ناقضت تصريحات قوات الدعم السريع المعروفة "جنجاويد"، اليوم السبت، إفادات وزير الداخلية السودانية، عصمت عبدالرحمن، استنجد فيها بالجيش السوداني لحسم الوجود الأجنبي المدجج بالأسلحة الثقيلة في منطقة جبل عامر، الغنية بالذهب، في ولاية شمال دارفور، بعد أن فشلت الشرطة في مواجهته، وأكد الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع التابعة لجهاز الأمن، آدم صالح، سيطرتها والجيش على جبل عامر بشكل كامل، نافيًا تمامًا وجود أي أجنبي هناك.
ويعتبر جبل عامر من المناطق الغنية بالذهب في دارفور، حيث ينشط فيه التعدين الأهلي، وتغلب عليه سيطرة القبائل، وتنشأ من وقت إلى آخر نزاعات وسطها بشأن الذهب، تقود لمقتل وجرح المئات.
وأثارت إفادات وزير الداخلية السوداني، عصمت عبدالرحمن، أمام البرلمان بشأن الوجود الأجنبي بمناطق الذهب بدارفور، والذي قدرته بنحو ثلاثة آلاف شخص من دول غرب أفريقيا وتشاد والنيجر ومالي، جدلًا كثيفًا في الأوساط السودانية. وسارعت الحركات المسلحة لاتخاذ إفادات وزير الداخلية كدليل لإدانة الحكومة، واتهامها باستقطاب الأجانب من غرب أفريقيا وتجنيدهم ضمن ملشياتها لمحاربة الحركات، بينما رأى آخرون أن إفادات الوزير مؤشر لمواجهة مرتقبة بين الحكومة والمليشيات، التي سبق أن استخدمتها في حرب دارفور، بعد أن شكلت هاجسًا بالنسبة لها.
ومن المعروف أن قائد "جنجاويد" السابق، موسى هلال، سيطر على جزء كبير من جبل عامر بقوات كبيرة مدججة بالأسلحة. ووفقًا لتسريبات، فإن الرجل كسب ملايين الدولارات من عملية التنقيب هناك.
ودخل هلال أخيرًا في خلافات قوية مع الحكومة في الخرطوم، اعتكف معها في مسقط رأسه في دارفور، ودخل، في وقت سابق، في مواجهات مع الحكومة في ولاية شمال دارفور، إثر نزاعات بشأن الذهب.
وأعلنت قوات الدعم السريع، أمس السبت، توقيف أكبر مهربي الذهب والبشر على الحدود الليبية السودانية، حيث تنشط تلك القوات هناك منذ يوليو/تموز الماضي للحد من تهريب البشر عبر الحدود مع طرابلس.
وكان وزير الداخلية السوداني، عصمت عبدالرحمن، اعترف بفشل الشرطة في حسم الأجانب المتواجدين بجبل عامر للتنقيب عن الذهب بسبب عدم توازن القوى. وأشار إلى الأسلحة الثقيلة والخفيفة التي يمتلكونها، والتي لا تتوفر لدى الشرطة، فضلًا عن مناصرتهم من القبائل الموجودة هناك، بالنظر للتداخل القبلي بين الحدود.
واعتبر رئيس "حركة تحرير السودان"، مني اركو مناوي، تصريحات وزير الداخلية تأكيدًا لما ظل يثيره أهل دارفور بتجنيد الحكومة لعناصر من غرب أفريقيا، واستخراج بطاقات عسكرية لهم، وتجنيدهم ضمن قوات الدعم السريع، حيث استخدموا في حرب دارفور، ولتغيير المنطقة ديموغرافيًّا، وإبعاد سكانها الأصليين، وفق قوله. ورأى أن تصريحات المسؤول السوداني مؤشر لاشتداد الأزمة الاقتصادية، ورغبة النظام في التخلص من تلك المليشيات، لعجزه عن دفع الأموال لهم.
ويرى محللون أن المواجهة المرتقبة ستكون بين الحكومة وقوات موسى هلال، المتمركزة في الجبل، خاصة أنها أهم الفصائل الموجودة، والتي تشكل قلقًا للحكومة، وتقف عائقًا أمام المحاولات الحكومية لاستغلال الذهب الموجود بجبل عامر والاستفادة منه. حيث تعتبر المنطقة محرّمة تمامًا على الحكومة. لا سيما أن هلال الذي ساعد الحكومة في حربها على التمرد في أيامها الأولى أصبح لا مكان له بل مصدر إزعاج لها.