الشارع المصري لا يرحمُ بعض فتياته

21 يونيو 2014
لا إحصاءات رسمية حول عدد فتيات الشارع (سبنسر بلات/Getty)
+ الخط -

يُطلق عليهن "فتيات الشارع". لم يكن هذا خيارهن، أقله معظمهن. لكن الحياة أجبرتهن على ذلك، ورمت بهن إلى هذا المكان. أرادت عبير (18 عاماً) لحياتها أن تسري على نحو آخر. لكن ظروفها كانت قاسية. وجدت نفسها في الشارع، ولاحقاً أماً لطفل (18 شهراً). تقول: "ماتت أمي حين كنت صغيرة. تزوج والدي من أخرى رغم فقره. كان يجبرنا على النزول إلى الشارع لجلب المال. لم أعد أحتمل هذه الحياة، فتركت البيت لأعيش مع مجموعة من الأطفال في حديقة في رمسيس". تضيف: "كنّا نتعاطى المخدرات وأحياناً برشام صراصير(أقراص مخدرة). وفي جوٍّ كهذا، من الطبيعي أن أتعرض للاغتصاب".

لنعيمة أيضاً قصّتها. لا تختلف كثيراً عن عبير. الظروف نفسها تقريباً قادتها إلى الشارع حين كانت في الثالثة عشرة من عمرها. أرادت التخلص من قسوة والدها. تقول: "كنت أحرص على تناول برشام صراصير للهرب من واقعي"، مضيفة أنها "تعرضت للاغتصاب كثيراً". اليوم هي أم لرضيع. مع ذلك، فضلت قسوة الشارع على قسوة والدها.

عبير ونعيمة لجأتا إلى "دار الأمل" (منطقة المقطم في القاهرة)، الذي يرعى هؤلاء الأمهات وأطفالهن. ومن خلال حديثها مع الفتيات التي تأويهن، تقول صاحبة الدار، عبلة البدري، "لاحظت أن بعضهن يخرجن إلى الشارع، بعدما يكنّ قد تعرضن للاعتداء الجنسي من قبل أقاربهن". وتضيف أنه "لا يوجد إحصاءات رسمية حول عدد فتيات الشارع. لكن الأكيد أن الكثير منهن يتعرضن للاغتصاب، ويحملن، ما يؤدي إلى خلق جيل جديد من أطفال الشوارع".

وتتابع البدري أنها "هوجمت كثيراً لدى افتتاحها فرع المقطم للأمهات الصغيرات. كان الناس يرفضون التبرع لهن. في إحدى المرات، حرّض إمام أحد المساجد في الحي الناس ضدي وضد العاملين في الدار، ووصفه بدار للعاهرات. إلا أنني التقيته لاحقاً، فاستمع إلى قصص الفتيات ومعاناتهن".

وفي السياق، تقول الأخصائية الاجتماعية في الدار، شيماء عبد القادر، إن "أصعب ما تتعرض له الفتيات هو التخزين، حيث يتم حجزهن في مكان مهجور لأيام عدة، على أن يتناوب الشباب على اغتصابهن". وتضيف أن "بعض الفتيات يتعرضن أيضاً لتشويه وجوههن"، لافتة إلى أن "الفتاة تصل إلينا في حالة نفسية صعبة جداً، وتكون فاقدة الثقة في الجميع، ما يجعل من عملية تأهيلها صعبة". وتضيف عبد القادر أننا "نسعى إلى إعادة الفتاة إلى أسرتها، لكن غالباً ما ترفض ذلك خوفاً من أهلها. لذلك، نحاول تخفيف الآثار النفسية التي تلحق بهن نتيجة التجربة القاسية التي مررن بها، وتدريبهن على مهن صغيرة كالخياطة والطهي، ثم نوفر فرص عمل لهن".

من جهة أخرى، تقول أستاذة علم الاجتماع في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، عزة كريم، في دراسة حملت عنوان "أطفال وبنات الشوارع بين الاتجار وفقدان الهوية"، إن "جميع فتيات الشارع يضطررن إلى ممارسة الجنس مع من يوفر لهن مكاناً للمبيت، إضافة إلى الطعام والحماية والمال، ما يؤدي إلى نتائج كارثية على غرار حمل الفتيات". وتتابع كريم في دراستها: "تلجأ هؤلاء الفتيات إلى بيع أبنائهن بعد الولادة لعصابات منظمة أو سماسرة، بهدف الحصول على المال".

 

المساهمون