركي، وصعود النمو الصيني؛ أحسّ العديد من أقطار الشرق الأوسط، أن الصين لا غنى عنها في المستقبل.
فقد جربتها هذه الأقطار من خلال مشروعات بُنى تحتية، ويتابع شركاء الصين الاقتصاديون في المنطقة، عملية إنجاز مشروعات صينية عملاقة، من بينها بناء عدد من الموانئ البحرية، الممتدة من بحر الصين الى البحر العربي، ضمن ما سمته بكين "عقد اللؤلؤ" والمشروع الوشيك البدء، على الأرض، والذي أطلق عليه القادة الصينيون "طريق الحرير الجديد" الذي يُعيد أمجاد "طريق الحرير" القديم، وهو مجموعة من الطرق المتواصلة أو المترابطة، والتي سلكتها التجارة الصينية في القرون الغابرة، وصولاً إلى الجزيرة العربية وأنطاكية.
ويطور الصينيون جيشهم، معززاً بقوات بحرية، لأن ما تعرضت له مصالحهم في تطوير حقول العراق النفطية، جعلهم يشعرون، بالعجز عن حماية هذه المصالح، والاعتماد على الأميركيين، فيما هم معنيون بالاستمرار في مد مصالحهم إلى كل بقعة في العالم!
اقرأ أيضاً: الصين تهزم ألمانيا وفرنسا وتصبح ثالث أكبر مصدر للأسلحة