السيسي يخطب ود الغاضبين عليه... واعتراف غربي بتحوّله عبئاً

21 سبتمبر 2019
يعيش نظام السيسي واحدة من أصعب مراحله (الأناضول)
+ الخط -
يعيش النظام المصري بقيادة عبد الفتاح السيسي، واحدة من أصعب لحظاته، منذ الانقلاب العسكري الذي قاده على الرئيس الراحل محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز 2013، في ظل تنامي حالة الرفض الشعبي، والدعوات إلى تنحي السيسي، وسط عمليات كشف واسعة عن فساد أسرة الرئيس وبعض الدوائر العسكرية المحيطة به.
في ظل هذا المشهد الملتبس، يقف الكثير من القوى الإقليمية والحلفاء في حالة ترقب لما ستسفر عنه الساعات والأيام المقبلة، وسط أنباء بشأن تحالفات من داخل الأجهزة السيادية والمؤسسة العسكرية داعمة لدعوات إطاحة السيسي لما بات يمثله من تهديد لهيبة القوات المسلحة وأجهزة الدولة.

في هذا السياق، قال دبلوماسي غربي في القاهرة، لـ"العربي الجديد"، إن الأوضاع في مصر بشكل عام أخيراً لا تنبئ بخير للقيادة المصرية، حتى وإن تمكّنت من السيطرة على "الزوبعة" الأخيرة والتخلص ممن يقفون خلفها أو استرضائهم. وأضاف الدبلوماسي أن "النظام الحالي جعل من مصر عبئاً على الجميع سواء حلفاءه الخليجيين، أو أوروبا التي قبلت به على الرغم من الكثير من الانتقادات الموجّهة إليه، نظراً لكون الإقليم لا يحتمل أي اضطرابات جديدة، أو عدم استقرار في دولة بحجم سكان مصر".

وتابع الدبلوماسي الذي كُلّف أخيراً بإعداد تقرير بشأن الحالة المصرية، أن النظام المصري الحالي منذ وصوله إلى السلطة رسمياً عام 2014، وهو يبتز الغرب، تارة بالديمغرافيا المصرية وكون أن أي انفجار لن تستطيع أوروبا تحمّله، بسبب حجم الكتلة السكانية التي تزيد عن 100 مليون مواطن في وقت كانت فيه أوروبا فعلياً تواجه آثار الصراع السوري، وتارة أخرى بمحاربة الاٍرهاب ومنع انتقاله إلى أوروبا عبر الهجرة غير الشرعية.
وأشار المصدر إلى أن "ابتزاز النظام المصري، لم يقتصر على أوروبا فقط بل ابتز أيضاً حلفاءه في الخليج ليساومهم بشأن دعمه، مقابل التخلص من "الإسلام السياسي" وجماعة الإخوان التي يرَون فيها تهديداً لمستقبل الحكم هناك بعد ثورات الربيع العربي".

واستطرد الدبلوماسي الغربي، بالنسبة لأوروبا بات من الصعب التغاضي عن حجم الانتهاكات الحقوقية والقضاء على الحياة السياسية ودفع المشهد المصري إلى الانفجار، بسبب إغلاق المسارات السياسية، مؤكداً أن "هذا طريق معروفة نهايته، فهي محتومة وتؤدي إلى عدم الاستقرار والذي كان سبباً أساسياً لأوروبا في الصبر على النظام الحالي والتعاون معه"، بخلاف أن النظام الحالي أضاع كل الفرص على المستوى الاقتصادي، ولم يتمكن من تحقيق نمو حقيقي بشكل لا يجعل بلاده تمثّل عبئاً على من حولها.

دبلوماسي غربي آخر تحدث لـ"العربي الجديد" قائلاً: "حتماً لا نفضّل نزول المواطنين إلى الشارع مجدداً لما قد يتسبّب به من اضطرابات واسعة يصعب السيطرة عليها في وقت لا نريد فيه سورية ويمناً جديدين"، متابعاً "في الوقت نفسه نرى أن الطريق الذي يسير فيه النظام المصري يصعب استكماله لفترة طويلة، لذلك يكون التغيير من داخل النظام هو أنسب السبل في تلك الحالات، في ظل إصرار النظام الحالي على طريقة إدارته البلاد". وأكد أن "الجميع يأمل أن تُقدِم القيادة المصرية على خطوط إصلاحية عاجلة على مستوى الحياة السياسية بمزيد من الإصلاحات الحقيقية التي من شأنها منح مزيد من الأمل في طرق التغيير السلمية والتداول السلمي للحكم".


على صعيد متصل، كشفت مصادر مصرية خاصة عن محاولات من قِبل قيادات بارزة في النظام المصري لإيصال رسائل لأطراف يتوقع وقوفها خلف التصعيد الحالي، قائلة: "بعث برسائل واضحة لقيادات ووسطاء بشأن أوضاع عسكريين وضعوا في السجون وفي مقدمتهم رئيس أركان حرب القوات المسلحة السابق الفريق سامي عنان، والصادر بحقه حكم عسكري بالسجن 10 سنوات، بتهمة مخالفة القواعد العسكرية بعد إعلانه نيّته الترشح في الانتخابات الرئاسية السابقة"، موضحة أن هؤلاء الوسطاء نقلوا تعهدات بإطلاق سراح هؤلاء بعفو رئاسي.

وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن لقاءً جمع السيسي بعدد من قيادات القوات المسلحة السابقين والحاليين في إحدى قاعات مسجد المشير قبل تشييع جنازة رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق الفريق إبراهيم العرابي، أمس الأول الخميس، في حضور وزير الدفاع الأسبق المشير حسين طنطاوي، تناول ما يجري في المشهد المصري أخيراً بشأن ما يُوجَّه للقوات المسلحة من انتقادات جراء السياسات الرئاسية الحالية. وذكرت المصادر، أن السيسي تطرق خلال الجلسة التي استمرت لنحو 45 دقيقة، إلى بعض الأسماء من بينها الفريق أحمد شفيق، والفريق سامي عنان، من دون أن تذكر المصادر مزيداً من التفاصيل بشأن اللقاء الذي "اتسم فيه خطاب السيسي بالود"، على حد تعبير المصادر.

يذكر أنه كان من بين القيادات التي حضرت الجنازة، كل من وزير الدفاع السابق الفريق أول صدقي صبحي، ورئيس الأركان السابق الفريق محمود حجازي، في أول ظهور رسمي له منذ إطاحته في أكتوبر/تشرين الأول 2017، بالإضافة إلى رئيس الأركان الأسبق الفريق مجدي حتاتة، والذي كان له موقف رافض من التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.