السقوط الأخلاقي

20 يوليو 2015
انتشار صور الانتهاكات بحق الأسرى اقترن بتبريرات لها(فرانس برس)
+ الخط -
الصور المتداولة خلال اليومين الماضيين على مواقع التواصل الاجتماعي عن اليمن؛ والتي تظهر انتهاكات واسعة النطاق وخصوصاً في عدن، مرعبة. مبرر الرعب ليس فقط ما تعكسه هذه الصور من تنكيل بجثث يقال إنها لأسرى من مقاتلي الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في عدن، بما في ذلك صورة الشاب المسلح الذي يقف فوق جثة أحد القتلى مزهواً، فضلاً عن الصورة التي تظهر أسرى مقيدين قد أعدموا.

الأسوأ أن هذه الصور تقترن بحملة تبريرات لها من قبل مؤيدي المقاومة في عدن، حتى من دون أن يصدر أي موقف واضح من قبل القيادة السياسية أو العسكرية للمقاومة أو حتى الجيش الموالي للشرعية يحسم حقيقة الصور، عبر نفيها أو تأكيدها حتى.

صحيح أن مثل هذه الجرائم والانتهاكات لا تحدث للمرة الأولى بين الأطراف المتحاربة في التاريخ اليمني (جنوباً وشمالاً)، لكن الأخطر هو السماح بمرورها وكأن شيئاً لم يحدث، في وقت لا تزال الحرب مشتعلة، وموعد انتهائها وحسم موازين القوى فيها غير واضح، ما ينذر بموجات ثأرية وانتقامية مرفقة بانتهاكات جديدة، تزداد خطورتها في ظل اتخاذ الصراع في جزء منه، وتحديداً لدى بعض العامة، بعداً طائفياً ومناطقياً.

أما حديث البعض عن أن المطالبة بتحقيق سريع في الانتهاكات لكشف ما إذا كان الأهالي الغاضبون أو المقاومة أو حتى أي أطراف أخرى متورطة، وتحميلها مسؤولية ذلك، واتخاذ مواقف واضحة تدينها وتمنع تبرير أو تكرار هذه الانتهاكات بأي ذريعة وبغض النظر عن مرتكبيها، بمثابة ترف في الوقت الذي تستمر فيه الحرب، فإن هذه الحجج لا تعدو عن كونها مشاركة في هذه الجرائم، ودعوة ضمنية إلى ارتكاب المزيد من الانتهاكات. هي تماماً ما قد يجعل أي طرف يثبت تورطه أو حتى يبرر حدوث هذه الانتهاكات أمام خطر التحول إلى صورة طبق الأصل عن المليشيات، ويجعل الفوارق بين طرف يجتاح ويقتل ويدمر، وآخر يدافع عن أرضه تتلاشى ليجتمعوا سوية في نفس مستنقع السقوط الأخلاقي.
المساهمون