السمنة تقتل أطفال السعودية ببطء

05 مارس 2017
3.5 ملايين طفل سعودي بدين (فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -
يعاني أكثر من 3.5 ملايين طفل سعودي من السمنة. من هؤلاء 44 في المائة سمنتهم مفرطة، وهو ما يجعلهم أكثر عرضة للأمراض المتعلقة بالسمنة، خصوصاً السكري وضغط الدم مع ما في ذلك من خطر على الحياة.

يشدد اختصاصيون في التغذية وطب الأطفال على أنّ الخطر حقيقي ولا يمكن الاستهانة به، ولا بد من وضع خطط وبرامج لمواجهة خطر السمنة التي تداهم الأطفال والحدّ منها، من خلال الالتزام بالتغذية الصحية السليمة، بالإضافة إلى إجراء دراسات وبحوث للتعرف على العوامل الصحية والاجتماعية المرتبطة بالتسبب بالبدانة في السعودية.

في هذا الإطار، تقدّر دراسة طبية حديثة أشرفت عليها وزارة الصحة، ونُشرت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أنّ عدد الأطفال المصابين بالسمنة في السعودية يتجاوز 3.5 ملايين طفل، يشكلون نحو 36 في المائة من عدد سكان البلاد، ما يجعلهم عرضة للكثير من الأمراض، ليس السكري سوى واحد منها.

تقول اختصاصية التغذية نعيمة مبارك إنّ عدم التحرك عاجلاً للحدّ من هذا الأمر سيعرّض نصف السعوديين لارتفاع ضغط الدم والسكري وانسداد شرايين القلب، وهي أمراض باتت تظهر حتى بين الأطفال، مع أنّها تعتبر نادرة بالنسبة لهذا السن. تضيف لـ"العربي الجديد": "السمنة بين الأطفال ترتفع بشكل كبير بسبب الأنظمة الغذائية السيئة، وبسبب انعدام ممارسة الرياضة، ففي عام 2011 قدّر عدد الأطفال المصابين بالسمنة في السعودية بنحو 2.8 مليون، واليوم تجاوز الرقم 3.5 ملايين، فخلال خمس سنوات كان مستوى الزيادة 700 ألف طفل، وهذا مؤشر بالغ الخطورة".

تضيف: "لا بد من تعديل السلوك الغذائي، بالإضافة إلى تثقيف الطفل بأهمية الغذاء الصحي، فالسمنة خطر يهدد سلامة الأطفال ويعرضهم إلى عدد من الأمراض العضوية والنفسية، كما أنّ زيادة الوزن عند الأطفال تؤثر بشكل سلبي على قدراتهم الإدراكية وتحصيلهم العلمي".

وبحسب ملتقى علمي جرى عقده في السعودية بإشراف من وزارة الصحة، قبل نحو شهرين، للحديث عن "ارتفاع السمنة بين الأطفال في السعودية" أكدت الإحصاءات العالمية أنّ السعودية تحتل المرتبة الرابعة عالمياً في السمنة المفرطة بين الأطفال.

ويعرّف طبيب الأطفال الدكتور ماجد البشري السمنة المفرطة بالحالة التي يكون وزن الطفل فيها أكثر بنحو 80 في المائة من الوزن الطبيعي لمن هم في مثل عمره وطوله. يقول لـ"العربي الجديد": "ليس السبب دائماً نوعية الغذاء أو الخمول، فالأسباب قد تكون وراثية، وقد تكون نتيجة لخلل في الهرمونات، وأمراض الغدد، مثل نقص إفراز الغدة الدرقية... لكن لا يمكن تجاهل الاعتماد في الغذاء على المأكولات السريعة، والمقرمشات، والحلويات، وعدم ممارسة الأطفال أي نوع من الرياضة، خصوصاً الفتيات".

يشير إلى أنّ النشاط البدني يساهم بشكل كبير في حرق السعرات الحرارية التي قد يتناولها الطفل. يتابع: "مع انتشار الأجهزة الذكية، باتت ممارسة الأطفال أي جهد بدني قليلة، وبالتالي تتكدس هذه السعرات الحرارية كشحوم في جسد الطفل الصغير، منذرة بالعديد من الأمراض المستقبلية".

تنتشر السمنة بين السعوديين بشكل كبير، فهي لا تقتصر على الأطفال. بحسب تقارير لمنظمة الصحة العالمية، تعتبر السعودية واحدة من أكثر عشر دول في العالم بمعدلات السمنة، وهي تقارير تتفق مع دراسة لوزارة الصحة السعودية نشرت في منتصف العام الماضي، كشفت أنّ 40 في المائة من السعوديين الذكور بدينون، فيما 62 في المائة من السعوديات بدينات. قدّرت الدراسات أنّ مرضى الوزن الزائد يكلفون الدولة 133 مليون دولار سنوياً بسبب ترددهم على المستشفيات للعلاج. تكشف تقارير الوزارة عن 20 ألف سعودي يموتون سنوياً بسبب أمراض متعلقة بالسمنة، وهو وضع يدفع وزارة الصحة السعودية إلى الاستنفار لوضع حلول قبل أن يصبح من المتعذر فعل ذلك.

من جهتها، تؤكد اختصاصية السمنة الدكتورة هناء عبيد أنّ حلّ مشكلة السمنة لدى الأطفال أكثر سهولة من حلّها لدى الكبار، مشددة على أنّ الكرة في ملعب وزارة الصحة. تقول لـ"العربي الجديد": "لا مجال للتدخل الجراحي لعلاج سمنة الأطفال، لكن من الممكن علاج ذلك من خلال التوعية والرياضة، فالأطفال أكثر قابلية لحرق الدهون من خلال اللعب في الخارج. وهو ما لا يجب أن يقتصر على العائلة، بل لا بدّ من مساهمة المدرسة ووزارة الصحة فيه، من خلال تفعيل حصص النشاط الرياضي، والندوات التثقيفية. والأهم أن تُمنع تماماً الأطعمة غير الصحية في المدارس، ويقتصر الطعام فيها على الأغذية الصحية".

المساهمون