لكن خطوة تحرير المنتجات البترولية بشكل كامل لا تبدو سهلة، قياساً بمرات عدة سابقاً حاولت خلالها الدولة تحريرها فأدت إلى احتجاجات وسخط شعبي ورفض من جانب نواب بالبرلمان.
وفي مستهل العام الحالي 2016، شرعت وزارة المالية فعلياً في رفع الدعم عن ثلاث من المشتقات البترولية، الغاز والغازولين والبنزين، وحينها قالت رئيسة لجنة الطاقة بالبرلمان، حياة حميدة، إن اللجنة أبلغت البرلمان رفضها رفع الدعم عن هذه المشتقات.
ووصل الرفض لمرحلة أن واجه وزير المالية، بدر الدين محمود، حملات انتقاد واسعة لأداء وزارته، وجمع توقيعات لاستجوابه وسحب الثقة منه، وهو ما يوضح صعوبة تحرير أو رفع الدعم عن المشتقات البترولية، التي باتت شحيحة بالفعل في أعقاب خروج النفط الجنوبي عقب انفصال جنوب السودان قبل نحو خمس سنوات.
وشهدت أسعار المنتجات البترولية منذ سبتمبر/أيلول 2013، زيادة كبيرة، بعد أن ارتفع سعر غالون البنزين إلى 20.8 جنيها (3.2 دولارات) مقابل 12.5 جنيها (1.9 دولار) في السابق، كما ارتفع سعر غالون الغازولين إلى 13.9 جنيها (2.1 دولارين) مقابل 8.5 جنيهات (1.3 دولار) في السابق.
وفى يونيو/حزيران الماضي، عممت وزارة النفط بياناً على شركات توزيع الغاز، رفعت من خلاله أسطوانة (قنينة) الغاز المنزلي إلى 70 جنيها (10.7 دولارات) ًبدلا عن 25 جنيها (3.8 دولارات).
وفى وقت لاحق، أعلنت شركة النيل الحكومية عن زيادات كبيرة لغاز الطهو بشكل متلاحق، ليصل سعر القنينة زنة 12 كيلوغراماً إلى أكثر من 100 جنيه (15.3 دولاراً) للمستهلك.
ويصف أحمد مالك، الخبير الاقتصادي، استمرار الحكومة في رفع الدعم بـ "الكارثي"، موضحاً أن من شأن ذلك زيادة التضخم والفقر، وإبعاد السلع السودانية عن المنافسة عالمياً بسبب ارتفاع كلفة الإنتاج محلياً.
ويقول مالك إن الأسعار ستزيد بنسب كبيرة، لعدم وجود تدابير مسبقة ولاستيراد السودان معظم احتياجاته بالدولار الذي وصل بالسوق الموازية إلى 15.5 جنيهاً، بينما سعره رسميا يبلغ نحو 6.6 جنيهات.
ويرى مواطنون أن رفع الدعم عن المنتجات البترولية سيزيد من الأعباء المعيشية، بينما تشير دراسة حديثة لصندوق النقد الدولي إلى أن كل 23 جنيها تقدمها الحكومة كدعم للمحروقات يذهب 22 جنيها منها لغير مستحقيه.
لكن خبراء اقتصاد يقولون إنه لا وجود أساساً لدعم للسلع في السودان بعد سياسة التحرير في تسعينيات القرن الماضي. وتشير إحصائيات غير رسمية إلى أن أرباح الحكومة تبلغ 36 سنتاً على كل لتر بنزين تبيعه للمواطن السوداني، مما يعني أن الحكومة تربح ما نسبته 40% من بيع البنزين محلياً.
ويقول محمد الناير، الخبير الاقتصادي، في تصريح إلى "العربى الجديد":" لا توجد بيانات توضح سعر استيراد الوقود الحقيقي من الخارج"، لافتا إلى أن السودان ينتج من البنزين ما يكفيه ويصدر كميات إلى إثيوبيا، لكنه يستورد غازولين وغاز الطهو لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.