05 نوفمبر 2024
السعودية وتركيا... حلف الردع
إذا ما صحت الأنباء أن السعودية تحشد مع تركيا قوة قوامها 150 ألف جندي مقاتل مع ما يرافقها من إمكانات جوية متطورة للتدخل البري في سورية عبر البوابة التركية، فإننا سنكون إزاء مشهد غاية في التعقيد، وأيضاً، في الوقت نفسه، غاية في الأهمية، بالنسبة لمصير المنطقة ككل، وليس لسورية فحسب.
فمنذ ما يقارب سنوات خمس مضت، والعالم كله يتدخل في المنطقة، من دون أن يكون لهذه المنطقة أي رد فعل إزاء هذه الأفعال، فبعد أن انطلقت الثورة السورية، مطلع عام 2011، وبعد الأهوال التي واجهها الشعب السوري، وبعد الخطوط الحمر التي رسمها الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أمام بشار الأسد، والتي قفز عنها ها كلها بنجاح، من دون أي مشكلة، وبعد أن أصبحت روسيا لاعباً بارزاً، هي الأخرى، في ملعب الشرق الأوسط، بموافقة أميركية تامة، بات لزاماً على دول المنطقة، وتحديداً العربية السعودية وتركيا، أن تبدي رد فعلٍ، يناسب حجم ما يجري في المنطقة من مؤامراتٍ وخططٍ، لا يجب أن يبقى العرب وتركيا بعيدين عنها.
الإعلان السعودي، وعلى الرغم من أنه جاء عقب تصريح لمستشار وزير الدفاع السعودي، أحمد عسيري، أن بلاده تخطط لتدخل بري في سورية ضد تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أنه جاء أيضاً، في وقتٍ بدأت الأصوات الصادرة من أنقرة حيال التدخل الروسي في سورية تتصاعد. وبالتالي، إذا ما أخذنا تصريحات البلدين، تركيا والسعودية، حيال أهدافهما من التدخل البري، نجدها تتقاطع، فتركيا ترى في التدخل الروسي خطراً كبيراً، لأنه يمهد لاجتياح مناطق قرب حدودها، وربما تأمين أجزاء منها لصالح الأكراد، وهو ما لا ترغب به أنقرة، فإن السعودية وحديثها عن تدخل لحرب تنظيم الدولة الإسلامية بدا غريباً بعض الشيء، خصوصاً وأن التنظيم محدود التاثير على الداخل السعودي.
من هنا، يمكن القول إن داعش قد يكون غطاء للتدخل السعودي التركي في سورية، غير أن أهداف التدخل الحقيقية ربما تكون أبعد من هذا التنظيم. ولا يبدو أن أميركا مرتاحة لهذه التحركات التركية السعودية، خصوصاً وأن الترحيب الأميركي اقتصر على ما أعلنه عسيري من نية بلاده التدخل البري ضد تنظيم الدولة في سورية، في حين لم يصدر، حتى كتابة هذا المقال، أي موقف أميركي حيال ما قيل عن تحشيدات تركية سعودية قرب حدود سورية. وبالتالي، فإن أميركا قد لا ترحب بمثل هذا التدخل.
سيكون لروسيا طبعاً كلمتها حيال أي تدخل تركي سعودي في سورية، حتى لو كان مغلفاً بغلاف داعش، كما فعلت هي. وينطبق الأمر نفسه بدرجةٍ صارت أقل هذه الأيام، على إيران التي لا تريد لوجودها في سورية أن يتأثر.
وعلى الرغم من أن بعضهم يرى أن تحرك السعودية وتركيا حيال ما يجري في سورية يأتي متأخراً، إلا أنه أفضل من الوقوف بانتظار مزيد من الفعل في ساحتهم. وتشهد العلاقة السعودية التركية اليوم بأفضل حالاتها، منذ سنوات طويلة، وهو أمر يجب أن يستغله البلدان، وأيضاً الدول العربية، وتحديداً الخليجية منها، لأن استمرار الوضع في سورية على ما هو عليه، وخصوصاً بعد فشل مؤتمر جنيف 3 الذي أثبت للجميع أن لا الروس، ولا النظام السوري، ولا حتى أميركا جادون بإيجاد حل للأزمة في سورية.
من هنا، وجب اليوم على حلف الردع التركي السعودي أن يكون في مستوى المسؤولية، ويسعى، بقدر ما يمكن، أن ينتزع مناطق آمنة داخل العمق السوري، ليس لتكون حاضنة للملايين من السوريين النازحين وحسب، وإنما ليرسم إطار علاقة جديدة بينه وبين العالم الغربي، تقوم على تكافؤ القوى، وليس غير ذلك، فلقد بتنا اليوم في عالم الأقوياء الذي لا مكان فيه للضعفاء، وتلك حقيقة لا يجب أن نغفلها.
نعم، قد يكون التدخل البري مكلفاً على كل من تركيا والسعودية، لكن الأكثر كلفة حتماً سيكون الانتظار والتفرج على ما يجري، فهو لم يعد شأناً سورياً خالصاً، وإنما بات شأناً عربياً تركياً، وربما أبعد من حدود الشرق الأوسط نفسه.
يجد المتابع للشأن السوري أن النظام تخلى عن مهمته في الدفاع، حتى عن نفسه، وسلم مقاليد كل شيء للروس، حتى الإيرانيون بات موقفهم ضعيفاً في سورية، ولم تعد لهم كلمة الفصل، كما كانت قبل التدخل الروسي، وربما كان ذلك جزءاً من صفقة النووي التي وقعت معها الصيف الماضي، وبالتالي، فإن للروس أهدافاً أبعد بكثير من هدف الإبقاء على النظام، فروسيا بوتين انتظرت الرد الغربي حيال انتهاكات الأسد كل خطوط أوباما الحمراء، كما شاهدت الرد الضعيف والباهت من الغرب حيال حربها في أوكرانيا عام 2013. وبالتالي، جاء تدخلها في سورية لتفرض أمراً واقعاً بأنها قوة يجب أن يحسب لها حساب، وإن كنت أرى أن هذا الدور الروسي كان باتفاق مع واشنطن، غير أن موسكو تمادت، على ما يبدو.
حلف الردع التركي السعودي قادر على أن يقلب موازين القوى، حتى من دون الحاجة إلى تدخل بري فعلي، يكفي أن يشكل غرفة عمليات مع الثوار، ويزودهم بما يحتاجون من أسلحة متوسطة وثقيلة، عند ذاك ليس متوقعاً أن تستمر مضايا تموت جوعاً، وأن تبقى طائرات بوتين تحوم في سماء دمشق بحرية.
فمنذ ما يقارب سنوات خمس مضت، والعالم كله يتدخل في المنطقة، من دون أن يكون لهذه المنطقة أي رد فعل إزاء هذه الأفعال، فبعد أن انطلقت الثورة السورية، مطلع عام 2011، وبعد الأهوال التي واجهها الشعب السوري، وبعد الخطوط الحمر التي رسمها الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أمام بشار الأسد، والتي قفز عنها ها كلها بنجاح، من دون أي مشكلة، وبعد أن أصبحت روسيا لاعباً بارزاً، هي الأخرى، في ملعب الشرق الأوسط، بموافقة أميركية تامة، بات لزاماً على دول المنطقة، وتحديداً العربية السعودية وتركيا، أن تبدي رد فعلٍ، يناسب حجم ما يجري في المنطقة من مؤامراتٍ وخططٍ، لا يجب أن يبقى العرب وتركيا بعيدين عنها.
الإعلان السعودي، وعلى الرغم من أنه جاء عقب تصريح لمستشار وزير الدفاع السعودي، أحمد عسيري، أن بلاده تخطط لتدخل بري في سورية ضد تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أنه جاء أيضاً، في وقتٍ بدأت الأصوات الصادرة من أنقرة حيال التدخل الروسي في سورية تتصاعد. وبالتالي، إذا ما أخذنا تصريحات البلدين، تركيا والسعودية، حيال أهدافهما من التدخل البري، نجدها تتقاطع، فتركيا ترى في التدخل الروسي خطراً كبيراً، لأنه يمهد لاجتياح مناطق قرب حدودها، وربما تأمين أجزاء منها لصالح الأكراد، وهو ما لا ترغب به أنقرة، فإن السعودية وحديثها عن تدخل لحرب تنظيم الدولة الإسلامية بدا غريباً بعض الشيء، خصوصاً وأن التنظيم محدود التاثير على الداخل السعودي.
من هنا، يمكن القول إن داعش قد يكون غطاء للتدخل السعودي التركي في سورية، غير أن أهداف التدخل الحقيقية ربما تكون أبعد من هذا التنظيم. ولا يبدو أن أميركا مرتاحة لهذه التحركات التركية السعودية، خصوصاً وأن الترحيب الأميركي اقتصر على ما أعلنه عسيري من نية بلاده التدخل البري ضد تنظيم الدولة في سورية، في حين لم يصدر، حتى كتابة هذا المقال، أي موقف أميركي حيال ما قيل عن تحشيدات تركية سعودية قرب حدود سورية. وبالتالي، فإن أميركا قد لا ترحب بمثل هذا التدخل.
سيكون لروسيا طبعاً كلمتها حيال أي تدخل تركي سعودي في سورية، حتى لو كان مغلفاً بغلاف داعش، كما فعلت هي. وينطبق الأمر نفسه بدرجةٍ صارت أقل هذه الأيام، على إيران التي لا تريد لوجودها في سورية أن يتأثر.
وعلى الرغم من أن بعضهم يرى أن تحرك السعودية وتركيا حيال ما يجري في سورية يأتي متأخراً، إلا أنه أفضل من الوقوف بانتظار مزيد من الفعل في ساحتهم. وتشهد العلاقة السعودية التركية اليوم بأفضل حالاتها، منذ سنوات طويلة، وهو أمر يجب أن يستغله البلدان، وأيضاً الدول العربية، وتحديداً الخليجية منها، لأن استمرار الوضع في سورية على ما هو عليه، وخصوصاً بعد فشل مؤتمر جنيف 3 الذي أثبت للجميع أن لا الروس، ولا النظام السوري، ولا حتى أميركا جادون بإيجاد حل للأزمة في سورية.
من هنا، وجب اليوم على حلف الردع التركي السعودي أن يكون في مستوى المسؤولية، ويسعى، بقدر ما يمكن، أن ينتزع مناطق آمنة داخل العمق السوري، ليس لتكون حاضنة للملايين من السوريين النازحين وحسب، وإنما ليرسم إطار علاقة جديدة بينه وبين العالم الغربي، تقوم على تكافؤ القوى، وليس غير ذلك، فلقد بتنا اليوم في عالم الأقوياء الذي لا مكان فيه للضعفاء، وتلك حقيقة لا يجب أن نغفلها.
نعم، قد يكون التدخل البري مكلفاً على كل من تركيا والسعودية، لكن الأكثر كلفة حتماً سيكون الانتظار والتفرج على ما يجري، فهو لم يعد شأناً سورياً خالصاً، وإنما بات شأناً عربياً تركياً، وربما أبعد من حدود الشرق الأوسط نفسه.
يجد المتابع للشأن السوري أن النظام تخلى عن مهمته في الدفاع، حتى عن نفسه، وسلم مقاليد كل شيء للروس، حتى الإيرانيون بات موقفهم ضعيفاً في سورية، ولم تعد لهم كلمة الفصل، كما كانت قبل التدخل الروسي، وربما كان ذلك جزءاً من صفقة النووي التي وقعت معها الصيف الماضي، وبالتالي، فإن للروس أهدافاً أبعد بكثير من هدف الإبقاء على النظام، فروسيا بوتين انتظرت الرد الغربي حيال انتهاكات الأسد كل خطوط أوباما الحمراء، كما شاهدت الرد الضعيف والباهت من الغرب حيال حربها في أوكرانيا عام 2013. وبالتالي، جاء تدخلها في سورية لتفرض أمراً واقعاً بأنها قوة يجب أن يحسب لها حساب، وإن كنت أرى أن هذا الدور الروسي كان باتفاق مع واشنطن، غير أن موسكو تمادت، على ما يبدو.
حلف الردع التركي السعودي قادر على أن يقلب موازين القوى، حتى من دون الحاجة إلى تدخل بري فعلي، يكفي أن يشكل غرفة عمليات مع الثوار، ويزودهم بما يحتاجون من أسلحة متوسطة وثقيلة، عند ذاك ليس متوقعاً أن تستمر مضايا تموت جوعاً، وأن تبقى طائرات بوتين تحوم في سماء دمشق بحرية.