السنة الأمازيغية 2966: ما لا يعرفه العرب عن الأمازيغ

13 يناير 2016
من مسابقة ملكة جمال الأمازيغ في الجزائر 2015 (فيسبوك)
+ الخط -
يحتفل الأمازيغ كل عام في الثالث عشر من شهر يناير/كانون الثاني برأس السنة الأمازيغية، والتي بلغت عامها 2966 اليوم، ويرمز هذا التقويم إلى يوم انتصار الملك "شيشناق" الأمازيغي على الفرعون رمسيس الثاني، ومن ثمّ تأسيسه للأسرة الفرعونية الثانية والعشرين عام 950 قبل الميلاد، والتي استمر حكمها في مصر قرابة مائتي عام. وعمل على توحيد مصر وبسط نفوذه حتى فلسطين ولبنان.

تعود تسمية الأمازيغ إلى كلمة "مازيغ" أو "إمازيغن" وتعني الرجل الحر أو المتمرد الذي لا يمكن استعباده، أما تسميتهم بالبربر فهي خطأ شائع كون كلمة البربر هي كلمة رومانية كانت تطلق على كل الشعوب الأجنبية التي تعيش حول المملكة الرومانية أيا كانت هويتها، ويسمى عيد رأس السنة الأمازيغية بـ "ينّاير" وهي كلمة مكونة من "ينّ" بمعنى الأول و"آيار" بمعنى شهر، كما أنّها تعني "أول كلمة" ويقال إن معناها "في البدء كانت الكلمة"، ويحتفل الأمازيغ في الجزائر وتونس والمغرب حالياً بهذا اليوم ويقيمون فيه طقوسهم وعاداتهم التي تحيل كلها إلى طلب الخصب والنماء والخير، وقد كانت ديانتهم وثنية في سالف العصور ثم انتقلوا إلى اليهودية ثم المسيحية وظلوا طويلا عليها قبل أن يعتقنوا الإسلام إثر الفتوحات.

ومن الغريب أن يجهل العرب الكثير عن الأمازيغ رغم كونهم من الشعوب التي يتعايشون معها، فهم السكان الأصليون لشمال أفريقيا، وأسسوا حضارة غنية وممالك قوية عبر التاريخ، أشهرها المملكة النوميدية التي حكمها الملك ماسينيسا، كما يزخر التاريخ الأمازيغي بأسماء ملوك كان لهم شأن عظيم سياسياً وثقافياً وتاريخياً منهم: الملكة ديهيا، الأمير كسيلة، والملك سيفاكس، وجايا، ويوبا الأول ويوبا الثاني، وهذا الأخير ارتبط بالأميرة سيلينا وأنشأ مجلساً نيابياً وجيشاً قوياً واهتم بالفنون والثقافة فازدهرت الحياة في عهده.


وتعتبر اللغة الأمازيغية جزءاً من اللغات الآفروآسيوية، في حين يعتبرها علماء آخرون لغة قائمة بحد ذاتها، ويختلفون حول كونها من اللغات السامية، وهناك فرضية تربطها بالسومرية بل ويرجعها بعضهم إلى الكوشية، أي أنها وجدت قبل اللغات السامية جميعها ليكون عمرها بهذا أكثر من عشرة آلاف سنة، وهي حالياً تكتب بأبجدية تسمى التيفيناغ، وجدير بالذكر أنه في عام 2012 نشرت دراسة في مجلة بولس وان حددت انعزال الجينات الأمازيغية قبل حوالي 18 ألف سنة، كما تمكن علماء آخرون من عزل الحمض النووي الأمازيغي "إ1ب1ب" المختلف عن الحمض النووي العربي "ج"، مما أبعد فرضية وجود قرابة بين الأمازيغ والعرب، وعزز فرضيات ابن خلدون والعلماء الأوروبيين، والذين جزم بعضهم بكون الأمازيغ ينحدرون من بحر إيجا، وقال آخرون إنهم من شمال أوروبا.

في حين أعلن علماء ألمان في عهد هتلر بأن الأمازيغ شعب من الشعوب "الآرية" التي ينتمي إليها الألمان وكانوا يعتبرونهم من السلالات الصافية والراقية في السلم البشري، ولعل سبب ذلك هو وجود صفات وراثية متشابهة انثروبولجيا بين الأمازيغ والألمان من ناحية انتشار وجود الشعر الأشقر والعيون الملونة، كما أن دراسة أقيمت على جمجمة الكرومانيون وقام بها العالم هنري فالواس عام 1944 أكدت وجود علاقة بين جينات الأمازيغ والإنسان الأوروبي الحديث.

يبلغ عدد الأمازيغ في العالم حاليا حوالي 55 مليون نسمة، يتوزعون ضمن أقليات تتمركز بشكل خاص في الجزائر والمغرب وحتى في واحة سيوة المصرية، ويعتمدون على المحاصيل الزراعية والصناعات الحرفية، والتي تأتي على رأسها صناعة الفضة، وهي المادة المقدسة التي تتفوق على الذهب في الموروث الشعبي، إذ لا ترتدي النساء الأمازيغيات في منطقة بجاية شرق الجزائر مثلا إلا الحلي الفضية المطعمة بالمرجان المستخرج من البحر، وتعتبر تلك القطع تحفاً فنية قائمة بحد ذاتها ويعتقد في الميثولوجيا المحلية أنها جالبة للخير والنماء والخصوبة والسعادة. 


وتحتل المرأة مكانة مرموقة في التصنيف الاجتماعي وتتميز غالباً بشخصية قوية وقيادية، كونها المسؤولة عن حفظ التراث والهوية من خلال أزيائها التقليدية وصناعة الزرابي والفخار وجمع محاصيل الزيتون الذي يعتبر المحصول الأساسي ويصنع منه زيت الزيتون.

وتجدر الإشارة إلى وجود اختلافات بين مختلف المناطق الأمازيغية في شمال أفريقيا من ناحية الزي والاهتمامات وتسمية الأعراق، وحتى الموروث أحياناً بسبب اختلاف درجات تفاعل كل منهم مع المجتمع المحيط به، ولكن بالتأكيد يبقى القاسم المشترك بينهم جميعا هو الهوية التاريخية التي توحدهم وتذكرهم بجذورهم العميقة في التاريخ الإنساني، والتي يستذكرونها في مثل هذا اليوم كل عام احتفالا بـ "ينّاير".



اقرأ أيضاً: أمازيغية ملكة لجمال الورود في المغرب
المساهمون