قال تقرير لاتحاد الغرف الصناعية في السودان إن صناعة النسيج تمر بأزمة طاحنة، أدت إلى تراجع وتوقف الصناعة في البلاد في ظل تحديات وعقبات أودت بها تمثلت في ضعف الإمداد الكهربائي، وارتفاع رسوم الجمارك والضرائب على قطع الغيار، وغياب السياسات التسويقية المشجعة.
ووفقا لتقرير صدر أخيراً عن اتحاد الغرف الصناعية، فقد توقف 13 مصنعاً من جملة المصانع العاملة البالغة 16 مصنعاً، وتراجع الإنتاج من 168 مليون ياردة إلى أقل من 8 ملايين ياردة في المقابل، كما ارتفع استهلاك البلاد من منتجات الغزل والنسيج من 50 مليون متر إلى أكثر من 400 مليون متر في الكثير من التقديرات.
وكان الرئيس السوداني، عمر البشير، قد افتتح أحد أكبر مصانع النسيج في السودان بولاية الجزيرة بعد سنوات من التوقف طاولت منظومة كبيرة من مصانع الغزل والنسيج.
ومن بين المصانع التي توقفت، مصنع "الصداقة للغزل والنسيج" في الحصاحيصا بولاية الجزيرة قبل نحو 7 سنوات، بعد أن آل إلى وزارة الدفاع لإنتاج الزي العسكري، لكن ماكينات المصنع بيعت كخردة لاحقاً.
وينتج المصنع 40 طناً في اليوم من غزول القطن الخالص 100% والمخلوط بالبولستر بينما تنتج مصبغة التجهيز 36 مليون متر في السنة.
وانتقد الأمين العام لاتحاد الغرف الصناعية السودانية، عباس علي السيد، عمليات تأهيل مصانع النسيج دون الالتفات إلى تأهيل مصانع الغزل والتي تعد الحلقة الأهم في هذا المجال، مما أدى إلى فقدان السودان أسواق القطن والغزل والنسيج وفقدان القيمة المضافة من عمليات صادر القطن خاماً. لكن رئيس غرفة الغزل والنسيج باتحاد الغرف الصناعية، محمد يوسف، أرجع أسباب تدهور صناعة النسيج إلى الفشل الإداري واعتبر التكنولوجيا الحديثة هي المنقذ الوحيد للقطاع لتقليل التكلفة والأعباء الإدارية.
من جانبه، قال عثمان منوفلي رئيس النقابة العامة للغزل والنسيج لـ"العربي الجديد"، إن عدم توافر الحماية أدى إلى استيراد الأقمشة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
وأشار إلى أن هذا هو السبب الأول في تدهور قطاع صناعة الغزل والنسيج. وقال إن الصناعة تستوعب عمالة كبيرة في معظم الولايات، مبيناً أن "70%" من العنصر النسائي لا يمكن أن يهاجر من ولاية إلى أخرى، خاصة أن المصانع تقع بالقرب من مواقع الإنتاج.
أما الخبير الاقتصادي، عصام عبد الوهاب بوب، فقال في تعليق لـ"العربي الجديد"، إن إعادة الإنتاج في مصانع الغزل والنسيج تحتاج إلى رؤية اقتصادية وصناعية شاملة. وربط تحقيق نجاح في صناعة النسيج في البلاد بضرورة وضع دراسة شاملة.
ويقول بوب: من الضروري أن تكون زراعة وصناعة محصول القطن وطنية خالصة، حتى يتمكن القطاع من استغلال الميزة النسبية للقطن، باعتباره أحد أهم المعالم الاقتصادية التي يتميز بها محصول القطن في السودان.
وشدد على ضرورة البحث في مواطن الضعف وأسباب الفشل، فضلاً عن استصحاب حساب معدلات الربح والخسارة بصورة حقيقية وليس أوهاماً مبنية على الورق، على حد قوله.
ويرى محللون اقتصاديون أن سياسات الدولة أفضت إلى تدهور القطاع وخروجه من الأسواق المحلية، كما زادت من العطالة في السودان لأنها كانت توفر العديد من الفرص الوظيفية.
من جانبها، تقول نائبة الأمين العام لغرفة الصناعات بولاية الخرطوم، علوية الإمام، إن السياسات الحكومية أثرت سلباً في صناعة النسيج، لأن أقل مصنع ملبوسات جاهزة يستوعب 75 عاملاً.
وانتقدت منح إعفاءات جمركية لاستيراد ملبوسات جاهزة على حساب المنتج المحلي.
ويتفق المختصون على أن صناعة النسيج لم يتوفر لها المناخ الملائم لتنمو وتتطور لذلك لم تعمل حتى المصانع التي لم تغلق أبوابها بطاقتها الكاملة إلا في حالات نادرة.
وفي هذا الصدد، يقول الخبير الزراعي، عمر النور، إذا استمرت تلك الصناعة في التدهور والاضمحلال ستزول تماماً، حيث لا تزال الصناعة تواجه أعباء ارتفاع التكاليف وتدني الإنتاجية وهبوط الجودة في نوعية الأقطان المزروعة في السودان وعدم الربط بين زراعة القطن وصناعة الغزل والنسيج.
ويضيف إلى هذه العوامل عدم اهتمام الدولة بفتح الأسواق اللازمة في الخارج، وسط عزوف المستثمرين الأجانب عن دخول مجال الاستثمار في قطاع الغزل والنسيج.