عرف بطبيب الفقراء، ورحيله كان صدمة لأهالي بلدته كونه حظي بمكانة في قلوبهم لإنسانيته ومساعدته لهم. هو الطبيب علي عباس، ابن بلدة كللي السورية القريبة من الحدود مع تركيا بريف إدلب الشمالي، فارق الحياة أمس الجمعة تاركاً أثرا بالغاً في نفوس أهالي بلدته والمنطقة المحيطة بها.
رئيس مكتب الإعلام في المجلس المحلي لبلدة كللي، خالد عبد الحميد غنيمي، تحدث لـ"العربي الجديد" عن طبيب الفقراء علي عباس، قائلاً: "الطبيب علي عباس من أوائل من شاركوا في الثورة السورية ببلدة كللي، وتمسك بالثورة منذ انطلاقها عام 2011 حتى وفاته، واعتقل الطبيب في ثمانينيات القرن الماضي، وبقي قرابة 16 عاما في سجون النظام، وأفرج عنه نهاية عام 1996، وكان في السنة الثالثة بكلية الطب عند اعتقاله لكن عند الإفراج عنه تابع دراسته في جامعة حلب، وبعد التخرج افتتح عيادة وكان بدل المعاينات الذي يتقاضاه رمزياً. وإضافة إلى كونه يحدد ساعة للفقراء والمحتاجين في عيادته، كان يتوافد إليه المرضى وكان يعالج من لا يملك المال مجاناً.
بعد انطلاقة الثورة لم تتغير مسيرة الطبيب علي عباس، ويقول غنيمي: "تابع الطبيب مسيرته بعد انطلاقة الثورة بمساعدة الأهالي والمصابين وكافة فئات المجتمع في البلدة. وعند اجتياح جيش النظام لها عام 2012 دمرها وأحرق بيوتها، وكان بيت الطبيب من أول البيوت التي أحرقت وهدمت، لذلك غادر إلى تركيا قرابة ستة أشهر. وبعد تكرار نداء الأهالي له للعودة أنشأ مركزاً طبياً للإسعاف الأولي، وعمل فيه ثلاث سنوات مجانا بدون أي مقابل بمساعدة كادر تطوعي إلى جانبه".
ويتابع "بعد مضي ثلاث سنوات على تأسيس المركز تبنت منظمة سيريا ريليف المركز، ووسعته.
وعن استقطاب الطبيب محبة الناس يوضح غنيمي: "الطبيب علي عباس أو طبيب الفقراء كما نعرفه، كان يحب المساعدة وأصيب بمرض السكري ليقع ويصاب بكسر، وعلى إثر ذلك بترت إحدى رجليه، ولم يستسلم وافتتح عيادة لهم، كونه لم يعد قادراً على التنقل بسيارته والذهاب للمرضى، وكان يدأب على مساعدة المراجعين فيحاول تقديم الدواء للمرضى مجاناً أو بمقابل رمزي، وحقيقة كانت وفاته صدمة لأهالي البلدة".
ويقول المواطن محمد غسان لـ"العربي الجديد": "رحل الطبيب أبو بلال صاحب القلب الطيب الخلوق بشهادة الجميع لم يدخر جهدا لمساعدة الأهالي، وحتى بعد أن اصبح مقعدا على الكرسي بسبب المرض وبتر ساقه اليسرى لم يترك العمل الطبي، كان يستقبل الجميع في عيادته، ويعاين المرضى، كانت لديه همة عالية واستمرت لديه مع بلوغه 63 عاماً".
ويضيف "حرقوا بيته وقصفوه ولم يمنعه دخوله إلى تركيا من العودة إلى مسقط راسه كللي، ولم يعقه الكرسي المتحرك عن العمل، أو ما وصل له من تعب جسدي، كان إنسانا نبيلا بكل معنى الكلمة. رحل وستبقى سيرته العطرة تحكي عنه".
ويقول مصطفى كريم، أحد أبناء بلدة كللي: "كنت أتردد دوما لعيادة الطبيب علي، وهو مختص بالأمراض الداخلية، وأغلب الأحيان عندما كنت آخذ طفلي الصغير إليه يقدم له العلاج بالمجان، وحتى بعد بتر رجله واظب على ذلك".
ويعرف أن إدلب تحوي في الوقت الحالي ما يزيد عن 4.7 ملايين شخص، بعد أن نزح ما يزيد عن نصف مليون شخص نحو مناطق الريف الشمالي فيها، الأمر الذي تسبب بضغط كبير سواء على الكوادر الطبية الموجودة في المنطقة أو على المشافي والنقاط الطبية، بالتزامن مع تقليل موارد القطاع الصحي من قبل الداعمين.