السودان: اقتحام مقر "المؤتمر" في الخرطوم... والحزب يتّهم الحكومة

28 يوليو 2014
تخوّف من انفلات الأمن في الخرطوم (سمير بوول/فرانس برس/Getty)
+ الخط -
اقتحمت مجموعة مجهولة مسلّحة، مساء الأحد، دار حزب "المؤتمر" السوداني المعارض في الخرطوم وقامت بتقييد وضرب عدد من كوادر الحزب والاستيلاء على المستندات الخاصة به.

وتُعدّ الحادثة الثانية من نوعها في أقل من أسبوعين، إذ اعتدت مجموعة مسلّحة وملثّمة، الأسبوع الماضي، على رئيس تحرير صحيفة "التيار"، عثمان ميرغني، وأوسعته ضرباً الى أن فقد الوعي.

واتهم حزب "المؤتمر" السوداني الحكومة بالتورط في اقتحام مقره، بينما لا يزال رئيس الحزب، إبراهيم الشيخ، يقبع في السجن منذ ما يزيد على الشهر، عقب اعتقاله في يونيو/ حزيران الماضي، على خلفية انتقادات وجّهها الى قوات الدعم السريع، "الجنجويد"، بارتكاب انتهاكات في إقليم دارفور.

وذكر الحزب، في بيان، أن مجموعة مسلّحة "بالأسلحة الحديثة والبيضاء، مكوّنة من 12 فرداً، اقتحمت اليوم، دار الحزب في العاصمة، واعتدت على سبعة من كوادر الحزب بالضرب، واستولت على هواتفهم النقالة بالقوة، الى جانب أجهزة الحواسيب وجميع المستندات الخاصة بالحزب. كما عمدت المجموعة المسلّحة إلى تدمير الممتلكات الموجودة من أثاث وغيره".

وفتحت الحادثة الباب على مصراعيه حول تساؤلات عدة، ولا سيما أنها تُعدّ غريبة على العاصمة التي لم تشهد عملاً إجرامياً منظّماً ومخططاً له مثل تلك الواقعة، كما أنها تكررت مرتين في أسبوع واحد، وبالطريقة ذاتها وبجرأة عالية، إذ إن حادثتي اقتحام حزب "المؤتمر"، والاعتداء على ميرغني، وقعتا في وضح النهار.

وبدأت تدور تكهنات في الأوساط السودانية عن إمكان وجود رابط بين الحادثتين، إذ رأى البعض أن أجهزة بعينها في الحكومة، تحاول إسكات كل الأصوات المنتقدة لها، فيما رأى آخرون فيها محاولات من جهات لتصفية حسابات قديمة.

ولكن الأمر، في النهاية، يشير الى وجود خلل ما، باعتبار أن العاصمة تُعتبر أساس الأمن القومي في البلاد، وأي انفلات أمني فيها يهدد البلاد، ويعقّد الوضع في كل النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدبلوماسية.


وحذّر مدير إدارة المباحث الجنائية السابق، اللواء عابدين الطاهر، في حديث لـ"العربي الجديد"، من أنه "في حال لم يتم التوصل الى الجُناة سريعاً، بعد تكرار الحادثة بذات الطريقة في أقل من أسبوعين، فإن ذلك سيشجّع الآخرين على القيام بعمليات مماثلة، الأمر الذي ينذر بكارثة".

وأكد أن "تلك الحوادث لا تشبه طبيعة السودانيين المسالمة، وحتى الآن لم نجد لها تفسيراً، وربما يكون لتداخل الثقافات وانتقال الريف الى العاصمة دوراً فيها".

لكن القيادي في حركة "الإصلاح الآن" المعارضة، أسامة توفيق، أكد لـ"العربي الجديد"، أن "الحادثة نتاج طبيعي لضعف المؤسسات الأمنية في الدولة"، وحذر من تفشي هذه الظاهرة وتطوّرها في حال فشلت الحكومة في ضبط سيادة القانون.

وأضاف: "العنف لا يولّد إلا العنف، وبتنا نخشى أن ننزلق الى منزلقات خطيرة كالتي نراها ونسمع عنها في الدول من حولنا".

وحمّل الأجهزة الامنية المسؤولية عن هاتين الحادثتين، مشيراً الى أن "مسؤولية حماية الأحزاب والأفراد تقع على الدولة، وإن كانت الأجهزة الأمنية على دراية بتلك الحادثة، فهي مصيبة، وإن لم تكن تدري بها فهي مصيبة أكبر، باعتبار أن ذلك يؤكد غياب الأمن".

واعتبر الخبير الأمني، حسن بيومي، لـ"العربي الجديد"، أن "الحادثة في منتهى الخطورة، باعتبار أنها تنعكس سلباً على الأمن في العاصمة، الأمر الذي يقود لانعكاسات داخلية وخارجية ترتبط بتخوّفات البعثات الدبلوماسية الموجودة في البلاد وعلى المستثمرين الأجانب، إضافة الى تأثيرها الداخلي من خلال تخوّف المواطن على حياته واتجاهه لامتلاك سلاح لحماية نفسه، ما يساهم في انتشار السلاح في أيدي المواطنين".

ولفت الى أن "الجرأة التي تمت بها الحادثتان تؤكد أن الجهة المنفذة مرتاحة تماماً وليس هناك ما تخشاه، فالعملية التي تمت اليوم ليست عشوائية ولا ارتجالية وإنما مخطط لها بدقة وتدخل ضمن الجريمة المتكاملة".

وحذّر من انتقالها من مجرد ظاهرة الى واقع موجود، إذا لم تواجَه بالحسم المطلوب، باعتبار أنها يمكن أن تتمدّد وتتحوّل إلى ابتزاز لرجال الأعمال وغيرهم.

المساهمون