لم تأت السينما اللبنانية لمرحلة ما بعد الحرب بجديد، مجموعة من الشباب عملوا بعد تخرجهم من الجامعات على مبادرات فردية أسهمت إلى حد ما في تعرّف جيل ما بعد الحرب اللبنانية على السينما، لكن السؤال هل يقتنع هذا الجيل بما يشاهد، مع اختلاف في طريقة الطرح والنقد الموجه إلى الأفلام والإنتاج اللبناني مؤخراً؟
بعد فترة الحرب ظهر عدد من خريجي الجامعات اللبنانية بعدة أعمال سينمائية خجولة، والتي أحيت من جد يد ذاكرة الحرب في الروايات، هي باختصار عُصارة طفولة من قبل المخرجين الذين عاشوا الحرب اللبنانية وتفاعلوا معها بعد فترة الدراسة عبر وجبة سينمائية أشبه بمشروع تخرج متقن، أطلوا به إلى الشاشة الكبيرة لفترة ما بعد الهدوء النسبي التي شهدها لبنان بداية التسعينيات وحتى عام 2005.
البوسطة
لفليب عرقتنجي الذي أنتج بين عامي 2005 و2006 كان جزءاً أساسياً من سينما لبنان ما بعد الحرب، نجح عرقتنجي في "توليفة" خاصة قادته إلى المراتب الأولى بعدما نال البوسطة مجموعة من الجوائز لجهة التقنية العالية التي استخدمها عرقتنجي، إضافة إلى النص وأداء الممثلين، لكن الإنتاج ظلّ عائقاً أمام كثيرين لم يجدوا الفرصة لتقديم أفلام متشابهة بالمستوى الذي خرج به فيليب عرقتنجي واستطاع من خلاله أن يؤسس لمرحلة متقدمة للسينما اللبنانية.
غزل البنات
غزل البنات لنادين لبكي اعتبر واحداً من أهم الانتاجات عام 2007، شكل هذا الفيلم الشبابي تحولاً واضحاً في صناعة أو مفهوم السينما اللبنانية، المخرجة الشابة لعبت دور البطولة، وقالت إنه باستطاعة جيل آخر الوقوف عند رؤية في إظهار فيلم لبناني محترف لجهة التصوير والحبكة الدرامية والقصة، وذلك بعد إغراق سينما الحرب اللبنانية بأفلام "الأكشن" المستنسخة عن الغرب، واكبت فترة الحرب، مثل "عودة البطل" وغيره من أفلام لم ترتق إلى درجة سينما جيدة، كانت تعبُر بين وقت وآخر لتذكر اللبنانيين أنهم ما زالوا من صنّاع السينما رغم الظروف القاسية.
من الكليبات.. إلى السينما
في المقلب الآخر، ظهرت إلى جانب نادين لبكي مجموعة من المحاولات الخجولة لمخرجين جاءوا من خلفية عملهم في "االكليبات" المصورة، والتي شهدت نهضتها عربياً من بيروت منتصف التسعينيات.
نادين لبكي نفسها كانت اكتشاف المنتج جيجي لامارا الذي مهد لها الطريق في أعمال الفنانة الصاعدة وقتذاك نانسي عجرم، فقدمت رؤية مختلفة في "كليب" نانسي المصور "أخاصمك آه" وحملت كل هذه الرؤى إلى أول إنتاجاتها في "سكر بنات" لتكسب وتضع حجر الأساس لطموحها..
إقرأ أيضاً: جوائز ترضية لمواهب مُحترفة
سعيد الماروق اختار السينما المصرية، ابتعد عن المُنتج اللبناني وتوجه عام 2011 في فيلم يتيم من إخراجه بعنوان "365" يوم سعادة، لأحمد عز ولاميتا فرنجية، لكن تجربة الماروق ظلت أسيرة النمط المصري في "الحدوته الخفيفة" وتفوقت في نوعية التصوير أكثر منه الحبكة السينمائية..
وعمد جو بو عيد القادم من عالم الكليبات أيضاً إلى أول أفلامه عام 2012 "تنورة ماكسي"، قصة لم يكتب لها النجاح المدوي الذي انتظره بو عيد واعتبرت خطوة ناقصة للمخرج الذي تفوق في عالم "الكليبات" المصورة عن السينما.
سنوات قليلة ربما تقل عن عشر، كانت كافية للخروج مجدداً بتجارب سينمائية خجولة، لم يجمع عليها النقاد بل على العكس تماماً كانت مصدر نقد جارح لصنّاعها الذين حملوا جزءاً من خبرة متواضعة وقدموها على أنها فيلم لكنها لم تخرج عن الإطار الهزلي وفق النقاد الذين استفزتهم.
لا نغالي بالقول إن هذه الصناعة السينمائية باتت تُشكل اليوم، مع اتساع مساحة الإنتاج العربي المشترك، نقطة تحول في مفهومنا للسينما اللبنانية ونشأتها مجدداً، وعلى الرغم من الاختلاف تبدو أنها صناعة ناجحة، أقله بالنسبة للمنتجين الذين تبنّوا الفكرة، وأصبح الأمر في مفهومهم عادة موسمية أو سنوية لتقديم أعمال بدون الاهتمام بالقصة والسيناريو ولا حتى الإخراج، الأهم بالنسبة لهم القول إن السينما اللبنانية قائمة وتحقق نسبة مشاهدة عالية.
قبل ثلاث سنوات قدم المنتج جمال سنّان أول فيلم سينمائي حمل اسم "ب - ب"؛ قصة عادية لطفلة تعيش أزمة نفسية ولا تريد الخروج من ثوب الأطفال بسبب عوامل كثيرة ومؤثرات جعلتها أسيرة واقعها الطفولي، رؤية بسيطة، قريبة جداً من أذهان المتابعين والجمهور الذي يبحث عن جرعة بسيطة جداً من الترفيه.
نجاح "ب - ب" أرسى صناعة هذا النوع من الأفلام ودفع سنّان لإنتاج أفلام سنوية، من دون الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة، الأهم بالنسبة لسنّان وشركائه الوجود وتقديم مادة سينمائية، لا تهم كيفية رؤيتها أو بأي طريق تصل، ومن دون شك فإن العائدات المالية التي حققها سنان لفيلمي "ب ب" و"فيتامين" العام الماضي كانت محفزاً واضحاً في الاستمرار وتقديم هذا النوع. تؤكد زوجة سنّان الممثلة ماغي بوغصن لـ"العربي الجديد" ذلك وتؤيّد فكرة نجاح أفلام قدمتها من إنتاج زوجها..
تقول: "نقدم هذا العام "فيلماً" جديداً بعنوان "السيدة الثانية"، وذلك بعد نجاح سلسلة من التجارب المماثلة قبل عامين من "ب - ب" و"فيتامين"، وتؤكد أن "النجاح الذي حققه هذا النوع يجعلها ناجحة جداً في رأي بعضهم، بينما يوجه لها بعض آخر انتقادات من منظاره الخاص"، وتضيف بو غصن: "نحن نتقبل النقد والمديح.. ونؤمن بالجمهور الذي يتوجه إلينا للترفيه عن نفسه ما يقارب ساعتين من الكوميديا الخفيفة التي تبتعد عن الأجواء الضاغطة التي يعيشها العالم العربي وليس فقط في لبنان".
وتتابع ماغي بو غصن أن "السيدة الثانية" الذي يُبصر النور منتصف هذا الشهر "سيكون محطة لافتة وهو موجه للنخب والعموم، وفيه عناصر متكاملة تشجع على نجاحه، ومنها خبرة الكاتبة اللبنانية كلوديا مرشليان وتقنية المخرج فيليب أسمر القادم من عالم الدراما التلفزيونية، إضافة إلى وجود عناصر متكاملة في الفيلم من ممثلين مخضرمين؛ جناح فاخوري وختام اللحام وباسم مغنية، وتتابع: "إنه نوع من الكوميديا الهادفة، والتي لا أرضى أن تصنف ضمن كوميديا الهزل، يروي حكاية الشارع وعلاقته بالسلطة من منظار رئاسة الجمهورية"، ولا تنفي أن الفيلم فيه إسقاطات سياسية بدون الدخول في ملعب السياسة لأنها رواية كوميدية.
إقرأ أيضاً: "سمرا" تسابق "نص يوم"
بعد فترة الحرب ظهر عدد من خريجي الجامعات اللبنانية بعدة أعمال سينمائية خجولة، والتي أحيت من جد يد ذاكرة الحرب في الروايات، هي باختصار عُصارة طفولة من قبل المخرجين الذين عاشوا الحرب اللبنانية وتفاعلوا معها بعد فترة الدراسة عبر وجبة سينمائية أشبه بمشروع تخرج متقن، أطلوا به إلى الشاشة الكبيرة لفترة ما بعد الهدوء النسبي التي شهدها لبنان بداية التسعينيات وحتى عام 2005.
البوسطة
لفليب عرقتنجي الذي أنتج بين عامي 2005 و2006 كان جزءاً أساسياً من سينما لبنان ما بعد الحرب، نجح عرقتنجي في "توليفة" خاصة قادته إلى المراتب الأولى بعدما نال البوسطة مجموعة من الجوائز لجهة التقنية العالية التي استخدمها عرقتنجي، إضافة إلى النص وأداء الممثلين، لكن الإنتاج ظلّ عائقاً أمام كثيرين لم يجدوا الفرصة لتقديم أفلام متشابهة بالمستوى الذي خرج به فيليب عرقتنجي واستطاع من خلاله أن يؤسس لمرحلة متقدمة للسينما اللبنانية.
غزل البنات
غزل البنات لنادين لبكي اعتبر واحداً من أهم الانتاجات عام 2007، شكل هذا الفيلم الشبابي تحولاً واضحاً في صناعة أو مفهوم السينما اللبنانية، المخرجة الشابة لعبت دور البطولة، وقالت إنه باستطاعة جيل آخر الوقوف عند رؤية في إظهار فيلم لبناني محترف لجهة التصوير والحبكة الدرامية والقصة، وذلك بعد إغراق سينما الحرب اللبنانية بأفلام "الأكشن" المستنسخة عن الغرب، واكبت فترة الحرب، مثل "عودة البطل" وغيره من أفلام لم ترتق إلى درجة سينما جيدة، كانت تعبُر بين وقت وآخر لتذكر اللبنانيين أنهم ما زالوا من صنّاع السينما رغم الظروف القاسية.
من الكليبات.. إلى السينما
في المقلب الآخر، ظهرت إلى جانب نادين لبكي مجموعة من المحاولات الخجولة لمخرجين جاءوا من خلفية عملهم في "االكليبات" المصورة، والتي شهدت نهضتها عربياً من بيروت منتصف التسعينيات.
نادين لبكي نفسها كانت اكتشاف المنتج جيجي لامارا الذي مهد لها الطريق في أعمال الفنانة الصاعدة وقتذاك نانسي عجرم، فقدمت رؤية مختلفة في "كليب" نانسي المصور "أخاصمك آه" وحملت كل هذه الرؤى إلى أول إنتاجاتها في "سكر بنات" لتكسب وتضع حجر الأساس لطموحها..
إقرأ أيضاً: جوائز ترضية لمواهب مُحترفة
سعيد الماروق اختار السينما المصرية، ابتعد عن المُنتج اللبناني وتوجه عام 2011 في فيلم يتيم من إخراجه بعنوان "365" يوم سعادة، لأحمد عز ولاميتا فرنجية، لكن تجربة الماروق ظلت أسيرة النمط المصري في "الحدوته الخفيفة" وتفوقت في نوعية التصوير أكثر منه الحبكة السينمائية..
وعمد جو بو عيد القادم من عالم الكليبات أيضاً إلى أول أفلامه عام 2012 "تنورة ماكسي"، قصة لم يكتب لها النجاح المدوي الذي انتظره بو عيد واعتبرت خطوة ناقصة للمخرج الذي تفوق في عالم "الكليبات" المصورة عن السينما.
سنوات قليلة ربما تقل عن عشر، كانت كافية للخروج مجدداً بتجارب سينمائية خجولة، لم يجمع عليها النقاد بل على العكس تماماً كانت مصدر نقد جارح لصنّاعها الذين حملوا جزءاً من خبرة متواضعة وقدموها على أنها فيلم لكنها لم تخرج عن الإطار الهزلي وفق النقاد الذين استفزتهم.
لا نغالي بالقول إن هذه الصناعة السينمائية باتت تُشكل اليوم، مع اتساع مساحة الإنتاج العربي المشترك، نقطة تحول في مفهومنا للسينما اللبنانية ونشأتها مجدداً، وعلى الرغم من الاختلاف تبدو أنها صناعة ناجحة، أقله بالنسبة للمنتجين الذين تبنّوا الفكرة، وأصبح الأمر في مفهومهم عادة موسمية أو سنوية لتقديم أعمال بدون الاهتمام بالقصة والسيناريو ولا حتى الإخراج، الأهم بالنسبة لهم القول إن السينما اللبنانية قائمة وتحقق نسبة مشاهدة عالية.
قبل ثلاث سنوات قدم المنتج جمال سنّان أول فيلم سينمائي حمل اسم "ب - ب"؛ قصة عادية لطفلة تعيش أزمة نفسية ولا تريد الخروج من ثوب الأطفال بسبب عوامل كثيرة ومؤثرات جعلتها أسيرة واقعها الطفولي، رؤية بسيطة، قريبة جداً من أذهان المتابعين والجمهور الذي يبحث عن جرعة بسيطة جداً من الترفيه.
نجاح "ب - ب" أرسى صناعة هذا النوع من الأفلام ودفع سنّان لإنتاج أفلام سنوية، من دون الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة، الأهم بالنسبة لسنّان وشركائه الوجود وتقديم مادة سينمائية، لا تهم كيفية رؤيتها أو بأي طريق تصل، ومن دون شك فإن العائدات المالية التي حققها سنان لفيلمي "ب ب" و"فيتامين" العام الماضي كانت محفزاً واضحاً في الاستمرار وتقديم هذا النوع. تؤكد زوجة سنّان الممثلة ماغي بوغصن لـ"العربي الجديد" ذلك وتؤيّد فكرة نجاح أفلام قدمتها من إنتاج زوجها..
تقول: "نقدم هذا العام "فيلماً" جديداً بعنوان "السيدة الثانية"، وذلك بعد نجاح سلسلة من التجارب المماثلة قبل عامين من "ب - ب" و"فيتامين"، وتؤكد أن "النجاح الذي حققه هذا النوع يجعلها ناجحة جداً في رأي بعضهم، بينما يوجه لها بعض آخر انتقادات من منظاره الخاص"، وتضيف بو غصن: "نحن نتقبل النقد والمديح.. ونؤمن بالجمهور الذي يتوجه إلينا للترفيه عن نفسه ما يقارب ساعتين من الكوميديا الخفيفة التي تبتعد عن الأجواء الضاغطة التي يعيشها العالم العربي وليس فقط في لبنان".
وتتابع ماغي بو غصن أن "السيدة الثانية" الذي يُبصر النور منتصف هذا الشهر "سيكون محطة لافتة وهو موجه للنخب والعموم، وفيه عناصر متكاملة تشجع على نجاحه، ومنها خبرة الكاتبة اللبنانية كلوديا مرشليان وتقنية المخرج فيليب أسمر القادم من عالم الدراما التلفزيونية، إضافة إلى وجود عناصر متكاملة في الفيلم من ممثلين مخضرمين؛ جناح فاخوري وختام اللحام وباسم مغنية، وتتابع: "إنه نوع من الكوميديا الهادفة، والتي لا أرضى أن تصنف ضمن كوميديا الهزل، يروي حكاية الشارع وعلاقته بالسلطة من منظار رئاسة الجمهورية"، ولا تنفي أن الفيلم فيه إسقاطات سياسية بدون الدخول في ملعب السياسة لأنها رواية كوميدية.
إقرأ أيضاً: "سمرا" تسابق "نص يوم"