أصابت غارات الجيش المصري علي درنة الليبية الإثنين الماضي 16 فبراير/شباط الجاري، من ضمن ما أصابت، حركة الصادرات المصرية إلى ليبيا في مقتل، وتوقفت تماماً بعد إغلاق السلطات منفذ السلوم البري الوحيد مع ليبيا أمام حركة الأفراد والشاحنات.
وحرمت هذه الضربات مصر من عائدات وصلت إلى 9 مليارات جنيه " 1.2 مليار دولار" قبيل الثالث من يوليو/تموز الماضي، حسب ما جاء في تقرير هيئة الصادرات والواردات، ثم تهاوت هذه العائدات في عهد السيسي إلى النصف بعد اتهام غرفة عمليات فجر ليبيا، التابعة للمؤتمر الوطني بطرابلس للنظام المصري والإماراتي ومسئوليته عن ضربات جوية في الغرب الليبي ودعم اللواء خليفة حفتر.
ولا بد هنا من التذكير أن الصادرات المصرية أنقذت الميزان التجاري المصري الهش بعد خسارة مصر لأسواق سوريا والعراق واليمن وتركيا وغيرها.
وفي مارس/آذار الماضي، دشنت مصر خطة عمل مشتركة مع الجانب الليبي لمضاعفة صادراتها إلى ليبيا وإنشاء منطقة تجارة حرة على الحدود علي غرار ما حدث مع تونس، وكذلك إنشاء طريق بري يربط الجنوب الليبي مع محافظات المنيا بجنوب القاهرة ومنطقة صعيد ويفتح آفاق جديدة لتصدير منتجات زراعية يصعب نقلها من الصعيد المصري بطريق السلوم.
وتنوعت صادرات مصر إلى ليبيا من مواد بناء وأسمدة وحاصلات زراعية خاصة الأرز المصري ومنتجات غذائية ومنتجات يدوية وصناعات هندسية، وكان أمام هذه الصادرات فرصة أن تتضاعف بعد ثورة 17 فبراير/شباط بليبيا، لولا إيواء المجلس العسكري في مصر مسئولين ليبيين في نظام القذافي خلال عامي 2011 و2012 وهو ما أغضب الثوار في ليبيا وأنعكس ذلك على فرص التصدير من مصر إلى ليبيا، ثم تراجعت الصادرات في عهد السيسي بعد أن أصبحت ليبيا ثالث أكبر سوق للصادرات المصرية بعد السعودية وإيطاليا وأحتلت مصر سابع أكبر مصدر لليبيا.
وتخسر مصر أيضاً تحويلات العاملين بليبيا والتي تخطت المليار دولار في الأعوام السابقة، بعد توجيه نداء لكل العمالة المصرية من المكتب الإعلامي لقوات فجر ليبيا بمغادرة البلاد في غضون 48 ساعة وهو ما يضيف لأعداد البطالة في مصر مليون أخري من العاملين القادمين من ليبيا، بطريقة تذكر بعودة العمالة المصرية من العراق أثناء حرب الخليج عام 1990، ترفع نسبة البطالة المتفاقمة في مصر بنسبة 25% علي الأقل وإن ادعي المسئولون في مصر الاستعداد لاستقبالهم وتشغيلهم.
خسائر مصر في قطاع المقاولات في ليبيا ليس قليل، فقد أعلن رئيس مجلس إدارة شركة المقاولون العرب المصرية أن الشركة سحبت جميع العاملين هناك بما فيهم أفراد الأمن تاركين المواقع بما فيها من معدات وآلات بعد الغارات الجوية مباشرة.
وبعيداً عن الخفايا السياسية، بات النظام المصري مندفع بجرأة لا يحسد عليها في تدمير الفرص الاقتصادية المتاحة سواء في سيناء في البداية ثم العمق الاستراتيجي الإقليمي في ليبيا وبإهمال العلاقات مع السودان في وقت تسعي فيه الدول إلى خلق عمق إقليمي مستقر يعزز فرص التنمية المتبادلة مع دول الجوار كما حدث في الاتحاد الأوروبي والنموذج التركي في تصفير المشاكل وتفعيل الدبلوماسية في مواجهة الأزمات وتبريد الحدود، بل وعابر للحدود كما في نموذج التكتل الاقتصادي لدول البركس المتباعدة.
لا أحد يتصور ألا يكون لتاريخ وجغرافية الغارات العسكرية المصرية الأخيرة تأثيرها السلبي على مؤتمر القمة الاقتصادية المقرر عقده في شهر مارس الجاري الذي تستعد له مصر في نفس الوقت الذي دعا فيه السيسي مجلس الأمن لإصدار قرار بالتدخل العسكري في الجوار الليبي.
اقرأ أيضاً: معارك ليبيا تعصف بحركة التجارة مع مصر
اقرأ أيضا: تراجع الصادرات المصرية إلى ليبيا 70٪