الشركات النفطية وأحجية الأسعار

11 فبراير 2015
الشركات العالمية تتضرر من تراجع أسعار النفط (جو ريدال/getty)
+ الخط -
لم تتضرر الدول المنتجة للنفط فقط من انهيار الأسعار في السوق النفطية العالمية، بل تضررت الشركات الرائدة العاملة في مجال الصناعة النفطية، وخصوصاً الشركات الأجنبية الاستثمارية العاملة في قطاع النفط. حيث تعتبر الصناعة النفطية للقطاع الخاص الاستثماري، سوقاً مهمة ومؤشراً جيداً لاستقراء وضع الطاقة خلال عام 2015. 
ويبدو ذلك بشكل واضح من خلال البيانات المالية للشركات النفطية التي بدأت تنتشر في وسائل الإعلام، وخصوصاً من قبل شركة "برتش بتروليوم" وشركة "ووذر فورد" على سبيل المثال.
حيث يشير بيان أصدرته شركة "برتش بيتروليوم"، إلى تراجع في الأرباح وانخفاض في النفقات في عمليات الاستكشاف والتنقيب، وذلك بسبب هبوط أسعار النفط. وقد سجلت الأرباح الأساسية في الثلاثة أشهر الأخيرة من عام 2014، انخفاضاً بنسبة 20%، لتصل إلى 2.2 مليار دولار. كما انخفضت أرباح العام بالكامل بنسبة 10%، لتصل إلى 12.1 مليار دولار، وعلى إثر ذلك ستخفض خطط الإنفاق الرأسمالي بواقع 4 مليارات دولار إلى 6 مليارات دولار هذا العام، وذلك نتيجة لانخفاض سعر سهم "بريتش بتروليوم" بنسبة 16% منذ الصيف الماضي نتيجة انخفاض أسعار النفط بنسبة 50%.
وفي تعليق على هذه النتائج، قال الرئيس التنفيذي لـ "بريتش بتروليوم" بوب دادلي: "إننا دخلنا الآن مرحلة جديدة وصعبة من انخفاض أسعار النفط خلال الأجلين القريب والمتوسط". وما يؤشر على كلام دادلي هو أن الشركة قد خفضت 3.6 مليارات دولار من أصولها، ليعكس هذا، الانخفاض في قيمة عمليات الشركة واحتياطاتها، وكل ذلك بسبب هبوط أسعار النفط، طبعا بعد الأخذ بالاعتبار خفض الأصول والعمليات التي تجرى لمرة واحدة. وقد سجلت الشركة خسارة قدرها 969 مليون دولار خلال العام.
إلى ذلك، ستقوم شركة "بي بي" بإعادة هيكلة الأصول المالية، والحقول النفطية التي تستثمرها، والخاضعة لعمليات التنقيب والإنتاج. وستتم إعادة الهيكلة عبر عقود الامتياز أو المشاركة بالإنتاج أو عقود البيع، بينما قد تستمر بالعمل في عقود الخدمة لأنها العقود الرابحة.
كما فقدت شركة خدمات حقول النفط "ذرفورد" نصف قيمتها في غضون ستة أشهر. وتخطط الشركة إلى خفض 5000 وظيفة في الربع الأول من عام 2015، من أصل 56 ألف موظف حول العالم، منتشرين في أكثر من 100 دولة، وبهذا الانخفاض ستنافس "ذرفورد" شركة "شلمبرجير" في الاستجابة المحدودة لانخفاض أسعار النفط.
وتقول الشركة في بيانها المنشور، بأن نصف الكرة الغربي، أي الأميركيتان وأجزاء من غرب أوروبا، هو الذي سيتحمل غالبية عمليات تخفيض الوظائف، الأمر الذي سيوفر أكثر من 350 مليون دولار سنوياً. وتركز الشركة الآن على ضمان التدفق النقدي في عام 2015. وتعلل إدارة الشركة هذا الاتجاه كونه سيزيد العائدات ويقلل من الخسائر المحتملة. فإذا انخفض سعر النفط وقل نشاطه، يتم التعويض من قبل الشركة بتقليل التكاليف وتخفيض رأس المال.
إن ارتباط أرباح الشركات النفطية بأسعار النفط العالمية، سيكون كفيلاً بفكّ عمليات الاندماج من جهة، وإعادة الانتعاش لتمويل العمليات النفطية خارج مباني الشركات الكبرى من جهة أخرى، وذلك عبر الاستثمارات الخارجية في العمليات النفطية المختلفة.
حتى اليوم، تسير أسعار النفط في مؤشر إيجابي، حيث ارتفعت إلى 58 دولاراً للبرميل نهاية الأسبوع الماضي، وهذا ما يفسر لنا جانباً من السلوك السياسي للدول المنتجة والمستهلكة. فقد بدأت الدول تعي خطورة انخفاض أسعار النفط على الاقتصاد العالمي. وهذا ما يفسر إلى حد ما الحوار بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي حول القضية الأوكرانية، وكذا بالنسبة للقضية السورية.
وهذا ما سيكون أحد المفاتيح الأساسية لتفكيك أحجية التدخل في سوق النفط من جهة، والقضاء على "داعش" من جهة أخرى. فقد تعرضت الشركات العالمية إلى أزمة كبيرة خلال الأشهر السبعة الماضية، نتيجة تركيبة العقود، والتركيز على عقود المشاركة بالإنتاج. وتقاسمت هذه الشركات المخاطر مع مالكي الحقول النفطية، سواء كانوا دولاً أو مؤسسات وطنية أو جماعات قومية. واليوم تفكر الشركات بإعادة هيكلة العقود وإيجاد عقود معيارية جديدة تحسن نموذج عقود المشاركة بالإنتاج من جهة، وتحاول خلال الفترة ذاتها تطوير أفكار ومضامين عقود الخدمة لفائدتها من جهة ثانية لتجنب انهيار الأسعار والمحافظة على الأصول المالية للشركات.
المساهمون